قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن الإنسان يحتاج إلى معنى كبير في الحياة، يحتويه وينتمي إليه، معتبرًا أن العبودية لله أكبر وأعظم معنى ينتمي إليه الإنسان، شرط أن تكون على مراد الله وليس على مرادك أنت، ومراد الله من عباده هو إعمار الأرض بالتعلم المستمر.. “اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ”.

وأضاف خالد، في الحلقة الثانية والعشرين من برنامجه الرمضاني “منازل الروح”، أن علاقة العبودية لله مع التعلم وإعمار الأرض بدأت منذ عهد آدم عليه السلام، وزاد: “لا بد أن تترجم عبوديتك لله في شكل تعلم مستمر لإعمار الأرض..صلاتك.. ذكرك.. قرآنك.. خشوعك.. صيامك لو لم يتحول إلى تعلم وإعمار فأنت تعبد الله على مرادك أنت وليس على مراد الله”.

وأوضح الداعية: “هناك علاقة عجيبة بين عبوديتك لله وبين التعلم، كل ما تتعلم أكثر تعبده أكثر.. ‘إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ’”، مبينًا أن “الخالق هو من علّم آدم العلاقات بين كافة المخلوقات (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا)، والتي تتجسد في كل مكونات الحياة وإعمار الأرض، وشبكة علاقات المخلوقات ببعضها، وعلاقة المطر بالزرع، وعلاقة البحر والسمك بالصيد، وعلاقة كل الأسماء الكونية ببعضها”.

وذكر خالد أيضا أن أول من خط بالقلم هو سيدنا إدريس، موردا: “عرف المعادلات، وكتبها، لذلك فإنه يحظى بتقدير كبير عند الفراعنة، لأنه كان على معرفة بالعلاقات.. ولماذا يفعل الله ذلك؟ حتى لا يقول أحد إن هناك صدفة”، وأشار إلى أن “مقام العبودية أول مقامات الإنسان، وأول مقامات أبينا آدم”، وزاد: “لما عصى آدم وأكل من الشجرة بكى كثيرًا.. فناداه الله: “يا آدم أنين المذنبين أحب إلينا من تسبيح المتفاخرين، يا آدم كنت تدخل علينا دخول الملوك على الملوك، والآن تدخل علينا دخول العبيد على الملوك وهذا ما خلقتك له”.. آدم العبد أحب إلى الله رغم ذنوبه”.

ووصف عمرو خالد آدم بأنه “كان موسوعة العلم كله الذي عرفته البشرية إلى اليوم، وهذا ما أذهل الملائكة: ‘وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ۝ قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ۝ قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ’”، وتابع: “العلم أول بداية آدم على الأرض وأول رسالة إلى النبي: “اقرأ”.. هذا هو المعنى الكبير للعبودية.. أيها العبد تعلم العلم فهذه إرادة الله.. لكننا نتعلم بحثًا عن شهادة.. أول أمر مطلوب من الله للعبد: تعلم”.

وأكد الداعية أنه “لا تسود أمة إلا ونسبة كبيرة من شبابها عاشقة للعلم، لأن الحضارة والاختراع والتطور كلها أمور مرتبطة بالعلم”، وزاد: “هناك فرق بين من يريد أن يدرس وينجح في الامتحان من أجل الشهادة، وبين آخرين لديهم شغف وحب للعلم، فضلاً عن الشهادة”، وقال أيضا: “إن هذا الدعاء { وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْماً} يجعلك تتحول في عقلك الباطن من مجرد دراسة وامتحانات إلى حب التعلم..علمني حتى أنجح.. أفهم.. أتفوق في الحياة، وليس درجات وشهادة فقط. لماذا يحولك هذا الدعاء إلى عاشق للعلم؟ لأنه يعمل على عقلك الباطن..أفكارك وتصرفاتك هي نتاج المخزون في عقلك الباطن”.

وروى خالد أنه يعرف فتاة جعلت الدعاء وردًا يوميًا تردده مائة مرة في الصباح..وتقول: ظللت سنين لا أستطيع أن أنجز الدكتوراه، وعندما حافظت عليه استطعت أن أنهيها في سنة واحدة، لأنه زرع في عقلي حب العلم…وحث كل طالب أن يدرك سر هذا الدعاء ومعناه، حتى ينتقل من ملل الدراسة إلى حب ما يفعل، لأن هذه الدعاء ميراث سيدنا محمد للعلم للمسلمين، وترديده يجعل العقل الباطن عند من يردده يحثه على حب العلم وطلبه.

وأضاف المتحدث: “لو أن واحدًا في المائة فقط من الطلاب والباحثين العرب أخذوا بتطبيق هذه الآية لانتقلنا إلى مكانة أخرى في العالم، لأن الاختراعات هي نتيجة وثمرة للعلم، ولهذا الغرب تقدم”، وشدد على تقدير الإسلام للعلم والعلماء، إذ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: “فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم”، ويقول أيضًا: “إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرض حتى النملة في جحرها وحتى الحوت ليصلون على معلم الناس الخير”.

وأحصى خالد عدد الآيات القرآنية التي تشيد بالعلم والعلماء (حوالي 439 مرة)، ما اعتبره التغيير المنطقي للطفرة العلمية التي أنجزتها الحضارة الإسلامية، ودعا إلى ضرورة أن تترجم العبودية لله في شكل تعلم مستمر لإعمار الأرض، معتبرًا أن الدعوة إلى القراءة “هي دعوة لقراءة كتاب الكون المفتوح، المتمثل في كل ذرة من ذرات الخليقة، والمتجسد في كل حبة رمل ونسمة هواء وثمرة شجر؛ إنها دعوة إلى القراءة في كتاب النفس الإنسانية: في كل نزعة خير ونزوة شر، وعاطفة حب تهف بها النفس نحو الجمال والسمو أو تسقط بها نحو الرذيلة أو الانحدار”.

واستطرد الداعية بأنه “عندما اختفت ‘اقرأ’، صارت مجرد كلمة دون المعاني والآفاق والمقاصد، صار الصراع يمثل رؤى جامدة ومتوارثة: دون ذلك الفهم، دون ذلك التجدد، دون تلك المقاصد، أي باختصار دون ذلك الإسلام الحقيقي، لذلك فإن ‘اقرأ’ ليست مجرد بداية تاريخية لنزول الوحي.. إنها البداية والنهاية وما بينهما.. إنها جوهر الحكاية بأكملها، الحكاية التي لم تنته بعد!”.

وتوقع خالد مستقبلاً رائعًا لمن يطبق هذه الوصية المكونة من 15 عنصرًا، أو المداومة على عشرة منها لمدة ستة أشهر، وتتمثل في الآتي:

-اقرأ كل شهر أو أسبوعين كتابا.. وهذه أساسية وليست اختيارية.

– اقرأ في مجال تخصصك بشكل دوري.

– اشترك في تطبيق APP سيوفر لك أخبار العالم يوميًا.

– سافر حتى تشاهد العالم.

– تعلم حرفة على يد صانع ماهر مهما كنت غنيًا.

– زر آثار ومعالم بلدك، والمتاحف مع خبير.

– رافق إنسانًا ناجحًا، أو صاحب تجربة في الحياة، كما فعل سيدنا موسى مع الخضر.

– شاهد قناة دسكفري.. أو ناشيونال جيوجرافيك.

– تعلم لغة.

– مارس هواية مفيدة: رسم – شعر – تصوير – اكتب قصة أو شعرًا أو أغنية، أو أي فكرة.

– ناقش، واسأل في الكلية أو الفصل.. اسأل كثيرًا بذكاء.. “عندما سألوا الفائز بجائزة نوبل.. كيف وصلت لهذا المكان؟.. قال: أمي، وأنا صغير كانت تقول لي أريدك أن تسأل مدرسك كل يوم سؤالاً مفيدًا.. فقط هذا ما كون عقلي القادر على النقد ورؤية الأشياء بعمق”.

-العب لعبة تنشط العقل، مثل لعبة RESK أو الشطرنج.

-ادخل على “غوغل” كل يوم وتعلم شيئًا جديدًا.

– اجعل لنفسك دعاءً أو وردًا يوميًا: “وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا”.

– تعلم كل ثلاثة أشهر مهارة جديدة.. أو رياضة جديدة.

تمرين: فكرة مت فارغاً .. أخرج أفضل ما عندك من أفكار قبل أن تدفن معك في قبرك..

hespress.com