مرت عشر سنوات على خطاب 9 مارس الذي تجاوب مع المطالب المرفوعة من لدن حركة 20 فبراير، من خلال إجراء تعديل دستوري شامل، وتعزيز منظومة حقوق الإنسان بمختلف أشكالها، وتوطيد مبدأ فصل السلط وتوازنها، ما جعل أغلب المتتبعين للشأن العام يستبشرون بمعالم “المغرب الجديد”.

وإذا كانت الوثيقة الدستورية لعام 2011 قد قطعت مع فلسفة الحكم السائدة من قبل، وإنْ على المستوى النظري، فإن الممارسات السياسية التي تلت التعديل لم تتجاوب مع “اللحظة التاريخية” بالشكل المطلوب، نظرا إلى استمرار “العقل السياسي” في التعامل مع أحداث العشرية الأخيرة من منطلق الدساتير السابقة.

googletag.cmd.push(function() { googletag.display(‘div-gpt-ad-1608049251753-0’); });

لذلك، ظهرت قراءات بحثية تنتقد مطلب مراجعة الدستور الحالي، اعتبارا لمضامينه المتقدمة التي لم تجد مخرجا للتطبيق على أرض الواقع، في ظل عدم تفعيل عدد من المقتضيات الدستورية “المجمدة”، نتيجة عجز “النخبة السياسية” عن تأويل تفاصيله بشكل يتناسب مع قضايا اللحظة الراهنة.

وفي هذا الصدد، أفاد محمد زين الدين، أستاذ القانون الدستوري بجامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء، بأن “خطاب 9 مارس متقدم كثيرا، لأنه يحمل نفسا إصلاحيا دستوريا ساهم في إدخال المغرب إلى ملكية دستورية ثانية، على أساس أن دستور 2011 كان مختلفا عن المحطة الدستورية الأولى المتمثلة في دساتير 1962 و1970 و1972 و1992 و1996”.

وأوضح زين الدين، في حديث مع هسبريس، أن “الوثيقة الدستورية لسنة 2011 تختلف عن الدساتير السابقة شكلا ومضمونا، ارتباطا بخطاب 9 مارس الذي رسم محددات دستورية جديدة ومتجددة للنظام الدستوري المغربي على أكثر من صعيد، سواء تعلق الأمر بصلاحيات البرلمان، أو تكريس حقوق الإنسان، أو استقلالية القضاء، أو إعادة هندسة توزيع الاختصاصات بين المؤسسات الملكية والحكومية والبرلمانية”.

وأكد الأستاذ الجامعي أن “السقف السياسي لخطاب 9 مارس فاق توقعات مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين، ما يجعله خطابا مرجعيا ذا نفس إصلاحي جديد يرمي إلى وضع المغرب في سكة الدول المتقدمة على مستوى نظامها السياسي والدستوري”، متسائلا: “هل استثمر الفاعلون السياسيون اللحظة التاريخية لخطاب 9 مارس؟”.

ولفت زين الدين إلى أن “الممارسة اليومية أثبتت تخاذل الفاعلين السياسيين في استثمار لحظة 9 مارس، حيث لم يتم تطبيق الكثير من المقتضيات الدستورية بالكيفية المثلى، لأن الدستور الديمقراطي يتطلب بالأساس فاعلين ديمقراطيين متشبعين بالثقافة الدستورية، وهو ما أمكن ملاحظته من خلال تحركات الحكومة والبرلمان”.

وتابع بأن أمر “مراجعة الدستور يتطلب عملا دقيقا للغاية، كما أنه يرهن دولة بأكملها، لكنه ليس السؤال الذي وجب طرحه في الوقت الحالي، وإنما ينبغي التساؤل عن مدى استثمار لحظة 9 مارس من طرف الحكومة والبرلمان والفعاليات السياسية”، ليخلص إلى أن “هناك تطبيقا تقريبيا لبعض مقتضيات الدستور فقط”.

The post عشر سنوات على "خطاب 9 مارس" .. مضامين متقدمة تقابل "عقليات متأخرة" appeared first on Hespress – هسبريس جريدة إلكترونية مغربية.

hespress.com