في ردّه على موقف خارجية “موسكو” بشأن الاعتراف الأمريكي بمغربية الصّحراء، قال السّفير المغربي في روسيا، لطفي بوشعرة، إنّ “الولايات المتحدة اتخذت قرارها بكل سيادة وبشكل مستقل”، مبرزا أن “هذا القرار ليس معزولا، فهناك عدد متزايد من الدول التي تعترف بمغربية الصحراء”.

وشدّد الدّبلوماسي المغربي في حوار أجراه مع موقع “سبوتنيك” الرّوسي على أنّ “هذه الدول تعترف بمغربية الصحراء انطلاقا من معرفة بتاريخ المغرب، الذي يوجد كدولة منذ أكثر من 12 قرنا، وكانت الصحراء جزءا منه على الدوام”، موردا أنها “تعترف أيضا بمغربية الصحراء لاحترامها الصارم للقانون الدولي؛ واحترام السيادة ووحدة أراضي الدول يعد مبدأ أساسيا في القانون الدولي”.

وكانت الخارجية الروسية اعتبرت أن اعتراف الولايات المتحدة الأمريكية بالسيادة المغربية على الصحراء يتنافى مع القانون الدولي، وخرق لقرارات مجلس الأمن، حسب تصريحات نائب وزير الخارجية الروسي.

ولفت مدير الدّبلوماسية المغربية في روسيا الاتحادية الانتباه إلى أن “المقطع الرابع من المادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة ينص على ذلك بشكل واضح”، مضيفا: “هذه الدينامية القائمة على اعتراف العديد من الدول بسيادة المغرب على صحرائه ستُستكمل، ولا يمكن الرجوع للوراء، لأنها تتماشى مع مسار التاريخ”.

واعتبر السفير أنّ “مسألة الصحراء بالنسبة للشعب المغربي ليست فقط مسألة يتم طرحها في مجلس الأمن، بل هي مسألة أساسية ووجودية تتعلق بمصير الأمة”؛ مردفا: “يجب على الدوام أن نتذّكر هذه النقطة عندما نتخذ موقفا تجاه مسألة الصحراء”، ومبرزا أن “المغرب وروسيا أمتان قديمتان تحرصان على احترام هويتهما، وتقيمان علاقات دبلوماسية منذ نهاية القرن الثامن عشر، وتربطهما شراكة إستراتيجية تعمّقت منذ عام 2016”.

وعرّج الدبلوماسي المغربي في حواره على ما اعتبره الموقع الرّوسي “مقايضة” تمّت بين الرباط وواشنطن، إذ وضّح أنه “من غير المجدي وغير الواقعي أن نبحث عن دوافع لنزرع الشقاق لدى الشعب المغربي، خاصة عندما يتعلق الأمر بالحفاظ على وحدة أراضي المغرب وأيضاً بالدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة”.

وتابع السّفير: “يجب التنويه بأن ما جرى ليس تطبيعا ولا مبادلة. الدبلوماسية المغربية قائمة على مبادئ، ونحن نتحمل مسؤولية خياراتنا”، مبرزا أن “القرار الذي اتخذ بإقامة مكاتب صلة بين المغرب وإسرائيل هو عمل يندرج في سياق عملية بناءة للترويج للسلام في المنطقة. ولطالما سعى المغرب إلى التقريب بين الشعوب وخلق مساحات حوار من أجل تعزيز السلام”.

وعند سؤاله عما إذا كان هذا الإجراء سيزيد تعقيدات المسألة الصحراوية والتوترات في المنطقة المغاربية وخاصة مع الجزائر، قال بوشعرة: “في حال لم تكن للجزائر علاقة بهذا الخلاف كما تدعي دائما، فكيف إذا ستكون معنية بالقرار الأمريكي؟ نحن في قلب التناقض الجزائري. لا يمكن أن ندين من يعترفون بمغربية الصحراء وفي الوقت نفسه ندعي ألا علاقة لنا بهذا الخلاف”.

كما قال المسؤول ذاته إن “القانون الدولي الذي تستحضره الجزائر ليس مجرد شعار يُطلق من أجل غايات سياسية، بل هو كامل متكامل”، وزاد: “عندما ندعو الآخرين إلى احترام القانون يجب أن نتحلى بالأدب ونطبق ذلك على نفسنا..ولا يمكن لأحد أن يحتكر الدفاع عن القانون، والمغرب لا يقبل أن يعطى دروسا في القانون الدولي من قبل الجزائر. لا يمكن أن نبني مغرب (يقصد العالم المغاربي) الغد وفق مكونات إيديولوجية أصبحت من الماضي”.

واعتبر السفير المغربي المعتمد في موسكو أن “مكاتب الاتصالات ستعزز المبادلات الاقتصادية، كما ستسهّل التبادلات الإنسانية”، مردفا: “هناك جالية مغربية كبيرة من الطائفة اليهودية تعيش في إسرائيل. هذه الجالية بقيت على الدوام متمسكة بعمق وبكل صدق بالمغرب. ومن المرتقب إذا أن نسمح برحلات مباشرة من وإلى المغرب”.

وشدد المتحدث على أن “اعتراف الولايات المتحدة بسيادة المغرب على صحرائه ستكون له نتائج إيجابية على الصعيد الاقتصادي”، موردا: “كل الدول التي تتمسك بالتنمية الاقتصادية والبحبوحة في المنطقة ستسرّ بالدينامية التي تجري حاليا. هذا القرار سيسمح بلا شك بخلق فرص جديدة لكل المنطقة”.

وأقرّ السفير بأن “البوليساريو تحجرت”، مستطردا: “من المثير للشفقة أن يتم نشر بيانات ضبابية بشكل متكرر للحديث عن صراعات وهمية. إذا أردنا أن نكون شركاء نتمتع بمصداقية في العملية السياسية يجب أن نتصرف بمسؤولية”، كما أبرز أن “المغرب سوف يستكمل عمله بكل هدوء، وسيبقى متمسكا ليس فقط بوقف إطلاق النار، بل أيضا بإطار العملية السياسية التي ترعاها الأمم المتحدة”.

hespress.com