يثير مشروع قانون للحكومة الفرنسية يهدف إلى تعزيز الترسانة ضد التيار الإسلامي المتطرف وينص على “عقد الالتزام الجمهوري”، قلق العديد من الجمعيات التي ترى في هذا النص تهديدا لحرية التعبير.

ويريد مشروع القانون الذي قدم إلى مجلس الوزراء في 9 ديسمبر، والذي يؤكد احترام مبادئ الجمهورية (المعروف باسم “مشروع قانون مناهضة النزعات الانفصالية”)، أن يكون “دمغا” لولاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون البالغة خمس سنوات.

كذلك، يهدف إلى الرد على قلق الفرنسيين من الإرهاب الجهادي الذي تفاقم بعد قطع رأس سامويل باتي، المدرس الذي قتل في منتصف أكتوبر لعرضه رسوما كاريكاتورية للنبي محمد، أعقبه اعتداء على كنيسة في نيس.

وبين قراءتين في البرلمان، لا تتراجع الجمعيات في مواجهة “عقد الالتزام الجمهوري” المنصوص عليه في هذا النص الذي تعتبره “شرطة فكرية”.

وسيكون هذا العقد الذي ينص على “احترام مبادئ الحرية والمساواة والأخوة واحترام كرامة الإنسان”، والذي تمت صياغته في إطار مكافحة الإسلام المتطرف، بمثابة أساس لمنح الإعانات الحكومية. ولكي تتمتع الجمعيات بهذا الحق، يتعين عليها أن تلتزم بـ”عدم التسبب في اضطرابات بالنظام العام” و”الامتناع عن التبشير المسيء”.

وهذه القيود التي تعتبر “ملتبسة جدا” و”دقيقة جدا” في الوقت نفسه، تقلق الجهات الفاعلة في المجتمع المدني التي ناقشتها مساء الثلاثاء خلال مؤتمر افتراضي عبر محادثة بالفيديو.

وتساءلت فريدريك فراندر، فاعلة ضمن حركة جمعوية تضم 700 ألف جمعية: “ما هو التبشير المسيء؟ كيف سيتم تفسيره؟ لا تسببوا اضطرابات للنظام العام، ماذا يعني ذلك؟”.

وأضافت أن مشروع القانون هذا “يوفر لعدد معين من الفاعلين وسيلة للضغط على جمعيات من خلال المطالبة بإعادة النظر في نشاطاتها في ما يتعلق بنص قد يكون موضوع تفسيرات عدة”.

كمّ أفواه الجمعيات؟

وتتشارك مع فراندر في وجهة النظر رابطة حقوق الإنسان التي يخشى رئيسها مالك سالمكور من فرض عقوبات على بعض النشاطات “التربوية” التي تقوم بها جمعيات بشأن سياسات حساسة قد “تثير الاستياء”.

وقال: “إنها رغبة في كمّ أفواه الجمعيات الاحتجاجية (…) يمكن معاقبة بعضها لأنها دافعت عن البيئة أو انتقدت عنف الشرطة أو دعمت تدابير العدالة الاجتماعية أو قامت بنشاطات رمزية للنضال النسوي أو دعم المهاجرين”. وأضاف: “ليست فقط حرية الجمعيات أو النقابات في خطر، بل حرية التعبير كلها”.

ويسود القلق أيضا بين صفوف جمعيات الدفاع عن البيئة التي يعتمد جزء منها على الإعانات الحكومية، والتي تتساءل عن مستقبل نشاطاتها.

أما في ما يتعلق بـ”تنظيم الأسرة”، وهي جمعية فرنسية تكافح خصوصا ضد التمييز والعنف الذي تتعرض له النساء، فهي لا تخفي تساؤلاتها أيضا.

وقالت سارة دوروشيه، الرئيسة المشاركة للجمعية: “هناك العديد من المعارضين اليوم لمسألة الإجهاض وحقوق المثليين. تلقينا الكثير من التنبيهات عبر وسائل التواصل الاجتماعي تقول (تنظيم الأسرة ممول من الخدمات العامة، أوقفوا التمويل)”.

في مواجهة الانتقادات والتحفظات التي عبرت عنها أيضا اللجنة الاستشارية الوطنية لحقوق الإنسان، أكد الوزراء وأعضاء الأغلبية البرلمانية أن الأمر لا يتعلق “بعدم الثقة في الجمعيات”، بل “بمحاربة” أولئك الذين يعملون لصالح الانفصالية.

ومن المفترض مراجعة مشروع القانون الذي أقرته الجمعية الوطنية في القراءة الأولى في 16 فبراير اعتبارا من 30 مارس في مجلس الشيوخ. وفي حال اعتماده، تخطط الجمعيات لتقديم استئناف إلى المجلس الدستوري ليقرر مدى توافق النص مع الدستور الفرنسي.

hespress.com