قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن حب الله سبحانه وتعالى يجب أن يكون في صدارة الاهتمامات في الحياة، وأن يكون مقدمًا على أي شيء آخر، مضيفًا: “لن تجد حلاوة الإيمان في قلبك سوى عندما يكون الله أحب إليك من أي شيء آخر”.

وفي الحلقة الرابعة والعشرين من برنامجه الرمضاني “منازل الروح”، واصل خالد الحديث عن منزلة “محبة الله”، مشددًا على أن حب الله تعالى هو ما يجب أن يملأ قلب الإنسان، على ألا ينازعه في محبته حب أي شيء آخر، مصداقًا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: “أحبوا الله من قلوبكم”، “أحبوا الله لما يغذوكم من النعم”، وزاد: “دائمَا تذكر نعمه عليك: “وما بكم من نعمة فمن الله””.

وأشار الداعية في هذا الصدد إلى قول النبي صلى الله عليه وسلم: “ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار”، وإلى قول الله تعالى: “قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ”.

وعلق خالد قائلاً: “أبوك وأمك، وأولادك، وأصحابك، وزوجتك، وأهل بلدك، وعملك، وممتلكاتك، وبيتك، كل هذه أشياء مهمة، لكنها لا يجب أن تكون أهم من الله، الله يجب أن يكون رقم واحد في حياتك، وبعده يأتي كل شيء”، وتابع: “هناك من يكون مركز حياته عمله، أو نقوده، أو نفسه، أو أسرته، وهناك من مركز حياته هو الله! اجعل الله مركزية حياتك، فيأتيك بكل الأشياء الأخرى. كيف تفعل هذا؟ بأن تحبه، أن يمتلئ قلبك بحبه”.

 واستشهد المتحدث بقول رسول اللَّهِ ﷺ: “كانَ مِن دُعاءِ دَاوُدَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: ‘اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعمَل الَّذِي يُبَلِّغُني حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن نَفسي، وأَهْلي، ومِن الماءِ البارِدِ’”، وزاد شارحا: “أنا أريد أن أحبك، وأن أحب من يحبك، وأن أحب العمل الذي يقربني لحبك”.

كما أكد خالد أنه “لا يوجد من أحب الله مثل النبي صلى الله عليه وسلم، الذي كان يدعو: ‘اللهم إني أسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، اللهم ما رزقتني مما أحب فأجعله قوة لي في ما تحب، وما زويت عني مما أحب فأجعله فراغًا لي في ما تحب’”، مردفا: “كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ‘جعلت قرة عني في الصلاة’، وكان يقول لسيدنا بلال: ‘أرحنا بها يا بلال’، الصلاة هي راحتي لأني ألتقي فيها بحبيبي، وكان يحب أن يسمع القرآن لأنه كلام حبيبه. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله: اقرأْ علَيَّ القرآنَ. قلت: يا رسولَ اللهِ كيفَ أقرأُ عليك وإنما أُنزِل عليك؟ قال: إني أشتهي أن أسمعَه من غيرِي.. قال: فافتتحتُ سورةَ النساءِ فقرأت عليه، فلما بلغت “فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا” نظرت إليه وعيناه تذرفان.. الرسول كان يبكي إذا استمع إلى القرآن يتلى عليه!”.

وساق الداعية نموذجًا لمحبة النبي صلى الله عليه وسلم لله سبحانه تعالى في الحديث الذي رواه حذيفة بن اليمان، قال: صلَّيتُ مع النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ذاتَ ليلةٍ فافتتح البقرةَ، فقلتُ يركعُ عند المائةِ، فمضَى، فقلتُ يركعُ عند المائتَيْن، فمضَى، فقلتُ يُصلِّي بها في ركعةٍ، فمضَى، فافتتح النِّساءَ فقرأها، ثمَّ افتتح آلَ عمرانَ فقرأها، يقرأُ مترسِّلًا، إذا مرَّ بآيةٍ فيها تسبيحٌ سبَّح، وإذا مرَّ بسؤالٍ سأل، وإذا مرَّ بتعوُّذٍ تعوَّذ، ثمَّ ركع فقال سبحانَ ربِّي العظيمِ، فكان ركوعُه نحوًا من قيامِه ثمَّ رفع رأسَه فقال: سمِع اللهُ لمن حمِده، فكان قيامُه قريبًا من ركوعِه ثمَّ سجد فجعل يقولُ سبحانَ ربِّي الأعلَى فكان سجودُه قريبًا من قيامِه”.

وتساءل خالد: هل تتخيل كيفية هذه الصلاة؟ هذه صلاة تؤدى في ساعات، ولا يقدر عليها سوى شخص يحب الله، فيستمتع بصلاته إليه”، وروى أن إبراهيم بن أدهم كان يجلس مع مجموعة من التابعين، فسأل: من أكثر حبًا لله؟ فأجاب أحدهم: “المحب لله من صبر على الابتلاء في الحياة”، فقال إبراهيم بن أدهم: “المحب لله من يشغله حب مولاه عن الابتلاء في الحياة”؛ كما روى ما قاله أبو بكر الكتاني: “جرت مسألة في المحبة بمكة أيام الموسم، فتكلم الشيوخ فيها، وكان الجنيد أصغرهم سنًا، فقالوا: هات ما عندك يا عراقي، فأطرق رأسه ودمعت عيناه ثم قال: عبدٌ ذاهب عن نفسه، متصلٌ بذكر ربه، قائمٌ بأداء حقوقه، ناظرٌ إليه بقلبه، أحرق قلبه أنوار هويته، وصفا شربه من كأس وده، فإن تكلم فبالله، وإن نطق فمن الله، وإن تحرك فبأمر الله، وإن سكت فمع الله، فهو بالله ولله ومع الله. فبكى الشيوخ وقالوا: ما على هذا مزيد!”.

ونقل عن رابعة العدوية قولها في حب الله تعالى: “فليتك تحلو والحياة مريرةٌ، وليتك ترضى والأنام غضابُ، وليت الذي بيني وبينك عامرٌ، وبيني وبين العالمين خرابُ، إذا صح منك الود فالكل هينٌ، وكل الذي فوق التراب ترابُ”، وفق عمرو خالد، الذي تابع موضحا: “ليس مهمًا إن كان الناس جميعهم غاضبين مني، غير راضين عني، المهم أن ترضى أنت عني يا رب”.

كما قال الداعية إن هناك طرقا لحب الله لو سلكتها ستصل بصدق إليه:

الطريقة الأولى: إذا أردت أن تحب الله.. اذكره كثيرًا.. اجعل لنفسك ورد ذكر يوميًا.. “هذه تجربة شخصية لي.. كل ما أذكر، أجد قلبي يمتلأ بالمحبة.. “فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ””.

الطريقة الثانية: اجبر بخاطر عباده يملأ قلبك بحبه، “ما عبد الله بأحب من جبر الخواطر”، “كلما أكرمت عباده، وكلما رحمت عباده.. يملأ قلبك بحبه”.

الطريقة الثالثة: الدعاء: “اللَّهمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يُحِبُّكَ، وَالعمَل الَّذِي يُبَلِّغُني حُبَّكَ، اللَّهُمَّ اجْعل حُبَّكَ أَحَبَّ إِلَيَّ مِن نَفسي، وأَهْلي، ومِن الماءِ البارِد”.

الطريقة الرابعة: اتق الله يحبك الله.

ودعا خالد إلى التمسك بهذه الأربع، “وستجد نفسك في ليلة القدر تنسكب دموعك وتقول: أنا أحبك يا الله”.

hespress.com