نجح مهندس مغربي ينحدر من مدينة المحمدية في فك رموز آخر رسالتين مشفرتين للقاتل المعروف بـ”زودياك”، الذي حير السلطات الأمريكية، واعتُبرت قصته من أشهر قصص الإجرام بالولايات المتحدة التي حدثت في ستينيات القرن الماضي.
وحير هذا المجرم المحققين بمكتب التحقيقات الفدرالي والصحافيين من خلال الألغاز والادعاءات الصحيحة والكاذبة والمكالمة المتلفزة وعمليات القتل التي قام بها وكانت بدون أثر.
وعلى الرغم من كل القرائن التي تم جمعها، والخبرات المتعددة التي استعملت لفك الألغاز، والشهادات التي لا تعد ولا تحصى، لم يتم القبض على هذا القاتل الذي ارتكب على الأقل خمس جرائم قتل، معظمها بكاليفورنيا.
وأصبحت هذه القضية أسطورية، وألهمت العديد من الأفلام والمسلسلات والكتب مثل الفيلم الروائي الطويل “Zodiac” لدافيد فينشر، وحلقات “Mac Gyver” التي ألفها روبرت كرايسميت، والتي تعتبر الأكثر مبيعاً.
وساهمت هذه القضية في ظهور الآلاف من هواة التشفير في العالم، الذين ينشطون عبر الأنترنيت، ومتحمسون لفك رموز الرسائل المشفرة التي أرسلها هذا القاتل إلى وسائل الإعلام الأمريكية الشهيرة.
وفي غضون شهر واحد تم فك ثلاثة رموز مشفرة، اثنان منهما من قبل شاب مغربي يدعى فيصل الزيراوي، وهو مهندس يبلغ من العمر 38 عاماً يعيش بمدينة باريس.
وحسب مجلة “جون أفريك”، فقد عثر هذا المهندس الشاب، الذي يشتغل في الاستشارات الاستراتيجية، قبل أيام قليلة من عيد الميلاد على مقال في “لوبسيرفاتور” يتحدث عن إقدام ثلاثة هواة، بلجيكي وأمريكي وأسترالي، على فك الرسالة الثانية، التي أرسلها القاتل إلى صحيفة “سان فرانسيسكو كرونيكل” في نونبر 1969، والتي تحدث فيها عن جرائمه قائلا إن ضحاياه سيصبحون “عبيداً” له في الحياة الآخرة.
وأوردت المجلة أن الشاب المغربي أعجب بهذا الاكتشاف، لكن تملكه الإحباط لعدم معرفته المزيد عن هوية القاتل “زودياك”، وهو ما دفعه إلى تأجيل عطلته من أجل الانطلاق في فك شفرة أحدث الرموز: “Z13″ و”Z32”. وقد كان الرمز الأول مهماً للغاية نظراً لأنه كان مسبوقاً بعبارة “اسمي هو…”، وهي الرسالة التي ستمكن من ينجح في فكها في وضع حد لهذه القضية المستعصية.
وصرح فيصل الزيراوي لـ”جون أفريك” بأنه سعى إلى فك هذه الرموز، التي كانت بمثابة مطاردة من الداخل ولكن عن بعد. وزاد قائلاً: “لمدة أسبوعين عملت بلا توقف ولم أر أحداً تقريباً كما لو كنت في عالم مواز”.
وأوضح الزيراوي أنه عمل في البداية على الرمز ” Z32″ باستبدال الرموز بأحرف، ثم فهم أنه من الضروري العثور على إحداثيات أرضية، فقام بترجمة الأحرف إلى أرقام باستخدام طريقة بسيطة تعتمد على موقعها الأبجدي.
وبعد 15 يوماً و15 ليلة من العمل الشاق اكتشف الزيراوي تسلسلاً من عشرة أرقام تقابلها إحداثيات مدرسة بمدينة ساوث ليك تاهو، وقد سبق للقاتل “زودياك” أن هدد بتفجير حافلة مدرسية، وأشار إلى ساوث ليك تاهو في بطاقة بريدية أرسلها إلى السلطات بعد بضعة أشهر.
بعد ذلك انتقل الزيراوي إلى الرمز “Z13″، الذي من المفترض أن يكشف عن هوية القاتل، وقال بخصوص هذا الأمر: “في الواقع لم يستغرق الأمر مني سوى ساعة واحدة لفك شفرته لأني استخدمت نفس الأساليب المستخدمة في الرمز “Z32.
وأشار الزيراوي إلى أن الاسم الذي وجده يتوافق مع الدليل الموجود في السجل لكونه يتطابق مع اسم ضابط البحرية السابق لورانس كاي، الذي يُزعم أنه تلقى تدريباً على تقنيات التشفير، واسمه مدرج في قائمة المشتبه بهم، وهو الوحيد الذي كان يعيش بالقرب من ساوث ليك تاهو، على بعد أقل من 6 كيلومترات من المدرسة المستهدفة.
وذكر المهندس المغربي أن هذا المشتبه به توفي سنة 2010، ومع ذلك سارع إلى إرسال هذه المعلومات عبر البريد إلى مكتب التحقيقات الفدرالي وشرطة سان فرانسيسكو.
واتصل “المحقق الهاوي” بباحثين فرنسيين متخصصين في التشفير لتقديم نتائجه إليهم، فأجابوه بأن ما توصل إليه يبدو “محتملا نسبياً” و”معقولاً ومثيراً للاهتمام” و”يستحق التحقيق”.
جدير بالذكر أن السفاح “زودياك” اتهم من قبل السلطات الأمريكية بارتكاب خمس جرائم قتل مروعة بولاية كاليفورنيا، وقد زعم في رسائله المشفرة أن عدد ضحاياه يناهز 37 ضحية على الأقل. وفي كل الأحوال لم تنجح محاولات القبض عليه حتى اللحظة، ولا تزال قضيته قيد التحقيق.
وحسب الإعلام الأمريكي، فقد أرسل “زودياك” ثلاث شفرات مختلفة إلى صحف أمريكية منذ عقود، وقال إن واحدة منها تحمل رموزا تدل على اسمه. وبينما لم يتكشف اسم القاتل في الشفرتين اللتين تم فك رموزهما، تبقى الآمال معلقة على فك الشفرة الثالثة، والأخيرة لتحديد هوية القاتل، الذي قد لا يكون على قيد الحياة.