وجهت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان نداء إلى الجمعيات والمنظمات الحقوقية الناشطة في إسبانيا لدعوة حكومة مدريد، بشتى الوسائل التي يتيحها القانون، إلى إخضاع إبراهيم غالي، زعيم “البوليساريو”، للمحاكمة، على خلفية التهم الثقيلة التي تلاحقه أمام القضاء الإسباني.

ويوجد إبراهيم غالي، منذ أسبوع، في إسبانيا قصد العلاج جراء إصابته بفيروس “كورونا”. وأثار استقبال الجارة الشمالية للمملكة له استياء الرباط، حيث استدعت الخارجية المغربية السفير الإسباني وعبرت له عن أسفها للموقف الإسباني وطلبت منه تفسيرا بشأن موقف حكومته.

وقُدمت، منذ سنوات، أمام القضاء الإسباني، شكاوى ضد زعيم “البوليساريو”، تتعلق بارتكاب جرائم حرب خطيرة وانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان؛ وهو ما دفع بضحاياه والجمعيات الحقوقية المغربية بإسبانيا إلى مطالبة القضاء الإسباني بمحاكمته، بعد أن شاع خبر دخوله التراب الإسباني بجواز سفر جزائري وبهوية مزيفيْن تحت اسم محمد بنبطوش.

وقالت العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، في ندائها إلى الجمعيات الحقوقية الإسبانية، إن إبراهيم غالي هو واحد من أبرز المتهمين باقترافهم لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، وله المسؤولية المباشرة في ارتكاب العديد من الانتهاكات الخطيرة في مجال حقوق الإنسان، والتي ما زال جلها يمارس إلى حدود اليوم، في تحد سافر للمواثيق الدولية، وفي مقدمتها القانون الدولي الإنساني.

وسبق للقضاء الإسباني أن تفاعل إيجابا مع شكاية وضعتها فعاليات حقوقية صحراوية ضد زعيم “البوليساريو” سنة 2008، حيث تم قبول الشكاية من طرف قاضي التحقيق غورتال بارسينا سنة 2012. وأصدر بموجبها القاضي بابلو روز، سنة 2013، مذكرة قضائية وجهت الاتهام بشكل مباشر إلى إبراهيم غالي والمتورطين معه في الجرائم الخطرة المتهم بارتكابها.

وبالرغم من المذكرة المذكورة، فإن المتابعة في حق غالي لم تتحرك، بداعي صعوبة استدعائه وباقي المتهمين معه، وظلت الشكاية المرفوعة ضده على رفوف القضاء الإسباني إلى أن ذاع خبر دخوله إلى إسبانيا للعلاج لتتجدد دعوات ضحاياه ومعهم الجمعيات الحقوقية إلى القضاء الإسباني بمحاكمته بعد أن صار أمر اعتقاله ممكنا.

العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان شددت على أن سماح الحكومة الإسبانية بدخول زعيم “البوليساريو” إلى إسبانيا قصد العلاج في مستشفياتها تحت مبرر الدواعي الإنسانية “يضرب في مصداقية القضاء الإسباني”.

وأضافت الهيئة الحقوقية المغربية أن تستر الحكومة الإسبانية على شخص مطلوب أمام القضاء ومتهم بأفعال جرمية يحرمها القانون الإسباني والقوانين الدولية والسماح له بالمرور بجواز سفر جزائري مزور “يعتبر تسترا مؤسساتيا عن مجرم حرب، ومساعدته على الهروب من العدالة، وتشجيعا على محاولات الإفلات من العقاب”.

وأكدت العصبة على الجمعيات الحقوقية الإسبانية بأن تتحمل مسؤوليتها التاريخية؛ وذلك عبر دعوة حكومة مدريد، “بكل الوسائل التي يتيحها القانون، من أجل إخضاع إبراهيم غالي للمحاكمة، ومتابعته فيما اقترفه من جرائم الإبادة الجماعية التي دعت إلى منعها وملاحقة مرتكبيها المادة الثانية من اتفاقية 1948 الخاصة بمنع جريمة الإبادة الجماعية، بالإضافة إلى اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري”.

واستغربت الهيئة الحقوقية المغربية من “التعامل السياسوي” من قبل الحكومة الإسبانية مع قضية مثول زعيم “البوليساريو” أمام القضاء. كما عبرت عن اندهاشها من “إمعانها في إهانة القضاء وتشويه سمعة الفعل الحقوقي الإسباني”، و “ازدرائها لحقوق المتقاضين، ومشاركتها في فعل جرمي، وتسترها على شخص هارب من العدالة”.

وختمت العصبة المغربية نداءها إلى الجمعيات الحقوقية الإسبانية بدعوتها إلى دفع حكومة مدريد إلى “التراجع عن هذه الممارسات وتحفيز قضاء بلادكم للقيام بمهامه ومحاكمة المدعو إبراهيم غالي، إنصافا للضحايا، وتعزيزا لآليات عدم الإفلات من العقاب، خاصة أن بلادكم تعتبر من الدول المصادقة على نظام روما الأساسي بشأن المحكمة الجنائية الدولية، والذي يجرم جميع الأفعال موضوع الشكاية ضد هذا الشخص”.

hespress.com