عرّف الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، التوكل على الله (أحد منازل الإحسان السبعة)، بأنه اعتماد القلب على الوكيل وحده، وراحة البال بعد الجهد والتخطيط، واكتفاء العبد الضعيف بالله القوي العزيز العليم الحكيم، وبالمعنى الدارج: توكيل رسمي لإرادة الله لإدارة حياتك أو مشروعك.
وقال خالد في الحلقة الثامنة من برنامجه الرمضاني “منازل الروح”، إن “التوكل عبادة قلبية وليس مجرد كلام، فعندما تقول: توكلنا على الله، يخرج ذلك بصدق من القلب. لكن كيف توقع عقد التوكل على الله؟ بقلبك أولاً، ثم ينطق لسانك: حسبي الله ونعم الوكيل.. حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم”.
وأضاف أن “التوكل عقد شراكة مع الله من طرفين. أنت تبذل كل جهدك وهو يدبر كل أمرك، وتطمئن تمامًا لأن أهم صفات الوكيل أنه لا يضيع موكله. لذلك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث: (من أراد أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله)”.
وأوضح أن “التوكيل نوعان: توكيل عام في حياتك كلها، وتوكيل خاص لأشياء محدودة (المشروع الفلاني – العمل الفلاني)، فيه تركيز ومتابعة أدق. أما التوكيل العام، فهو تمامًا مثل الشهر العقاري”.
وأشار خالد إلى أن التوكل له قوة هائلة، لأن “الوكيل لا يمكن يعمل إلا لمصلحة موكله، فما بالك رب العالمين؟ أنت بتوكيلك ضامن النتائج 100 في المائة، إنها في صالحك. وهذا وعد الوكيل سبحانه لمن يوكله عن تحقيق مصلحتك: (رَّبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا)”.
لكنه اشترط لأن يقبلك الوكيل، أن تبذل الجهد قدر طاقتك، وتأخذ بالأسباب وتعتمد بقلبك على الله وحده، معتبرًا أنه “لو لم تأخذ بالأسباب، ستصبح واهمًا ولست متوكلاً، والعكس: اعتمادك على الأسباب وحدها عدم توكل؛ فالأسباب مخلوقة مثلك، عاجزة مثلك، لست وحدك قليل الحيلة، بل الكون كله قليل الحيلة بين أيدي الخالق، ليست الأسباب التي ستأتي بالنجاح، ولن تحقق النتيجة”.
ووصف الأسباب بأنها “ستائر لقدرة الله. لو ظهرت القدرة لأمن الناس (وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ)، (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ). التوكل الصحيح: الجوارح تعمل والقلوب تتوكل. استفراغ الطاقة، ثم اللجوء إلى الله ليقودك للخير”.
وقال خالد إن التوكل الذي يريده الله: “لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير”.
وروى خالد أنه “ذات مرة كنت في جزيرة من جزر اليونان، وأنا عائد بالليل في سفينة كبيرة تستخدم كوسيلة للنقل العام للعاصمة أثينا، مدة الرحلة ساعة ونصف. طوال الرحلة، كانت طيور النورس تطير بجوار المركب. لماذا؟ لأن الدنيا ليل وظلام، فالطيور تريد أن ترى سمك السردين من خلال ضوء السفينة، فظلت ساعة ونصف تطير وعينها على المياه تنزل تلتقط السمكة وتطير ثانية، طول المسافة”.
لكنه شدد على أن هناك شرطًا للتوكل، “لا بد أن يتجدد العقد كل يوم، لأنك ستنسى التوكل وتلغي العقد بالتقادم، لا بد أن تجدده يوميًا أو أسبوعيًا. لذلك، النبي صلى الله عليه وسلم يوضح لك طريقة تجعلك متذكرًا للتوكل يوميًا، يزيد بها توكلك: (حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم)، قلها كل يوم سبع مرات بصدق، يكفيك الله همك في هذا اليوم. يقول النبي: (من قالها حين يصبح سبع مرات كفاه الله همه في ذلك اليوم)”.
لكن كيف أتوكل على الله بشكل عملي؟ أجاب خالد: “للتوكل ست خطوات. اعمل توكيلاً عامًا: توكل على الله في كل حياتك. لكن مهم جدًا تعمل توكيلاً خاصًا لمشروع أو مشروعات محددة في حياتك، لأن فيها تركيز لفكرة التوكل. حدد موضوعات التوكيل الخاص (توكيل عام بالحياة – توكيل خاص بموضوعات محددة)
– ضع خطة عملية للأخذ بالأسباب
– وقع بقلبك ولسانك عقد التوكيل
– اكتب صيغة توكيل بينك وبين الله (نعم اكتبها لتثبتها في عقلك)
– ثبت التوكل يوميًا بأذكار التوكل (خاصة: حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم، سبع مرات يوميًا)
-أوقف المبالغة في التفكير لتقليل التوتر.