قال الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية محمد عبد النباوي، إن “التأسيس لثقافة مكافحة غسل الأموال في بلدنا يتم وفق مقاربة تشاركية وتراكمية تنم عن دينامية حيوية تستجيب للمتطلبات الدولية مع مراعاة الخصوصية الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لبلادنا”.
وأضاف خلال أشغال الدورة التكوينية المتخصصة حول تعزيز قدرات القضاة في مجال مكافحة جريمة غسل الأموال، التي ينظمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية بشراكة مع رئاسة النيابة العامة وبتعاون مع مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة، أن “المجلس الأعلى للسلطة القضائية اضطلع بدوره كعضو في المنظومة الوطنية لتنزيل خطة العمل المتفق عليها في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب”.
[embedded content]
وأكد المسؤول القضائي على أن التشريع المغربي يتفاعل مع توصيات مجموعة العمل المالي والمعايير الدولية المنظمة لمكافحة غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، عبر إدخال تعديلات على مقتضيات القانون رقم 43.05 المتعلق بمكافحة غسل الأموال، بموجب القانون رقم 12.18 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف المؤرخ في 8 يونيو 2021، يشكل مناسبة سانحة للمجلس الأعلى للسلطة القضائية للاضطلاع بدوره التأطيري والتكويني للقضاة المعنيين بتطبيق هذا القانون.
[embedded content]
وفي ذات السياق أبرز عبد النباوي أن هذه الدورة التكوينية جاءت من أجل “تجديد معارف القضاة المكلفين بقضايا غسل الأموال من جهة، وكذلك لدعم قدرات قضاة آخرين كُلِّفوا بالمحاكم التي استُحدِث بها هذا الاختصاص، للنظر في قضايا غسل الأموال”.
وسيشرع هؤلاء القضاء حسب ما أفاد الرئيس المنتدب للمجلس الأعلى للسلطة القضائية في عملهم ابتداء من فاتح يناير 2022 في مباشرة الاضطلاع بتلك القضايا، وذلك في المحكمة الابتدائية بمراكش بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بكل من مراكش وآسفي وورزازات وأكادير وكلميم والعيون. وبالمحكمة الابتدائية بفاس، بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بكل من فاس ومكناس والرشيدية وتازة والحسيمة والناضور ووجدة. وبالمحكمة الابتدائية بالدار البيضاء بالنسبة لدوائر نفوذ محاكم الاستئناف بالدار البيضاء وسطات والجديدة وخريبكة وبني ملال. في حين سيصبح اختصاص المحكمة الابتدائية بالرباط – المختصة وطنياً في الوقت الراهن – مقتصراً على دوائر نفوذ محاكم الاستئناف بالرباط والقنيطرة وطنجة وتطوان.
وشدد عبد النيباوي على مخاطر غسل الأموال على الاقتصادات، ولاسيما الناشئة منها، وذلك بالنظر لمبالغ الأموال غير النظيفة التي تكتسح الاقتصاد العالمي.
وقال عبد النباوي “تُقدَّر عمليات غَسل الأموال بما يقارب 2200 مليار دولار، أي ما يعادل نسبة 3% من الناتج الخام الدولي (المقدر حوالي 85000 مليار دولار). وإن خطورة هذا الرقم تصبح أكثر دلالة إذا عرفنا أنها تقترب من الناتج الداخلي الخام لاقتصادات دول كبرى كالمملكة المتحدة (2828 مليار دولار) وفرنسا (2775 مليار دولار) والهند (20716 مليار دولار). وتتجاوز الناتج الداخلي الخام لاقتصادات كبرى أخرى كإيطاليا (2072 مليار دولار) والبرازيل (1868 مليار دولار)، كندا (1711 مليار دولار)، روسيا (1619 مليار دولار) وكوريا الجنوبية (1425 مليار دولار). كما أن رقم المعاملات العالمي عن طريق غسل الأموال (2200 مليار دولار) يعادل معدل الناتج الداخلي الفردي لحوالي 200 مليون فرد من سكان العالم”.
يضيف نفس المتحدث “وبذلك تظهر أهمية مكافحة غسل الأموال في العالم. ويتجلى كذلك سبب حرص السلطات المغربية على حماية الاقتصاد الوطني، ومنع اختراقه بعائدات الأنشطة الإجرامية وتداعيات ذلك على سمعة وشفافية ومصداقية المؤسسات الرسمية لدى الهيئات المالية الدولية”.