حث الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، على إبراز الامتنان للخالق على نعمه الواسعة، والإعراب عن الشعور بالحمد له من خلال الممارسة اليومية، موضحا أن “هناك اختلافا بين الحمد والشكر؛ فالحمد لله أوسع وأعمق من الشكر، لأن الشكر عملية امتنان على شيء أخذته من غيرك، أما الحمد فهو شعور عميق متغلغل في أعماق النفس بالامتنان لله”.
وأضاف الداعية الإسلامي، في الحلقة السادسة عشرة من برنامجه الرمضاني “منازل الروح”، أنه “مع كل مرة تقول فيها: الحمد لله.. افتكر نعمه.. كلما قلت الحمد لله يزيدك: “لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَكُمْ”. والإمام علي بن أبي طالب يقول: النعمة موصولة بالشكر، والشكر متعلق بالمزيد، ولن ينقطع المزيد من الله حتى ينقطع الشكر من العبد”.
لكن كيف أدرب نفسي على الرضا؟، نصح خالد قائلا: “عش بنفسية الممتن.. الحامد لله.. عش بنفسية وعقلية الامتنان.. كن دائما حامدا شاكرا لله على وضعك.. خاصة أن الإنسان بطبعه يتمنى الشيء، أو ما يحققه، فينظر إلى ما ينقصه، وبالتالي قد لا يرضى أبدا”.
وأشار الداعية الإسلامي إلى أن “هذا ليس من الناحية الروحية، وإنما أيضا من الناحية العلمية الصحية؛ لأن الحمد والشكر بالإحساس بالنعم يجعل عقلك يفرز مادة اسمها “الأندروثين”، هي المسؤولة عن سكون وهدوء الإنسان، فكلما تكون حامدا، يفرز مخك “الأندروثين”، فتشعر بالسكينة والانبساط والسعادة”.
وحث خالد على ممارسة الشعور بالامتنان لله كل يوم على الأشياء البسيطة، مبينا أن هناك من يعيش نفسية الوقوف على المنصة، ينتظر تصفيق الناس له، وهذه لحظات قليلة جدا في الحياة، فالسعادة في أغلبها لحظات بسيطة.. علي ابن أبي طالب يقول: “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظم النعمة وإن صغرت”، لا يستصغر شيئا من النعم: اللقمة الحلوة – الكلمة الحلوة – ركعتان خفيفتان.
وذكر أن “الامتنان في الغرب صار يكتب في روشتات الأطباء، لا بد أن تجد كل يوم أشياء تمتن عليها وإلا ستتعب، امتن لأي شيء ولأي شخص، اشكر كل إنسان، امتن للنعم في حياتك.. امتن للوردة الحلوة.. امتن للشجرة أمام بيتك.. بينما نحن المسلمين لدينا نعمة رائعة، وهو أننا نمتن لله خالق النعم كلها: “وَمَا بِكُم مِن نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَهِ”.
ودعا خالد إلى تقليد طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في الرضا والحمد، من خلال ربط كل النعم بالمنعم، وحمده عليها، فقد كان دائم الحمد في كل حركاته، وكل عمل له حمد ورضا خاص به.
وقال إن العيش بحالة الرضا يأتي بكثرة الذكر.. “فَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا يَقُولُونَ وَسَبِحْ بِحَمْدِ رَبِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا ۖ وَمِنْ آنَاءِ اللَيْلِ فَسَبِحْ وَأَطْرَافَ النَهَارِ لَعَلَكَ تَرْضَىٰ”، رابطا بين الرضا والصحة النفسية في الذكر.. “لَعَلَكَ تَرْضَى”.. هذا وعد الله لمن يذكره.. ستصل للرضا”.
وأضاف خالد أن الحمد لله ينقسم إلى ثلاث درجات:
ـ احمده على النعم المادية، أكل وشرب وبيت وزوجة وأولاد ومال وصحة.
ـ احمده على نعم الروح: قرأت القرآن، وشعرت بتجليات وسكينة أو صليت صلاة متقنة، ذكرت فشعرت بسكينة.. “تحمده أنه وفقك فتتذوق هذه المعاني، تحمده أنه قربك منه، وأعانك على ذكره وشكره وحسن عبادته”.
ـ أعلى أنواع الحمد أنك تحمده لأنه أهل للحمد، لأنه يستحق أن يحمد لجلاله وصفاته، لأنه ربك وخالقك، لأنه أهل للحمد.
وكشف خالد عن طريقة عملية للرضا، قائلا: “إحساس الرضا لن يأتي إلا بإحساس الأمان بالله.. اعتبر أن ما لدى ربنا لك هو بدل رصيد البنك، “لا يؤمن أحدكم حتى يكون بما في يد الله أوثق مما في يديه”، اطمئن، فإن رزقك عند ربنا مضمون أكثر من رصيدك في البنك”.
ورأى الداعية الإسلامي أن الحل يتمثل في الرضا بعطاء الله، وتقليل النظر لمن هو أعلى منك: “فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِحْ بِحَمْدِ رَبِكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَيْلِ فَسَبِحْ وَأَطْرَافَ النَهَارِ لَعَلَكَ تَرْضَى”، “وَلَا تَمُدن عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتعْنَا بِهِ أَزْوَاجا منْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِۚ وَرِزْقُ رَبكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ”، هكذا يفقد الناس الرضا، وهذه الآية حل عودة الرضا، انظر إلى ما هو دونك ترضى، ولا تنظر إلى ما فوقك فتتعب.
وحدد خالد خمس طرق للعيش بحالة الرضا:
ـ عش نفسية الامتنان
ـ قلد طريقة النبي في الرضا والحمد
ـ حب قدر الله
ـ كثرة الذكر
ـ ضع سقفا لاحتياجاتك.
وعدد الداعية الإسلامي جوائز الرضا في الآتي:
ـ السعادة ورضا الله ليسا كلمتين فقط، لكنهما أقوى احتياج للإنسان يحققه الرضا: السعادة ورضا الله. يقول ابن القيم: الرضا باب الله الأعظم ومستراح العابدين وجنة الدنيا: “رَضِيَ اللَهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ”.
ـ الرضا سيرفع روحك المعنوية.. فالناس تبحث عن هذا الإنسان، صاحب الروح المعنوية العالية.. الرضا يعطيك هذه الروح.
ـ الرضا يزيد طموحك في الحياة: الرضا والطموح
ـ كلما زادت درجة الرضا.. كلما زادت جودة النتائج في المستقبل
ـ الرضا يزيد طموحك، لأنه يفتح شهيتك للعمل والتنازل.. الرضا يزيد الأمل، لذلك هذا النموذج عكس الفكر الديني التقليدي الذي جعل الرضا عكس الطموح، أما نحن في منهجنا، كلما زاد الرضا زاد الطموح.
وأضاف خالد أنه ثبت علميا في دراسة لعلم النفس الإيجابي، بداية من سنة 2000 إلى 2003 عن الامتنان، أربعة أشياء:
ـ الرضا يزيد درجات الأمل في المستقبل ورغبتك في الإبداع
ـ الرضا يزيد قوة الجهاز المناعي ويعطيك نوما أعمقا وأكثر فائدة
ـ الرضا يزيد الاستمتاع بالحياة أعلى
ـ الرضا ينمي العلاقات الصحية مع الناس، عندما يرى أفضالهم ويشكرهم عليه.
وحث خالد على ممارسة طريقة عملية لذكر الحمد لله 100 مرة مع إنسان عزيز عليك (زوجتك، ابنك، صديقك)، ثم يبدأ كل منكم بذكر نعمة من نعم الله عليه في حياته، ويتم تبادل النعم بينكم لمدة 10 دقائق إلى ربع ساعة.
وقال الداعية الإسلامي: “يمكن ممارسة نفس التمرين وسط مجموعة أكبر من الأصدقاء والأقارب، هذا التمرين له مفعول غير عادي ويصل بالإنسان إلى درجات روحانية عالية”.
ودعا خالد إلى تخصيص كراسة أسماها “كراسة النعم”، كلما أضفت نعمة جديدة سجلها بشرط سجل النعم اليومية البسيطة قبل الكبيرة حتى تملأ هذه الكراسة بعد أشهر عديدة أو سنوات بنعم الله عليك.
وحث على مراجعة هذه الكراسة مرة كل شهر لتحقيق (انعكاس) النعم في حياتك، ثم ابدأ بعدها بذكر الحمد لله مائة مرة أو أكثر، ستجد أن درجة رضاك وسعادتك زادت بشكل كبير.