في مدينة الفقيه بن صالح، عاصمة بني عمير وبني موسى، تتعدد المشاهد والرؤى؛ فكما تختزل البنايات الاسمنتية الشاهقة والمرافق الإدارية المطلة على واجهة الشوارع الرئيسية حياة التمدن، تختزن الأحياء الشعبية والأزقة القديمة صورا تصرخ بالإهمال وفواجع الزمن القاسي المفجوع بالوعود الزائفة.

في دوار دراعو وشنيولة (حي الفتح) وبالمدينة العتيقة، يتكشف جانب من حقيقة “مدينة” مهرجان ألف فرس وفرس، حيث كانت تصرف ملايين السنتيمات من أجل فرحة عابرة تمتد على مدى حوالي أسبوع، في الوقت الذي ما تزال فيه ساكنة أحياء هامشية تقضي سنوات ضوئية من الحزن والكآبة في غياب أساسيات شروط العيش الكريم.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1608049251753-0’); });

رايف المولودي، ناشط حقوقي، قال إن “عاصمة بني عمير تحتضن تجمعات سكنية محكوم عليها بالأسى والوجع، تترقب الوعود التي تتناسل كلما حلت الانتخابات لتتبخر بعدها، ما يجعل الساكنة تعيش دوام العزلة بعيدا عن كل أشكال التمدن”.

وأضاف أن “عاصمة بني عمير تشكو من تنامي ظاهرة البطالة وقلة فرص التشغيل، ما يفسر استفحال الباعة الجائلين، خاصة بعد فشل مشروع المركب التجاري الذي كلف الدولة مئات الملايين من السنتيمات دون أن يرى النور”.

واعتبر المتحدث أن حجم الأموال المرصودة لدعم مسلسل التنمية بالمدينة لا يعكس طبيعة المشاريع المنجزة في ظل تواجد أحياء فقيرة تعيش خارج زمن محيطها المتغير، رغم اعتبارها خزانا انتخابيا، مشيرا إلى أن “المجلس الجماعي للفقيه بنصالح، الذي يوجد على رأسه محمد مبديع، الوزير السابق والبرلماني عن حزب الحركة الشعبية، لم يفلح في تضميد جراح مئات الأسر التي تشكو من هشاشة البنية التحتية.

واسترسل المولودي قائلا: “في الوقت التي يزداد فيه الوضع سوءا بعدد من الأحياء بالمدينة وتتناسل فيه الإشكالات التنموية، سجلت هيئات سياسية وحقوقية، من خلال بيان مشترك، ظهور علامات الثراء الفاحش على بعض مسؤولي التدبير العمومي بالجماعة الترابية”، مشيرا إلى أن حماة المال العام يتوفرون على تقارير رسمية عن وجود اختلالات جسيمة في تدبير شؤون ومصالح بلدية الفقيه بن صالح، وانحراف خطير في اتباع المساطر والقانون.

وشدد الفاعل الحقوقي ذاته على أن “هناك أموالا طائلة جرى صرفها على مشاريع في الأوراق، كما أن هناك صفقات ودراسات مشكوكا فيها، منها صفقة تقدر بحوالي 800 مليون سنتيم حول مشروع التطهير الصحي”، متسائلا عن مآل المركب التجاري الذي كان بإمكانه حل مشكل الباعة الجائلين بالمدينة، معربا عن تخوفه من أن يكون هناك تواطؤ من طرف السلطات التي تتراخى في تحرير الساحة من الفراشة عبر توفير حلول بديلة.

واعتبر المتحدث أنه “بدون ربط المسؤولية بالمحاسبة وتكريس الشفافية في تدبير الشأن العام، سنسهم في استفحال ظاهرة العزوف الانتخابي، خاصة وسط الشباب”، مشددا على أن غياب المصداقية في هذه المجالس الجماعية سوف يضرب مبدأ تعزيز الديمقراطية الذي جاء به دستور 2011.

وقال باهي الكبير، وهو من ساكنة دوار دراعو، أحد أفقر الأحياء الهامشية بالمدينة، “إننا نرغب بأن نحيى كباقي المغاربة بكرامة وبأبسط شروط العيش، ومن يعتبرنا مدفوعين من جهة ما عليه إلا زيارتنا للاطلاع على معنى العيش الضنك، وحجم البؤس والشقاء الذي تتخبط فيه الأسر المفجوعة بوعود السياسيين، في ظل انعدام أدنى شروط العيش الكريم”.

وذكرت متضررة من الوضع، رفضت الكشف على هويتها للعموم، أن حي الفتح “دوار شنيولة” مازال يعاني إلى حد اليوم من مخلفات المياه العادمة، وأن محنة القاطنين بالحي تزداد سوءا، سواء خلال فصل الشتاء حيث تغمر مياه الأمطار بعض المنازل المجاورة لـ”الفراغة”، أو أثناء فصل الصيف حيث تشتد الروائح الكريهة، ما يحول حياة الناس إلى جحيم.

وأضافت المتحدثة أن انتشار البعوض والذباب على طول “الفراغة” يتسبب في ظهور بعض الأمراض، خاصة في صفوف قاطني “دوار شنيولة” وبعض الأحياء المجاورة، مشيرة إلى أن عمليات حفر قد انطلقت مؤخرا، لكنها لا تعلم ما إذا كانت تهم ساكنة الحي.

وكشفت تصريحات متطابقة لهسبريس عن الأمل في مبادرة تنموية للدولة تستجيب لمتطلبات السكان المتضررين بمختلف أحياء المدينة، خاصة الهامشية منها، وتقلص من حجم العزلة التي فرضتها سياسة الآذان الصماء التي ينهجها المجلس الجماعي تجاه بعض الملفات المطلبية العالقة.

وأوضحت التصريحات أن البعض من هذه الأحياء مازال تعيش على هامش الزمن المغربي، ما يفسر عجز المجلس الجماعي عن حلحلة بعض المعضلات التنموية المحلية التي تجسدها مظاهر البؤس والهشاشة الاجتماعية، مضيفة أن “هذه الأحياء تضم كثافة سكانية مهمة، كما تضم الكثير من الأوجاع جراء الإهمال والاستغلال الانتخابي”.

وأشاد المصرحون لهسبريس بـ”بيان الهيئات السياسية والحقوقية التي دعت الجهات القضائية المختصة إلى التدخل طبقا للقانون لإحالة ملف جماعة الفقيه بن صالح على القضاء ومحاكمة المفسدين وناهبي المال العام”، مؤكدين أن “المغاربة سيتفاجؤون بحجم الفساد المستشري في المدينة التي تتطلع لتنمية حقيقية تنهي معاناتها مع السياسات التدبيرية لمجالس لا يهمها سوى تلميع صورتها على حساب مواطنين يائسين من تغيير قد يأتي وقد لا يأتي”.

The post ساكنة الفقيه بنصالح تتطلع إلى الانتخابات المقبلة لإنهاء "الوعود الزائفة" appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

hespress.com