كشف ديفيد كوفرين، القائم بأعمال مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط، في حوار مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن وفداً إسرائيليا رسمياً سيحل بالمغرب من أجل وضع اللمسات الأخيرة بخصوص إطلاق الخط الجوي بين المغرب وإسرائيل.
كما كشف السفير كوفرين، في حواره هذا، أن افتتاح مكتب الاتصال المغربي في تل أبيب ونظيره الإسرائيلي في الرباط سيتم بشكل رسمي في غضون الأسابيع القليلة المقبلة، مشيرا إلى أن هذا الافتتاح سيتم في الوقت نفسه بعد العيد اليهودي الفصح (يُحتفل به في شهر أبريل).
وأشاد السفير الإسرائيلي بشجاعة سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وقال إن توقيعه على الاتفاق الثلاثي بين المغرب وإسرائيل وأمريكا يعبر عن الجهة “البراغماتية” داخل قادة التنظيم الإسلامي.
ولأول مرة، تحدث السفير الإسرائيلي عن ملف الصحراء المغربية والاعتراف الأمريكي بالسيادة المغربية على الأقاليم الجنوبية، وأكد في حواره مع هسبريس أن إدارة بايدن لن تتراجع عن قرار دونالد ترامب.
وشدد السفير كوفرين على أن الاتفاق الثلاثي الموقع جاء في إطار “رُزمة واحدة”، مشيرا إلى أن “الإدارات الأمريكية على مر التاريخ الأمريكي أيدت ودعمت العلاقات السلمية بين دولة إسرائيل والعرب بشكل عام، وخاصة العلاقات السلمية بين إسرائيل والمغرب”.
إليكم نص الحوار كاملاً:
ما هو انطباعك الأول عن المغرب والمغاربة؟
انطباعي الشخصي إيجابي جداً..استمتعت كثيرا في جولاتي بمدن مختلفة في المغرب. زُرت الدار البيضاء وطنجة وفاس.. البلد كلها جميلة جداً والأشخاص لطيفون وطيبون وكرماء.
هل وجدتم صعوبة في فهم الدارجة المغربية؟.
لا لم أواجه أي صعوبة، خصوصا أن المغاربة يتحدثون اللغة العربية الفصحى بشكل جيد جدا؛ ولهذا السبب لم يكن لي أي مشكل في التعامل معهم.
برأيك ما الذي يميز العلاقات المغربية الإسرائيلية في محيطها العربي، لاسيما أن الرباط تتحدث عن استئناف العلاقات وليس عن تطبيعها كبقية الدول العربية المطبعة؟.
هذا صحيح، المقصود هو استئناف العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل. كما هو معروف العلاقات الإنسانية والاجتماعية والثقافية بين الشعبين الإسرائيلي والمغربي كانت ومازالت متسمرة لمدة طويلة، ولهذا السبب نعتبر الأمر بمثابة استئناف للعلاقات وليس إقامة علاقات بين البلدين.
ماذا عن موعد الافتتاح الرسمي لمكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب؟.
نتوقع افتتاح مكاتب الاتصال بشكل رسمي في تل أبيب والرباط في الفترة القادمة، أي بعد أسابيع.
وأنا أعتقد أن الافتتاح سيتم في الوقت نفسه بعد العيد اليهودي الفصح (يحتفل به في شهر أبريل من كل سنة).
صرحتم بأن انطلاق الرحلات الجوية بين المغرب وإسرائيل سيتم في غضون الشهر المقبل..هل من موعد نهائي؟.
كما تعلمون، إسرائيل والمغرب وقعا اتفاقا يقضي بتنظيم رحلات جوية مباشرة بين البلدين. كان من المفروض أن تبدأ الرحلات المباشرة في بداية شهر أبريل المقبل، لكن تم تأجيل موعد انطلاقها بسبب جائحة كورونا.
نحن نتوقع زيارة وفد إسرائيلي رسمي إلى المغرب لمباشرة استشارات ومناقشات مع الجانب المغربي بهذا الشأن.
هل ستكون وزيرة السياحة المغربية على رأس هذا الوفد؟.
لا. الأمر يتعلق بوفد إداري وأمني من أجل ترتيب كل الإجراءات المتعلقة بهذه الرحلات الجوية على مستوى الموظفين طبعاً.
استئناف العلاقات بين المغرب وإسرائيل أثار نقاشاً واسعاً في الساحة السياسية المغربية بين مؤيد ومعارض.. كيف تابعت هذا السجال؟.
بالنسبة لنا الخلاف هو أمر طبيعي، وكما يقول الناس الخلاف لا يُفسد للود قضية.
طبعا النقاش يستمر، إنما الأغلبية الساحقة من المغاربة تُؤيد بلا شك استئناف العلاقات بين إسرائيل والمغرب.
لكن حزب العدالة والتنمية الذي يترأس الحكومة يصطف ضمن خانة المعارضين، إلى جانب تنظيمات إسلامية أخرى، رغم أن زعيم الحزب سعد الدين العثماني وقع على الاتفاق الثلاثي. هل تخططون لفتح حوار مع معارضيكم في المغرب؟.
نحن دائما مع الحوار..الحوار هو وسيلة مهمة للتقارب بين الشعوب وللتقارب بين آراء مختلفة ووسيلة مركزية في تقريب العلاقات بين الناس بشكل عام.
كما ذكرت رئيس الوزراء الذي يرأس أيضا حزب العدالة والتنمية هو الذي وقع بنفسه على هذا الاتفاق، وهو أمر يعبر عن الجهة البراغماتية الموجودة في جزء من قادة الحزب.
في جهة المؤيدين توجد الحركة الأمازيغية المغربية التي وصفت عودة العلاقات مع إسرائيل بـ”النصر التاريخي”.. في نظرك لماذا يدافع النشطاء الأمازيغ بشكل متزايد عن إسرائيل؟.
ليست لدي أي علاقات بالحركة الأمازيغية..هذه الحركة سياسية ونحن كدولة إسرائيل وكممثل لها في المغرب لن أتدخل في الشؤون الداخلية.
وصفت “الربيع العربي” بـ”الخريف الإسلامي” أو بـ “الهزات” في كتاب لك. ونحن نحيي الذكرى العاشرة كيف تقيم انعكاسات هذه الثورات الاجتماعية على الدول العربية اليوم؟.
الربيع العربي أدى إلى أضرار هائلة وحتى إلى حروب أهلية في عدة دول بالمنطقة، من قبيل سوريا والعراق واليمن وليبيا. بالنسبة لمصر مثلا الربيع العربي لم ينجح في تحقيق أهدافه من الناحية السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
لكن بالنسبة للمغرب الوضع مختلف، فجلالة الملك اتخذ قرارا يقضي باحترام إرادة الشعب المغربي وحرص على إدماج الجهات الإسلامية وحزب العدالة والتنمية في الحكم، ونجح في مواجهة التحديات والتغلب على الصعوبات بهذه الطريقة السلمية.
هل تعتقد أن إدارة بايدن قد تتراجع عن الاتفاق الثلاثي الموقع بين المغرب وأمريكا وإسرائيل، ومن ضمنه الاعتراف بمغربية الصحراء؟.
أعتقد أن الإدارة الأمريكية الجديدة لن تتراجع عن هذا الاتفاق الثلاثي.
المقصود هو رزمة واحدة، وكما هو معروف الإدارات الأمريكية على مر التاريخ الأمريكي أيدت ودعمت العلاقات السلمية بين دولة إسرائيل والعرب بشكل عام، وخاصة العلاقات السلمية بين إسرائيل والمغرب.
ولهذا السبب أنا مقتنع بأن الإدارة الأمريكية تساند وتؤيد العلاقات السلمية بين إسرائيل والمغرب.
إذن أنتم لا تخشون من تراجع المغرب عن استئناف العلاقات مع إسرائيل في حالة تراجع الإدارة الأمريكية عن الاعتراف بمغربية الصحراء؟.
لا أتصور حدوث هذا السيناريو. كما ذكرت التأييد الأمريكي للعلاقات السلمية بين المغرب وإسرائيل هو تأييد قوي، وأنا متأكد من أن المسيرة ستستمر.
يدعم اليهود المغاربة في إسرائيل والعالم بشكل قوي مغربية الصحراء..كيف تنظر تل أبيب إلى هذا النزاع الإقليمي؟.
إسرائيل كدولة تؤيد إحلال السلام في كل المنطقة وتشجع الأطراف المعنية للتفاوض والقيام بإجراءات سلمية. طبعا الإسرائيليون من أصل مغربي يؤيدون المغرب في كل شيء إلى درجة أنهم يشجعون المنتخب المغربي لكرة القدم. ونحن سعداء بالمواطنين الإسرائيليين من أصل مغربي.
هل يعني هذا أن إسرائيل تدعم مبادرة الحكم الذاتي بالأقاليم الجنوبية؟.
نحن ندعم أي حل سلمي لهذا الصراع، وأنا متأكد مع مرور الوقت أننا سنجد الحل السلمي.
هل تنوي الحكومة الإسرائيلية الانخراط في دينامية الاستثمار العالمية بالصحراء المغربية؟.
الاستثمارات تتعلق برجال أعمال وشركات خاصة، وهذه جهات مستقلة في اتخاذ أي مبادرة بالنسبة لاستثماراتها.. المسألة مسألة اقتصادية وربحية، ولهذا السبب الأمر يتعلق بها.
ما هي أبرز مجالات التعاون المرتقبة بين المغرب وإسرائيل، بما في ذلك التعاون الأمني والعسكري؟.
أنا أعتقد أن عددا من المجالات يمكن لإسرائيل والمغرب التعاون بشأنها؛ أولا الطاقة المتجددة والمياه والزراعة والسياحة والتجارة والاقتصاد. إسرائيل والمغرب يمكنهما التعاون في شتى المجالات، وأنا متأكد بعد مرور الوقت أننا سنحقق الأهداف المشتركة من أجل المصلحة المشتركة للشعبين.
ماذا عن تقوية التعاون الأمني والعسكري؟..هل يحضر البلدان لصفقات في هذا المجال؟.
المغرب وإسرائيل يواجهان التحديات نفسها؛ سواء أمنية أو في مجال مكافحة الإرهاب والأنشطة الإيرانية في كل المنطقة. التهديد الّإيراني هو تهديد واضح ويحتاج إلى تعاون من كل دول في المنطقة، ونحن كدولة إسرائيل نتشاور مع كل أصدقائنا بهذا الشأن، بما في ذلك المغرب.
تحضر إسرائيل لتحالف أمني دولي جديد ضد إيران بمشاركة الإمارات والبحرين.. هل سيكون المغرب حاضرا في هذا التحالف المرتقب؟.
البحرين والإمارات يواجهان تهديدات مباشرة من إيران، لكن بقية الدول في المنطقة تواجه تهديدا إيرانيا بشكل غير مباشر؛ ولهذا السبب يجب أن نبحث أساليب مشتركة لمواجهة هذه التهديدات والتحديات.
هناك تفاؤل فلسطيني بمفاوضات جديدة مع إسرائيل.. كيف يمكن لعودة العلاقات المغربية الإسرائيلية ورئاسة الملك محمد السادس للجنة القدس أن تساعدا في حل هذا الصراع؟.
كما تعرفون، المغرب لعب دوراً مهماً في الثمانينيات والتسعينيات كوسيط بين إسرائيل وفلسطين وبين إسرائيل ومصر أيضاً، من أجل توقيع اتفاقيات السلام. إسرائيل ترحب بالدور المغربي في هذا الشأن. المغرب يعتبر نموذجا للتعايش والتسامح في كل المنطقة، ويعكس سياسة عقلانية، ولهذه الأسباب نحن نؤمن بأنه يمكن أن يدفع بعجلة السلام إلى الأمام.
هل بدأ فعلا تنسيق مغربي مع إسرائيل في سياق إحياء هذه المفاوضات؟.
للأسف. الفلسطينيون يصرون على وضع شروط مسبقة، وإسرائيل لا يمكنها أن تبدأ مفاوضات على هذا الأساس. المفروض أن تنعقد هذه المفاوضات بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني من أجل حوار مفتوح ومن أجل إيجاد حل سلمي لكل القضايا العالقة، لكن بدون شروط مسبقة، وطبعا باعتراف واحترام متبادل.
هل ترى أن تشتت الوحدة الفلسطينية يعقد نجاح المفاوضات؟.
بدون شك، لأنه في غزة توجد سلطة “حماس” المتطرفة وفي الضفة الغربية توجد سلطة ثانية وهي “فتح”.. والسلطتان تعتبران عرقلة لبداية المفاوضات. نحن نحتاج إلى سلطة واحدة من أجل إيجاد حل سلمي للقضية الفلسطينية كلها.
كلمة أخيرة في نهاية هذا الحوار..
الله يبارك فيكم وشكرا بزاف.
[embedded content]