قال طه عدنان، الشاعر المغربي المقيم في بروكسيل، إن “الاستثمار في الثقافة يساهم في تجسير الهوة وفتح مسار المواطنين الأوروبيين بمختلف مشاربهم على أفق أكثر إضاءة”، مبرزا أن “اللغة العربية هي لغة فن وأمل وحياة، وهي لغة قادرة على الإسهام في الفسيفساء الثقافية العامة في بلجيكا، من أجل خلق الأفق المشترك لكل المواطنين البلجيكيين”.

وأورد الكاتب والشاعر المغربي المقيم في بروكسيل منذ عام 1996، في مقابلة تلفزيونية أجرتها معه قناة “الغد”، وهو يسترجع مساره الأكاديمي والتعليمي: “طه عدنان، ولدت بأسفي بالمغرب ونشأت في مراكش، هناك عشت طفولتي إلى غاية الجامعة، حصلت على إجازة في الاقتصاد. وقضيت سنتين في البحث عن العمل، وبعدها قررت أن أغير البلد تماما وجئت إلى الجامعة الحرة ببروكسيل، حيث حصلت على دبلوم في تسيير الموارد البشرية ودبلوم آخر في معهد التجارة”.

واعتبر الشاعر المغربي أنه فضل تغيير الجغرافيا من أجل متابعة دراسته “انتهيت بالاستقرار ببلجيكا والتجنس بجنسية بلجيكية عام 2000″، وقال عن بروكسيل: “هي مدينة تنتج يوميا مئات من التقارير وتدبج عشرات القرارات على المستوى الأوروبي. مدينة منتجة للأخبار والقرارات التي تساهم في تحديد معالم عالم اليوم. وأنا أبحث عن العمل، وجدتني أشتغل مع وكالة أنباء دولية لصالح فضائيات عربية. وعلى الرغم من أني وجدت عملا قارا، واصلت الاشتغال في مجال الصحافة إلى ما بعد الربيع العربي”.

وشدد الكاتب والشاعر ذاته على أن “الانشغال بالأدب يعطي فسحة وإجازة من هذا الإيقاع الصعب، ويعطيك فرصة أن تشهر حبك لهذه المدينة البلجيكية”. وقد ترجم هذا الحب في كتاب “بروكسيل المغربية”؛ وهو “إعلان عن محبة لهذه المدينة صدر عام 2015 شارك فيه حوالي عشرين كاتبا، وفيه المدينة المتخيلة نقترحها على البلجيكي الساكن فيها ليعيد اكتشاف مدينته”.

ويشتغل طه عدنان، منذ عام 2002، بوزارة التعليم فرنكفونية، ويقول إنه “على امتداد كل هذه السنوات، جئت من المغرب وعمري 26 سنة لي هوية ولغة كتابة وجدتني هنا باحتياجات ثقافية خاصة في الوقت الذي كان فيه الاهتمام باللغة العربية محدود”، مبرزا أن “الرهان على أن الثقافة العربية أن تكون في المسرح الوطني الفلماني والمؤسسات الثقافية والمسرح الوطني الفرنكفوني. هي احتياج إنساني ولعموم البلجيكيين ولنفهم بعضنا بعض”.

ويعود في حديثه إلى فكرة تأسيس الصالون الأدبي العربي عام 2006 وهو أول صالون يتم تنظيمه في بروكسيل، حيث تمت استضافة المبدعين العرب في المهجر وتم تسهيل التواصل مع شعراء بلجيكيين أو أوروبيين مقيمين في بلجيكا، وقد تواصلت هذه الدينامية لسنوات، حيث تم خلق هذا الفضاء الأدبي للحوار والتقاسم الثقافي”.

ويتابع طه عدنان: “جئت إلى بروكسيل متورطا في القصيدة؛ لأن الشعر يساعدك على فهم ذاتك ورصد التحولات التي تعيشها وعلى التواصل مع الآخر”، مبرزا أن “الكتاب العرب يعانون من اختلال في الميزان الترجمي لفائدة اللغات الأوروبية عموما. والعربية هي رابع لغة في بلجيكا ولها الحق أن تتداول”.

وزاد: “لا نريد الانسلاخ عن هوية ما ولا أن نندمج في منظومة قيمية ما، الأدب يطلب منك الاعتراف بالهوية والخصوصية وما تقتضيه هذه الكلمة من الاحترام”.

[embedded content]

hespress.com