اختاروا الارتماء في أحضان البحر الأبيض المتوسط، غير مبالين بحياتهم؛ خاضوا مغامرة صعبة وحلمهم الهروب من عيش ضاق بهم وأزمة اقتصادية خانقة خلفها إغلاق معبر سبتة أمام التهريب المعيشي الذي كان يعيلهم.

قبل أيام عاشت مدينة الفنيدق محاولة للهجرة الجماعية سباحة، أبطالها شباب غامروا بحياتهم في مشهد صادم. هسبريس التقت عددا من أبناء المدينة، أكدوا جلهم أن أسباب إقدامهم على هذه المغامرة هو قلة الحيلة وضيق العيش والحلم بتحقيق حياة أفضل.

أحمد (اسم مستعار)، شاب في أواخر العشرينات، قال في حديثه مع هسبريس: “كنا نتنقل بشكل عادي، واليوم بات علينا أن نعيش تجربة الموت للوصول فقط إلى سبتة. كل ما يحز في النفس هو أهالينا، نخاف الموت وتركهم بحسرة في قلوبهم”، وتابع: “إذا كان باقي السكان يقصدون البحر للاستجمام والسباحة فنحن نقصده للموت…كل ما نريده هو بديل وعمل.. لا نتوقع أي شيء، بتنا أكثر تشاؤما”.

من جانبه قال سعيد (اسم مستعار)، وهو من سكان الفنيدق أيضا، في حديثه مع هسبريس: “نموت شيئا فشيئا..لا نجد حتى ما نأكله..عمري 32 سنة، وأنا أعيش في هذه المدينة ولا أعرف أي مورد رزق آخر غير التهريب…أغلب أبناء مدينتنا إما ماتوا في البحر أو في السجون”.

ممن قابلتهم هسبريس أيضا أم مكلومة فقدت ابنها في محاولة للهجرة، ابتلعه البحر ولم تحصل حتى على جثته. قالت الأم بدموع في عينيها: “ابني متزوج وله ابن، كانت له مسؤولية كبرى، حينما كان التهريب مسموحا به كان يشتغل ويضمن قوته وكانت الأمور تسير بشكل جيد، ليفقد كل شيء فجأة”.

وتابعت: “الفنيدق مدينة صغيرة، ليست فيها أي معامل أو أماكن للاشتغال، ولا أي بديل، كلنا كنا نعيش من معبر سبتة. حينما أقفلت كل الأبواب في وجهه اختار الارتماء في أحضان البحر والهجرة..ضاعت حياتنا وحياة أبنائنا. كنا مستورين واليوم ضعنا..اليوم أخاف أن يعيد ابني الأصغر الكرة ويرتمي في أحضان البحر لأفقده مثلما فقدت أخاه”.

وعاشت الفنيدق قبل أيام عملية نزوح جماعي سباحة نحو سبتة من قبل عدد من الشباب المجازفين بأرواحهم من خلال الارتماء في عرض البحر.

وفتحت عناصر الشرطة القضائية بمفوضية أمن مدينة الفنيدق بحثا قضائيا تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات تنظيم محاولة جماعية للهجرة السرية عبر المسالك البحرية انطلاقا من شاطئ المدينة.

وتم إخضاع المشتبه فيهم لبحث قضائي تحت إشراف النيابة العامة المختصة، فيما تتواصل الأبحاث الميدانية المكثفة من أجل تحديد باقي المتورطين المفترضين في تنظيم هذه العملية وتوقيفهم.

[embedded content]

hespress.com