زوبعة في فنجان البرلمان الأوروبي
كاريكاتير: عماد السنوني

سعيد ابن عائشةالجمعة 11 يونيو 2021 – 15:48

بكل أسف، وبغض النظر عن “تفسير” المصطلحات، انساق 397 برلمانيا أوروبيا مع موجة التحريض الإسباني على المغرب. ولأن الأصدقاء الحقيقيين يعرفون وقت الشدة، فقد كان مفاجئا أن لا يتعدى عدد أصدقائنا في هذه المرحلة 85 برلمانيا؛ علما أن إجمالي أعضاء هذه الهيئة التشريعية، التي تعد إحدى أقوى برلمانات العالم، يبلغ 705 أعضاء.

واتهم البرلمان الأوروبي، من خلال بيانه الأخير، المغرب باستخدام ملف الهجرة و”على وجه الخصوص، للقصر غير المصحوبين بذويهم، كوسيلة لممارسة الضغط السياسي على دولة عضو في الاتحاد الأوروبي”. وكان واضحا أن المقتنعين بهذا الاتهام كانوا تحت تأثير الصور الدعائية التي تم ترويجها على نطاق واسع، والتي تروج لصورة كارثية، لمغاربة، اختاروا الارتماء في أحضان البحر بشكل جماعي في اتجاه سبتة المحتلة.

ولأن المصائب لا تأتي فرادى، وعلى الرغم من أن بيانا من هذا النوع لا يكتسي طابعا تنفيذيا أو زجريا، فإن ذلك لا يمنع من إبداء بعض الملاحظات؛ وأولاها أن البرلمان الأوروبي تعامل مع نقطتي سبتة وامليلية باعتبارهما حدودا للاتحاد الأوروبي، ما يجعل ملف المطالبة باسترجاع الثغرين المحتلين في أسوأ أيامه. كما أن الحماس الزائد، الذي انتصر لإسبانيا باعتبارها بلدا عضوا في الاتحاد الأوروبي، من شأنه تحويل المشكل من مشكل ثنائي إلى مشكل مع الاتحاد القاري بصفة عامة، إذا لم يتم تدارك الأوضاع.. فمن غير المعقول أن يتم طمس كل التراكم في العلاقات المغربية الأوروبية بجرة قلم في وقت الأزمة…

الصورة كانت مؤسفة، والبيان الصادر عن البرلمان الأوروبي كان تعليقا حرا، طالما أنه غير ملزم؛ لكن الحذر واجب في المرحلة المقبلة، ذلك أن “جهة ما” نجحت في جر البرلمانيين الأوروبيين إلى حشر كل القضايا المغربية في قالب واحد. وقد لاحظ المتتبعون كيف انتقل البيان من الحديث عن “مشكل الهجرة” ومشكل القاصرين إلى الحديث في فقرة مستقلة عن مشكل الصحراء؛ وهو الأمر الذي لا علاقة له بالحادث المعزول الذي شهدته سبتة المحتلة، حيث عبر أصحاب البيان عن احترام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، فيما يتعلق بالعملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة للتوصل إلى حل دائم ومقبول لكلا الطرفين. وعلى الرغم من أن حديث الأوروبيين بهذه الطريقة عن الصحراء لا يدعو إلى الانزعاج، لأنه يتطابق مع الموقف المغربي الذي يرى أن حل القضية مرتبط بجهود مجلس الأمن؛ فإن إثارة قضية الصحراء المغربية في هذا التوقيت يعد انحرافا عن الموضوع الأصلي.

لقد كان بإمكان البرلمان الأوروبي إغلاق هذا القوس، المتمثل في حادث معزول، لو أنه أخذ بعين الاعتبار الجهود المغربية في مجال مكافحة الهجرة، خاصة مع ما يعانيه من ضغط ملف الهجرة الإفريقية، ولولا المغرب لانتقل ملايين المهاجرين الأفارقة إلى أوروبا مباشرة.. كما كان بإمكان البرلمان الأوروبي رفض إدراج نقطة من هذا النوع في جدول أعماله، وبمسودة إسبانية، لو أن النواب أخذوا بعين الاعتبار صدور قرار ملكي يقضي بإعادة القاصرين المغاربة إلى بلادهم، مع ما يعنيه ذلك من تكلفة.. ولكن خصوم المغرب خلقوا ما يكفي من التشويش على رؤية البرلمان الأوروبي؛ لذلك، فالأيام المقبلة مخصصة حتما لتوضيح الرؤى..

البرلمان الأوروبي الصحراء الهجرة سبتة ومليلية

hespress.com