الثلاثاء 27 أبريل 2021 – 10:01
لكل بلد طريقته في التعامل مع فيروس كورونا إلى حدود اليوم، ففي مقدمة الصفوف توجد الدول التي تحاول تصنيع اللقاح؛ ورغم أن العملية تكتسي طابعا تجاريا، إلا أن ذلك لا يجرد هذا التسابق من فوائده على الإنسانية، أما دول أخرى فإنها تبذل قصارى جهدها لحماية مواطنيها في انتظار توفير اللقاح للجميع. وبين هاته الدول وتلك، توجد دول أخرى لا يهمها مصير العالم، وتتعامل باستهتار كبير مع الجائحة. وهذا النوع من الدول يفتح أبواب الجميع أمام الجميع.. المقاهي مفتوحة، والمسابح والشواطئ مفتوحة، وأبواب المستشفيات مفتوحة، وأبواب الانتقال إلى العالم الآخر مفتوحة أيضا..
فاقد الشيء لا يعطيه، ومن ثم لا يمكن انتظار شيء كثير من المجتمعات المتخلفة علميا، في هذا الزمن الذي لا ينتظر أحدا..في هذه المجتمعات يتم تحوير كافة النقاشات، وصبها في “القوالب” الجاهزة، لحقوق الإنسان، والاحتياطات الصحية، والحجر الصحي، والحظر بجميع أنواعه..كل المبررات جاهزة من أجل تحقيق نتائج وهمية في مواجهة فيروس طور نفسه بما يكفي لإطلاق موجة ثالثة من “القتل”، وقد يصل إلى “الموجة الرابعة”.
العالم لا يمكن أن يبقى مغلقا إلى ما لا نهاية، وأنظمة الحكم، وأنظمة الإنتاج، لا يمكنها أن تتحمل مدة طويلة من أجل مزيد من التكلفة، ومزيد من الاحتجاجات. وأغلب الظن أن جميع دول العالم ستختار قريبا مواجهة الوباء، بما لديها من لقاح، وإجراءات، كل حسب ما توفر لديه بغض النظر عما إذا كانت الأجواء مفتوحة أو مغلقة.. وها هي الدول الأكثر تعرضا للفتك من طرف كوفيد 19 تفتح حاناتها، وشواطئها، وأماكن العبادة فيها دون قيد أو شرط…
لقد تحولت القضية إلى قضية نضال من نوع آخر، فهذه المرة الأولى التي تصدر فيها منظمة الصحة العالمية بيانا تقول فيه إن لجنة الطوارئ “أوصت بألا يكون إثبات التطعيم شرطا للسفر الدولي، مؤكدة أن طلب شهادة تطعيم كشرط للسفر أمر يكرس عدم المساواة، ويزيد عدم التكافؤ بين الناس في حرية الحركة”.
إن “نضال” منظمة الصحة العالمية من أجل الدول غير القادرة على توفير اللقاح ليس إلقاء للكلام على عواهنه، والجواب في بيانات المنظمة نفسها التي أصدرت مؤخرا بيانا قالت فيه: “إن عدم وجود الإمكانيات المتكافئة للوصول إلى لقاحات فيروس كورونا قد يلحق أضرارا بالاقتصاد العالمي بحجم 9 تريليونات دولار”. وقد تكلف المدير العام للمنظمة تيدروس أدهانوم غيبرييسوس، بنفسه، ليشرح معنى هذا البيان عندما قال مؤخرا إن “القومية في مجال اللقاحات قد تكلف الاقتصاد العالمي نحو 9.2 تريليون دولار، وقد تتكبد الاقتصاديات الغنية نحو 4.5 تريليونات دولار من تلك الخسائر”… لقد انتقلنا بالتأكيد من المساواة في الحصول على الحصص المتنقلة من وباء كورونا، إلى عدم المساواة في طريقة التخلص من كوفيد 19.. ومع ذلك يبقى الأمل في عودة الأمور إلى ما كانت عليه قائما.. لأن وجود الإنسان أقوى من أي وباء ومن أي ظروف.