في موقف معاد لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، قررت روسيا إدانة القرار الأمريكي القاضي بالاعتراف بالسيادة المغربية على الصحراء، وذلك على لسان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوجدانوف.
وفي وقت كان الموقف الروسي، حسب متتبعين، متوقعا وبنفس ردة الفعل الفورية، إلا أن البصمات الجزائرية بدت واضحة فيه، خصوصا أن حل النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية سينهي ملايير الصفقات التي يبرمها جنرالات الجارة الشرقية مع الروس من أجل التسليح.
لكن الصيغة التي استعملها نائب وزير الخارجية الروسي، وهي أن “القرار يتعارض مع القانون الدولي ومع قرارات مجلس الأمن بشأن هذا النزاع”، اعتبرها الدكتور رضا الفلاح، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة ابن زهر، “نسبية وقائمة على تأويل غير دقيق للقانون الدولي ويتعارض مع قرارات مجلس الأمن الأخيرة، وهو في نهاية الأمر تأويل يراعي المصالح الروسية في المنطقة”.
وجوابا عن سؤال حول خلفيات قرار “السوفيات”، سجل الفلاح في حديث مع هسبريس أنه “يمكن تفسير الموقف الروسي انطلاقا من اعتبارين أساسيين، أولهما أن الجزائر أول زبون لروسيا إفريقيا، وخامس زبون عالميا في مجال شراء الأسلحة والعتاد العسكري، وتربطهما صفقات بمليارات الدولارات لصالح موسكو، تشمل الأسلحة وقطاع الطاقة، وخاصة الغاز الطبيعي”، مشيرا إلى أن “روسيا تستفيد من الوضع القائم وتنظر إلى الحل السياسي بمنطق الربح والخسارة في ما يتعلق بصادراتها من الأسلحة إلى الجزائر، خاصة أنها تفتقد على الصعيد الاقتصادي إلى عرض استثماري مغر تنافس به قوى أخرى في أفق إنهاء النزاع”.
وقال الباحث في العلاقات الدولية، في هذا الصدد، إن “روسيا تعتمد في سياستها الخارجية وخاصة تجاه الاتحاد الأوروبي على ‘جيوبوليتيك الغاز’، وعلى هذا الأساس فهي تنظر بكثير من التوجس إلى مشروع أنبوب الغاز بين نيجيريا والمغرب، الذي من المنتظر أن يزود أوروبا بهذا المورد الحيوي، ما سيخفف من تبعية دول الاتحاد الأوروبي إلى الغاز الروسي الذي تستخدمه روسيا كورقة ضغط، وبالأخص تجاه دول أوروبا الشرقية”، مضيفا أن “إنجاز هذا المشروع ونجاحه رهين بالتوصل إلى الحل السياسي والدائم لهذا النزاع، وهو ما ستسعى ما أمكن إلى تأخيره”.
في مقابل ذلك استبعد الفلاح أن “تذهب العضو الدائم في مجلس الأمن إلى حد استخدام حق الفيتو لنسف قرار مقبل للمجلس”، مؤكدا أن ذلك يأتي “رغم امتناعها عن التصويت على القرارات الأخيرة التي باتت تكرس توجها عاما في اتجاه حل سياسي وعملي قائم على الواقعية والرغبة في التسوية”.
أستاذ التعليم العالي أكد أن “روسيا بهذا الموقف تناقض تصرفاتها القانونية التي تشكل اعترافا بمغربية الصحراء”، مشيرا إلى “اتفاقية الصيد البحري التي تربطها بالمملكة المغربية، والتي تشمل مياه الأقاليم الصحراوية المغربية”.
وأكد الباحث في القانون الدولي أن “روسيا تعترف بصحة هذا الوضع وبحقوق السيادة المغربية على الصحراء، وبالتالي عليها مراجعة ورقتها عندما تصف القرار الأمريكي بالمناقض للقانون الدولي”، موضحا أن هذا الأمر يوافق ما ذهب إليه اجتهاد قضائي راسخ ومتواتر عن محكمة العدل الدولية، يعد أحد مصادر القانون الدولي.