تستنكر ساكنة دور الصفيح بدواوير مدينة تمارة، نواحي الرباط، محاولة تعويض ترحيلها من مساكنها الحالية بشقق لا تستطيع توفير مقابلها المالي، لتجاوزها 10 ملايين من السنتيمات.
ومن بين السكان من قطنوا هذه المساكن لمدة تزيد عن أربعين سنة، بعدد من دواوير تمارة الصفيحية، ويطالبون بالاستفادة من قطع أرضية، لا من شقق يرون أنها غير لائقة للعيش ويصفونها بـ”علب السردين”، قائلين إنهم لو كانوا يتوفرون على المقابل المطلوب، سواء تسبيقه أو مبلغه الإجمالي، لاقتنَوا مساكنهم الخاصة وحسنوا وضع عيشهم.
وترفض فئة من الساكنة نقلها إلى مدينة الصخيرات، بينما التزاماتها المهنية والشخصية مرتبطة بتمارة، وتطالب بحل يراعي وضعها الاجتماعي.
ويقول بيان توضيحي لقاطني أحياء الصفيح بتمارة، عممته تنسيقية دوار الجديد لدور الصفيح، إن هذه الساكنة المغربية: “تعاني منذ عدة سنوات من معالجة سلطوية انفرادية لملف إعادة إسكانها، يطبعها الإهمال والارتجال، وتميزت في عدد من الأحيان بالشطط واستغلال النفوذ، دون إشراكها والاهتمام بهشاشة وضعيتها الاجتماعية، وبتحملاتها ومتطلباتها المعيشية”.
ورفضت الساكنة، في بيانها، ما أسمتها “القرارات السلطوية غير المدروسة والمخلّة بالالتزامات المكتوبة السابقة، بحشرنا في علب سردين، في ظروف مالية واجتماعية ونفسية متردية”، وأدانت “قرار مجلس جماعة تمارة الحالي التخلي الملتبس والمتهوّر عن الوعاء العقاري الذي تم نزع ملكيته منذ سنة 2005، وكان مخصصا لإعادة إسكان قاطني أحياء الصفيح بتمارة”.
ووجهت الساكنة نداء إلى ملك البلاد محمد السادس للتدخل لإنصافها، “وإصدار أوامره السامية بإجراء تحقيق بشأن مسار هذا الملفّ”.
وكانت آخر الأشكال الاحتجاجية لساكنة الدواوير الصفيحية المذكورة وقفة أمام مقر المجلس الجماعي بتمارة، بلافتات جاء فيها” “الشعب يدفع ثمن سكوته”، و”عطيني حقي نمشي بحالي” و”الحكرة” و”أين هو الحل وإلى متى؟”، رفضا لـ”إعادة الإيواء بمنطق الترحيل والتهجير والغصب”.
في هذا السياق، يقول مصطفى رابح، فاعل جمعوي، إن هناك “خلطا” بين فئات الساكنة، إذ “صار الجميع متشابهين ومتساوين، بعدما لم يُؤخذ بعين الاعتبار إنصاف السكان الأوائل للدواوير الذين اشتروا الأرض التي يقطنون بها منذ أزيد من أربعين سنة، ثم وجود من اشتروا ‘صكّا’ (بون)، بـ 15 ألف درهم، للسكن”.
وتبرز خطورة الأمر، وفق تصريح الفاعل الجمعوي لجريدة هسبريس الإلكترونية، في أن هناك فئات دخلت لتوها تسترزق من “دور الصفيح”، علما أنها ليست من ساكنة “البرارك”، ولا تعاني صعوباتها.
المشكل الثاني، حَسَبَ المصرح، هو أن كل تراكم للحوار مع المسؤولين قد ألغي، علما أن حوار الساكنة بلغ اللقاء بنبيل بنعبد الله عندما كان وزيرا للإسكان.
عوض ذلك، يقول رابح: “نفاجأ بشقق علينا أن نؤدي بدلها عشرة ملايين، وسيكون المستفيدون منها هم ذوو الأقدمية؛ علما أن الساكنة ترفض هذا الثمن الكبير جدا، الذي هو مثل ثمن البيع”، وهو ما يضاف إلى مشاكل السكن في العمارات، بعد الانتقال من مساكن خاصة بالعائلات.
وزاد الفاعل الجمعوي ذاته: “المشكل الأعظم هو أنه لم يستشر معنا أحد، لا كمجتمع مدني ولا كمواطنين، ففوجئنا بعدما سبق أن قال لنا الوزير إنه لا يمكن أن نرحَّل إذا لَم يعجبنا البديل بأننا نعتبر الآن وكأننا لم نكن قاطنين”.
ويثير المتحدث إشكالا آخر يعاني منه جزء من الساكنة، بعدما أخبروا بأن شققهم ستكون بالصخيرات، علما أنهم “يشتغلون في الرباط وتمارة، والآن يتطلب الانتقال إلى أماكن شغلهم مسافة طويلة، إضافة إلى الثمن المرتفع”.
ويتشبث رابح بأن منبع المشكل هو “انعدام الحوار والاستشارة”، قبل أن يجدد التأكيد على مطلب منح مَن لهم صكوك “ذوو الأذنين” بقعا، والانتباه إلى من لهم شقق، فعشرة ملايين “مبلغ مبالغ فيه”.