بعد الجدل الكبير الذي أثارته رسوم التمدرس في المؤسسات التعليمية الخصوصية، والذي رافقته دعوات إلى تقنين هذه الرسوم، يبدو أن هذا المطلب غير قابل للتحقق بسبب غياب مرجع موحّد يمكن أن يتم بموجبه تحديد الأسعار، نظرا للتفاوت الموجود بين مدرسة وأخرى، سواء من حيث البنية التحتية أو الخدمات المقدمة أو جودة التعليم.

بنداود مرزاقي، المدير المكلف بالتعليم المدرسي الخصوصي والأولي في وزارة التربية الوطنية سابقا، أكد في ندوة نظمتها الجمعية المغربية لتحسين جودة التعليم “أماكن” أن من الصعب توحيد أسعار التمدرس في المدارس الخاصة.

وبالرغم من أن القانون الإطار لإصلاح منظومة التربية والتكوين نص على تقنين أسعار التمدرس في مؤسسات التعليم الخصوصية، فإن المسؤول السابق بوزارة التربية الوطنية أوضح أن تنزيل هذا المقتضى عبر المرسوم التنظيمي “سيكون معضلة”، مضيفا أن الدولة يمكن أن تتدخل في القريب المنظور لتحديد الزيادات على الأسعار الأساسية، “لكن توحيد الأسعار صعب لأنه لا يوجد مرجع يمكن اعتماده لتسقيفها”.

وأشار المتحدث ذاته إلى أن من بين الإكراهات الأخرى، التي تجعل تسقيف أسعار التمدرس في التعليم الخصصي صعبا، أن الاستثمار في هذا القطاع استثمار شخصي، يتحمّل فيه المستثمر مخاطر الاستثمار بنسبة مائة بالمائة، بينما يحصل المستثمرون في التعليم الخصوصي في بلدان أخرى، مثل فرنسا، على منح من الدولة حسب درجة تنفيذ البرامج المسطّرة مع السلطات التربوية.

واستطرد مرزاقي قائلا إن توحيد الأسعار يتطلب تصنيف المؤسسات التعليمية، التي يبلغ عددها 6000 مؤسسة، وهو أمر غير قابل للتحقق، في غياب معايير لترتيبها، نظرا لكون المؤسسات كاملة البنية لا تتعدى نسبتها 15 في المائة من مجموع المدارس. وأضاف أن المؤسسات التي تتوفر على جميع المرافق كاملة قليلة جدا، مشيرا إلى التفاوت بين المؤسسات فيما يتعلق بالخدمات التي تقدمها، مثل النقل المدرسي والإطعام والأنشطة.

وعلاقة بذلك، دعا المتحدث ذاته إلى إنشاء وكالة وطنية تتمتع بالاستقلالية، تُناط بها مهمة اعتماد المؤسسات التعليمية عبر افتحاص دوري وسنوي، من أجل تسهيل مأمورية تصنيف المؤسسات، وترفع تقاريرها إلى وزارة التربية الوطنية. كما دعا إلى الاعتناء بالموارد البشرية المشتغلة في هذه المؤسسات.

وأوضح في هذا الإطار أن الوضعية الاجتماعية للأساتذة في بعض المدارس الخصوصية الكبرى أفضل من وضعية أساتذة التعليم العمومي، “ولكنْ هناك أيضا مدرّسون في وضعية مزرية”، داعيا إلى توفير تكوين جيد للمدرسين، وضمان استفادتهم من التكوين المستمر خلال مزاولتهم لعملهم.

hespress.com