يواجه الاتحاد الأوروبي تكبد خسائر تبلغ عشرات المليارات من اليورو، بسبب التباطؤ والفوضى في برامج التطعيم ضد فيروس كورونا المستجد مقارنة بكل من بريطانيا والولايات المتحدة.

وحسب تقديرات خدمة بلومبرغ إيكونوميكس للتحليلات الاقتصادية، فإن استمرار إجراءات الإغلاق الحالية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد يعني أن اقتصاد الاتحاد الأوروبي يعمل حاليا بنسبة 95 في المائة من مستواه قبل تفشي جائحة فيروس كورونا المستجد؛ وهو ما يعني خسارة حوالي 12 مليار يورو (14 مليار دولار) يوميا من الناتج الأوروبي.

في الوقت نفسه فإن الاتحاد الأوروبي بدأ عمليات التطعيم ضد فيروس كورونا متأخرا لأسابيع عن الدول الكبرى مثل الولايات المتحدة وبريطانيا، وتسير فيه هذه العمليات ببطء.

وإذا لم يتمكن من تحقيق النجاح في زيادة نطاق عمليات التطعيم سيضطر الاتحاد الأوروبي إلى الإبقاء على إجراءات الإغلاق أو القيود المماثلة، في الوقت الذي ستستعيد فيه الاقتصادات الكبرى الأخرى في العالم نشاطها بالكامل. وتقدر التكلفة الاقتصادية لتأخر إعادة فتح الاقتصادات في الاتحاد الأوروبي لمدة تتراوح بين شهر واحد وشهرين بما بين 50 و100 مليار يورو.

هذه الأرقام تسلط الضوء على المخاطر الهائلة التي تواجهها المفوضية الأوروبية، التي دخلت في مواجهة علنية مع شركة الأدوية البريطانية السويدية أسترا زينيكا بشأن تقييد إمدادات اللقاح المضاد لفيروس كورونا، قبل فرض قيود على تصدير اللقاح إلى خارج الاتحاد.

ونقلت وكالة بلومبرغ للأنباء عن جونترمان فولف، مدير مركز بورجيل للأبحاث في بروكسيل، القول إن “كل أسبوع يتم تمديد إجراءات الإغلاق فيه، لأنه لم يتم تطعيم الناس ومازالوا عرضة لخطر الإصابة، يعني تكلفة اقتصادية كبيرة… هذه التكلفة أعلى كثيرا من تكلفة عمليات التطعيم نفسها”.

وحتى الآن، وفر الاتحاد الأوروبي 2,9 جرعات من اللقاحات لكل 100 شخص؛ وهو معدل يقل بشدة عن المعدل في بريطانيا الذي يبلغ 14,7 جرعات لكل 100 شخص وفي الولايات المتحدة الذي يبلغ 100 جرعة لكل 100 شخص، حسب مؤشر بلومبرغ فاكسين تراكر لمتابعة عمليات التطعيم في العالم.

ويتوقع الاتحاد الأوروبي زيادة في إمدادات اللقاح خلال الربع الثاني من العام الحالي، حيث ما زال يعتزم تطعيم 70 في المائة من السكان بحلول الصيف. وهذه النسبة ستسمح لحكومات دول الاتحاد برفع أغلب القيود المفروضة لمنع انتشار فيروس كورونا المستجد، والتي أدت إلى إغلاق المتاجر والمطاعم ووقف حركة السفر.

وحتى الآن، ترى مجموعة آليانز الألمانية العملاقة للتأمين أن دول الاتحاد الأوروبي ما زالت متأخرة بمقدار سبعة أسابيع عن المعدل المقرر للوصول إلى هذا الهدف، وأنه يجب زيادة معدل التطعيم بمقدار ست مرات عن المعدل الحالي للوصول إلى النسبة المستهدفة بحلول الصيف المقبل. وقدرت مجموعة آليانز للتأمين تكلفة بطء عمليات التطعيم في الاتحاد الأوروبي بنحو 90 مليار يورو، بما في ذلك الآثار الجانبية حتى نهاية العام.

ويقول لودفيتش سوبران، المحلل الاقتصادي، في تقرير صادر عن مجموعة آليانز، إنه “في اقتصاديات التطعيم هناك فقط أبيض وأسود، بمعنى أن الاقتصادات التي ستنهي سباق التطعيم أولا ستحصل على فوائد ذلك من خلال تأثيرات إيجابية قوية متعددة مع انتعاش الاستهلاك والاستثمار خلال النصف الثاني من العام الحالي… في حين أن الاقتصادات التي ستتخلف في سباق التطعيم ستظل عالقة في الأزمة وتواجه تكلفة باهظة اقتصاديا وسياسيا”.

كما يقول راينهارد كلوزه، المحلل الاقتصادي في مجموعة يو.بي.إس جروب المصرفية السويسرية، إن أي فتح جزئي للاقتصادات الأوروبية خلال موسم عطلة عيد الفصح في بداية أبريل المقبل سيكون بمثابة طاقة نور لقطاع السياحة والسفر الأشد تضررا من الجائحة، حيث ستتيح هذه الخطوة إيرادات تحتاجها شركات الطيران والسياحة بشدة. وستعاني دول جنوب أوروبا، بما فيها إسبانيا وإيطاليا، من تداعيات أي تأخير في إعادة فتح الاقتصاد، إلى جانب أنها من الأشد تضررا من الجائحة بالفعل.

وقال كلوزه: “مع التقدم البطيء في عمليات التطعيم، من غير الواضح أنه سيكون لدينا موسم عيد فصح جيد”، مضيفا أن موسم الصيف أيضا يواجه الخطر، حيث يحجز أغلب السائحين رحلات الصيف خلال الربيع وقد يفضلون البقاء قريبا من بيوتهم لمدة عام آخر.

في الوقت نفسه فإن كل أسبوع إضافي تستمر فيه قيود الإغلاق تزيد المخاطر التي تهدد الشركات المتعثرة ماليا والتي كافحت طوال العام الماضي لتجنب الإفلاس والتصفية. وسيؤدي هذا إلى ارتفاع معدل البطالة، وينسف آفاق التعافي الاقتصادي السريع.

ومع ذلك ما زال في مقدور الاتحاد الأوروبي اللحاق بالاقتصادات الكبرى الأخرى، وإلا فإن جميع الدول قد تجد نفسها في مواجهة أزمة أخرى، إذا ما تحور فيروس كورونا المستجد وظهرت سلالة أخرى منه تقاوم اللقاحات الحالية. ولكن الوضع الراهن يشير إلى أن القارة الأوروبية تتجه نحو لحظة حساب مؤلمة.

hespress.com