أصدرت دار النشر “ملتقى الطرق”، مؤخرا، الترجمة الفرنسية لكتاب “صمود وسط الإعصار.. محاولة لتفسير تاريخ المغرب الكبير” للراحل عبد الله إبراهيم، ثالث رئيس حكومة في تاريخ المغرب المستقل.
وجاء في تعليق “ملتقى الطرق” على هذا الكتاب، الذي يقع في 120 صفحة من القطع المتوسط والذي ترجمه من أصله العربي حسن بنعدي، أنه “لا أحد يمكن أن ينسى أن عبد الله إبراهيم، لم يكن فقط رجل سياسة ترأس على الخصوص في نهاية خمسينيات القرن الماضي واحدة من التجارب الحكومية الأكثر جرأة في تاريخ المغرب المستقل، وإنما كان أيضا أحد المفكرين الأكثر تألقا في الساحة الوطنية بل والعربية”.
وأشار الناشر، ضمن تقديم الكتاب، إلى أن “تطور الشعوب يتشابه والخطوط الهندسية؛ فهناك خطوط مستقيمة، وأخرى منكسرة. وعكس البلدان الأوروبية، فإن خط تطور المغرب الكبير هو خط منكسر تاريخيا، على الأقل في ثلاث مناسبات على مدى ثلاثة آلاف سنة”.
وتبدأ المناسبات الثلاث عندما تم عزله من تيار الألفية والحضارة القرطاجية ليأخذ بعدا لاتينيا ويتحول إلى المسيحية تدريجيا تحت حكم الرومانيين، ثم عندما قطع مع التأثير الروماني ليتم تعريبه ويعتنق الإسلام، ولتصبح عربيته وإسلامه رافعتين لمجده الوطني وأساسين لإمبراطورياته العظيمة.
وورد في التقديم أيضا أن “هذا الخط سينكسر مرة ثالثة عندما وجد المغرب الكبير نفسه غير قادر على مواكبة إيقاع التطور الشامل للحضارة الإنسانية. كان ذلك خلال سنوات الإقطاعية والجمود. لقد وجد نفسه خلال القرن التاسع عشر في مواجهة الإمبريالية العالمية في وقت كان يعاني في الداخل من تركة العبودية والاستبداد”.
ولم يقدر المغرب الكبير، حسب التقديم، من رفع التحديات التاريخية في مواجهة ضرورات الطوارئ واختلال موازين القوى، كما لم يتمكن من مواجهة عالم بات أكثر تعقيدا ومسلحا على نحو أفضل، والحظ الوحيد الذي ظفر به هو أنه لم يكن وحيدا في ذلك.
وتضمن الكتاب أيضا تقديما لطارق إبراهيم، رئيس مؤسسة عبد الله إبراهيم للدراسات والأبحاث والتنمية الاجتماعية، قال فيه إن “هذه الترجمة الموفقة تقترح الكشف عن مقاربة تاريخية للمغرب الكبير بما في ذلك في جهازها النقدي، من أجل إدراجها ضمن النقاش السياسي والثقافي المغاربي، ومد القراء الناطقين بالفرنسية بأساس للتفكير لا محيد عنه”.
وأشار رئيس مؤسسة عبد الله إبراهيم للدراسات والأبحاث والتنمية الاجتماعية إلى أن “هذا العمل يميط اللثام عن مناطق ظل يتعين استكشافها، ويشجعنا قبل كل شيء على المضي قدماً في توجيه بوصلة التفكير نحو مستقبل أكثر مسؤولية”، وزاد قائلاً: “لقد ترجم حسن بنعدي أعمال عبد الله إبراهيم بإتقان ومهارة كبيرين؛ فقد التقيا على درب السياسة والعمل النقابي وحول نقاشات مكثفة وزاخرة بالعبر، لامست قضايا مختلفة، ثقافية أو ذات راهنية”.
يذكر أن الراحل عبد الله إبراهيم (1918 – 2005) كان أحد كبار الشخصيات السياسية المغربية، حيث انخرط مبكرا في الحركة الوطنية، وشغل بعد استقلال المغرب، على الخصوص، منصب وزير الشؤون الاجتماعية قبل أن يكلفه الملك محمد الخامس سنة 1958 بتشكيل الحكومة التي تولى رئاستها إلى جانب اضطلاعه بمهام الخارجية والتي استمرت إلى غاية ماي 1960.
وبالإضافة إلى الأدوار السياسية التي اضطلع بها الراحل عبد الله إبراهيم، فقد مارس نشاطا أكاديميا وفكريا غنيا في عمقه وتنوعه ساهم من خلاله بفعالية في إثراء الساحة الثقافية والفكرية. وقد ترك الراحل، الذي كان مهتما بالشعر والنقد الأدبي، العديد من المؤلفات؛ منها “أوراق ساحة النضال”، و”الإسلام في أفق 2000”.
The post "صمود وسط الإعصار".. عبد الله إبراهيم يفسر تاريخ المغرب الكبير appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.