قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن مصدر الحب هو الله، فهو من غرس معناه في قلوب البشر؛ “فحبك له يمدك برصيد وحدات كبيرة من الحب”، موضحًا أن هذه الوحدات موجودة لدى كل البشر، لكن رصيدهم من الحب ينفذ أمام مادية الحياة وصعوباتها.

وأضاف خالد، في الحلقة الخامسة والعشرين من برنامجه الرمضاني “منازل الروح”: “حبك الله يمدك برصيد متجدد ووحدات عالية الطاقة من الحب ويوسع صدرك لمزيد من حب الناس..لو عشت بحب الله ستتعلم الحب في باقي الحياة..مع زوجتك.. أولادك.. أهلك”، وأشار إلى أن حب الله يوسع الصدر، موردا الآية: “يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا”، وزاد معلقا: “أنت بحاجة إلى التزود بطاقة ربانية حتى لا ينفد رصيدك من العاطفة، والله يتحدث عن العلاقة العاطفية بين الزوجين فيقول: ‘وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحّ’، وكأنه يقول: بخل النفوس أسوأ من بخل الجيوب”.

 حب الله وفن التوهج

أكد خالد أن حب الله يجعلك متوهجًا، وذكره يعطيك طاقة، لتكون متوهجًا كالشمس، مردفا: “القرآن يقول: ‘وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ’.. نضارتها مصدرها النظر إلى الله، والإحسان معناه: أن تعبد الله كأنك تراه، لذا يجعلك متوهجًا، وهذا التوهج يجعل الناس تحبك، فتزداد توهجًا”.

وقال الداعية إن “التوهج حالة نفسية، روحية، عقلية، تكتنف وجودنا وتتسلل إلى جوارحنا وتجعلنا محل إنارة واستنارة دائمة! فتلمع أعيننا، يُشد جلدنا، يُشذب فكرنا فتنطلق كلماتنا دومًا ذات معنى إيجابيًا، فنمشي منارات ترسل لمعات من الأمل والفكر والإيجابية للآخرين”، وأوضح أن “التوهج يجعلنا حركة في المكان والزمان، نواجه الحياة بصعوباتها ظروفها، تحدياتها، أزماتها، لينطلق الحل من داخلنا بعفوية وبساطة وعمق”، وزاد: “التوهج يحول أفكارنا ومشاعرنا وخيالاتنا وتوقعتنا إلى ماء يتشكل بقوة ما يطلبه! فيكون وجودنا طبيعيًا، مقبولًا، شفافًا، ثريًا، معطاءً، أبديًا، حيويًا! التوهج يجاوز بنا مفهوم الطاقة لأن نُستحث بكلمة أو موقف أو شخص أو حب إلى أن نكون روحًا خالصة تشع وجودًا لمن حولنا”.

 محبة الله

قال خالد إن الدراسات العلمية أثبتت أن المبدع يستمتع بمواجهة التحديات وخوض المشاق والصعوبات، وأنه يحركه الحب والإلهام؛ “وحب الله هو أصل كل حب في الوجود، وهو أقوى حب يولد كل أنواع الحب الأخرى، والحب يجعلك تبدع بصرف النظر عن الجزاء أو العائد أو رد فعل الناس”، وتابع: “محبتك الله ستفيض على باقي حياتك..الحب هو أصل الكون وبالتالي فهو المغذي لباقي الصفات في الحياة.. كل الصفات الحلوة في علم النفس الإيجابي مصدرها ومولدها الحب.. هو أبو الصفات الحسنة في الحياة”.

وشدد المتحدث على أن “الحب يؤدي إلى حياة أفضل وصحة أفضل، وهو أصل العلاقات وليس العكس؛ فبدء العلاقة ليس هو الذي سيأتي بالحب، لكن وجود الحب بداخلك هو الذي سيأتي بالعلاقة”، كما وصف الحب بأنه “عملة العلاقة، بدونه يصبح الزواج غير ناجح؛ فبدون حب لن تعطي حبًا، لأن فاقد الشيء لا يعطيه، لكن مفتقد الشيء يعطيه”.

وقال الداعية أيضا إن “باربرا فردكسن”، أستاذة علم النفس الإيجابي، تعرف الحب بأنه تناغم الإيجابيات بين طرفين؛ أفضل ما لديك يتقابل مع أفضل ما في الطرف الآخر، وزاد: “لا بد أن تكون ممتلئًا من داخلك..لو أن كوب فارغ فلا يمكن أن تسقي الزرع”، وذكر أن “الدراسات تقول إن الحب يؤدي بشكل تلقائي إلى فضائل أخرى: التسامح.. العفو.. وهو المؤثر الأول في الدراسات في إيجابية كل العلاقات، فعلى الرغم من أن العلاقات الجيدة لا بد فيها من أخطاء، لكن الحب يؤدي إلى التسامح لتكتمل”.

ووصف خالد، العلاقة الزوجية بين النبي صلى الله عليه وسلم والسيدة خديجة بأنها “أعظم قصة حب في التاريخ”، مشيرًا إلى أن السيدة عائشة أم المؤمنين كانت تغار منها وهي ميتة، فيما كان النبي يرد عليها، قائلاً: “واستني بمالها حين حرمني الناس، وصدقتني إذ كذبني الناس، ورزقني الله منها الولد إذ حرمنيه من النساء..”.

وروى خالد كيف أنه عندما تعرض لسباب وشتائم على الإنترنت تلقى رسالة من نجله “علي” يقول له فيها: “سأظل سندك مدى الحياة”، واصفًا الرسالة التي مازال يحتفظ بها بأنها أجمل شيء حصل عليه في الحياة.

كيف أعرف أن لدي علاقات طيبة؟

وأوضح خالد أن “بابرا فردكسن” أجرت بحثًا كبيرًا انتهت فيه إلى أن هناك ثلاث علاقات جيدة: مع ناس يحبونك، أو يشكرونك، أمام علاقة سيئة، أو شخص يسبك.. وزاد: “لو كانت النسبة 3: 1 فأنت تتمتع بصحة نفسية جيدة، فقط ركز على الثلاثة الجيدين، واعمل مقاصة واخصم منهم الواحد السيئ تعيش راضيًا سعيدًا.. لو أن هناك ثلاثة يسبونك وواحدًا فقط يحبك، لكن مستوى حبه كبير، فرغم أن النسبة معكوسة 1: 3، لكن لقوة حبه أنت أيضًا تتمتع بصحة نفسية جيدة .. فقط ركز على هذا الواحد”.

ووصف خالد صاحب العلاقات الناجحة بأنه “دائمًا كوبه مملوء”، خاتما: “منزلة حب الله ستصل بك للإحسان وتحقق لك صفة رائعة للسعادة النفسية، وحب الناس يحميك من القلق والتوتر والإحباط وتقوي شخصيتك للنجاح في الحياة؛ لذا أنت بحاجة إلى أن تعيش بمنزلة حب الله”.

hespress.com