الأحد 12 أبريل 2020 – 11:26
منذ الإعلان عن قرار تقييد الحركة بالمغرب، ضمن حالة الطوارئ الصحية المرتبطة بانتشار فيروس كورونا المستجد؛ ظهرت بمجموع التراب الوطني مبادرات تطوّعية مختلفة من حيث الواقفين وراءها وأهدافها وميادينها، لكنها اشتركت من حيث الهدف المتمثل في المساهمة في حث المواطنين على الالتزام بالقرار، وملازمة بيوتهم إلا للضرورة القصوى.
ففي الوقت الذي تجنّد متطوعون، في مدن مختلفة، من أجل توفير المواد الغذائية للأسر المعوزة، أو جمع التبرعات لفائدة الطبقة الفقيرة، أو تنظيم حملات تحسيسية بالسيارات ومكبرات الصوت، أو توزيع الكمامات على من تعذّر عليه إيجادها، أو تنظيم حملات التنظيف والتعقيم بالأحياء والأزقة والشوارع؛ اختار شبّان بمدينة خريبكة قضاء حوائج الناس بطريقتهم الخاصة.
رنين الهاتف
أربعة شبّان وشابّة بمدينة خريبكة ألصقوا على سيّارتين خفيفتين صورهم وأرقام هواتفهم الشخصية وشعار: “بقى في دارك، حنا نتسخرو ليك”، ووضعوا وقتهم رهن إشارة كل من احتاج سلعة أو خدمة ولم يرغب في مغادرة منزله، إذ يكفي أن يتّصل بأحد الأرقام لتحديد حاجياته وعنوان مسكنه، لتصل إليه في أمن وأمان، دون أن يكون مضطرا إلى أداء واجبات التوصيل.
تبدأ العملية برنين هاتف أحد المتطوعين في الخدمة المذكورة، بحسب ما وقفت عليه الجريدة، إذ يتلقى المتطوع طلبا من امرأة تؤكّد حاجتها لدجاجة وبعض الخضر والفواكه بالضبط، حتى لا تضطر إلى مغادرة بيتها وقت الحجر الصحي، فما كان من المتطوع إلى أن يردّ: “مرحبا، ومن الأفضل إرسال لائحة حاجياتك وعنوان منزلك عبر رسالة نصية، لكي يسهل ضبط العملية”.
حوائج الناس
ما إن انتهت المكالمة الهاتفية، حتى بدا متطوع آخر وهو يتحدث مع امرأة سبق أن استفادت من الخدمة ذاتها قبل أيام، وقالت إنها في حاجة ماسة إلى بعض المواد الغذائية من أحد المراكز التجارية، أو أقرب دكّان يوفّر لها متطلباتها، مشيرة إلى أنها في انتظار تلبية طلبها بالعنوان الشخصي الذي سبق أن أدلت به للمتطوعين في أول اتصال قامت به.
تنطلق رحلة البحث عن حاجيات المتّصلين عبر سيارتين خفيفتين، من الخضار إلى الفكهاني مرورا بمتاجر بيع الدجاج والمواد الغذائية بمختلف أحياء المدينة، قبل أن يقصد الواقفون وراء العملية العناوين التي صاروا يحفظون أغلبها عن ظهر قلب، من أجل إيصال الطلبات إلى أصحابها، وتسلّم ثمن شرائها دون زيادة أو نقصان، ودون تسجيل أي تكاليف إضافية تتعلق بخدمة التوصيل.
خدمة الوطن
جلال بوشفرة، أحد المتطوعين في المبادرة المذكورة، قال: “خرجنا لتلبية الواجب الوطني منذ أن تقرّر الحجر الصحي بالبلاد، من خلال التطوع لخدمة سكان مدينة خريبكة، خاصة المسنين والمرضى المصابين بأمراض مزمنة، وكل من تعذّر عليه قضاء أغراضهم في ظل الظرفية الراهنة المرتبطة بتقييد الحركة ضمن حالة الطوارئ الصحية”.
وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “الأنشطة التي كان يزاولها هؤلاء الشبان قبل فرض حالة الطوارئ توقّفت خلال هذه الظرفية، ما سمح لهم بالتفرّغ لخدمة السكان وفق استطاعتهم”، مشيرا إلى أن “الفكرة التي تمكنوا من تجسيدها على أرض الواقع، تتمثل في قضاء الأغراض وإيصال الحاجيات إلى طالبيها مجانا”.
طلبات متنوعة
توفيق خيري، متطوّع آخر في المبادرة ذاتها، أشار إلى أن “الهدف من تلبية طلبات السكان بالطريقة المذكورة، يتمثل في حث المواطنين على ملازمة منازلهم قدر الإمكان، من أجل المساهمة في وقف انتشار فيروس كورونا بينهم”، مضيفا أن “الخدمة التي نقوم لها مفتوحة في وجه السكان 24/24 ساعة على مدار الأسبوع”.
وعن طبيعة الحاجيات التي تشكّل موضوع مكالمات هاتفية، قال توفيق خيري إنها “متنوعة وكثيرة، لكن أغلبها يتمثل في المأكولات والمواد الغذائية والخضر والفواكه وأسطوانات الغاز”، موردا في السياق ذاته أن “أهمية مشاركة الشابّة في هذا العمل التطوعي تظهر بشكل جليّ حين تتّصل بعض النساء لطلب أغراض نسائية خاصة”.
احتياجات ليلية
أوضح المتحدث ذاته، في تصريح لهسبريس، أن بعض المرضى يتصلون لطلب المساعدة في الحصول على الأدوية، خاصة بعد الساعة السادسة مساء، وهو ما استجاب له المتطوعون في الأيام الأولى من المبادرة، قبل أن يُنصَحوا بضرورة تجنب التعامل بالأدوية لما يرتبط بها من مخاطر، ما دفعهم إلى التوقف عن إيصال الأدوية إلى طالبيها تفاديا للمشاكل الصحية وغيرها.
وجاء ضمن تصريح توفيق خيري أنه بعد السادسة مساء، وأحيانا في أوقات متأخرة من الليل، يتصل بعض الأشخاص لطلب حاجة مستعجلة وضرورية، ما يدفع المتطوعين إلى اعتماد البث المباشر عبر موقع فيسبوك، يطلبون من خلاله المساعدة ممن يتوفّر على تلك الحاجة في منزله أو في محله التجاري، من أجل توفيرها لهم بهدف إيصالها إلى طالبها”.