تنبيه: ]أولا: تبّون (بالتّاء، وإذا شدّدنا تطبيق الحرف صار مُفخَّما كالطّاء، فيُصبح المرادف هو عضو المرأة التناسلي). ثانيا: لسنا بحاجة لِمن يُعلّمنا آداب النقد أو أصوله، ولا حتى الكتابة أيًّا كان نوعها، وبارك الله في معلمينا وأساتذتنا، ورحم الله من قضى نحبَه منهم، الذين علمونا العِلم الذي نهتدي به[

ما أقدمت عليه في الأيام القليلة الماضية إحدى القنوات التلفزيونية الجزائرية، المسماة “الشروق”، مِن إساءة إلى رئيس دولة هو ملك المغرب محمد السادس، بطريقة سمجة وخالية من أي حس أخلاقي أو فكاهي، هو صورة من صور بروباغندا النظام العسكري الجزائري، الضاربة جذورها في البلادة والغباء، المُنفّرة للناس، الجزائريين قبل غيرهم من باقي الجنسيات، مِن مثل هذا المنتوج الإعلامي الضحل وهذه المنابر الإعلامية التابعة لأسيادها العَسكر، تماما كما هو مُنفّرة عادة أي #تبّون الشهرية..! وإنْ كان ضرْب المَثل بالعضو السحري للأنثى لا يسيء إلى حميميته وجاذبيته وحبّ كل ذي مروءة ورجولة له.. فعُذرا جميلا لهن جميعهن !!

نحاول دائما أن ننأى بأنفسنا، ونترفع ونسمو عن القذارة والانحطاط الأخلاقي والدوس على الضمير المهني، الذي يجرنا إليه إعلام النظام العسكري المجاور لبلادنا من الجهة الشرقية، ولكننا نضطر إلى أن نغرف من نفس معينهم، ليس حُبا وترفا في هذا القاموس الرديء والخبيث، ولكن فقط لنرد الصاع صاعين، ولنقول لهؤلاء الأنذال، المُزكِمة روائحهم الكريهة والعفنة، أننا ها هنا مرابطون ومستعدون لمجابهة كل مَن تسول له نفسه الخبيثة، المس برموز بلادنا وبترابها وحدودها!

ردّنا، أولا، على الجانب “المِهني”، لتلك الحلقة من البرنامج الأسبوعي الذي أذاعته قناة “الشروق”، والتي تظهر فيها دمية كأنها تمثل ملِك المغرب، محمدا السادس، مُحاطة بـ”رجُلين”، أحدهما الذي كان يتحاور معها بلؤم وخبث، هو نائب برلماني، يا حسرة، والذي بدا يستفسر الدمية عن أمور تهم السياسة الخارجية للدولة المغربية، مُبْديا جهلا مطبقا، ويسعى، كما يبدو جليا، فقط إلى دغدغة مشاعر جمهور مفترض !

الحلقة إضافة إلى أنها لا تبعث، لا على الضحك، حتى الأسود منه ولا حتى الرمادي أو المزركش بكل ألوان الطيف، ولا على التأمل في الرمز أو الرموز إذا توفرت في “الشخصية”، إذا افترضنا أنها عملٌ إبداعي يدخل ضمن خانة الفن الساخر، فإنها تُظهر إلى أي مدى هو غبيٌّ هذا الإعلام التابع للنظام الجزائري، الذي يفتقد إلى حس الإبداع، وحس القدرة على استقطاب وحشد التأييد لخطابه البالي والبائد.. وهو ما يُظهر بالنتيجة، غباء نظام العسكر وجهله المطبق، الذي يدير إعلام بلاده بعقلية العسكري داخل الثكنة؛ فلا هو أجاد وظيفته التي هي حمل السلاح، ولا هو أتقن مهنة وفنّا بعيدين منه وعنْه كل البُعد، وله أهلُه وأصحابُه من قبيلة الإعلام والفن الذين يجيدونه !

فجاءت اللوحة/المشهد، صورة معبرة غاية التعبير، لكن ليس في الجمال والذوق الفنيين، ولكن في الرداءة والبذاءة وقِصر الرؤى عند الجنرالات، عديمي التكوين الأكاديمي والعسكري، الذين يديرون بلاد الأشقاء/الأشقياء بتفويض ما زال ساريا من المستعمِر الفرنسي، إلى يومنا هذا، وإلى ساعتنا هاته !

ردّنا، من الجانب الثاني، عن فحوى الخطاب، الذي حبلت به حلقة قناة “الشروق”، التي يسميها الجزائريون أنفسهم قناة “الشّرور”، وهم أدرى بقنواتهم، قبل غيرهم ونحن مِن هذا “الغير”. ولعل الجزائريين قد أحسنوا الوصف والتوصيف، وربما أضفنا إلى كلمة “الشّرور” (جمع شرّ، وهو الاستهجان والذّم)، “الفُجور”؛ فالقناة الإعلامية التي تترك كل مصائب وقضايا قومها وشعبها دون إماطة اللثام عنها، وتدع مشاكلهم العويصة التي يتخبطون فيها منذ سنوات، دون أن تقترب منها أو تنفض الغبار عليها، وليس أول ولا آخر تلك المشاكل والقضايا الاجتماعية والاقتصادية، وقوف الجزائريين في طوابير يوميا أمام الدكاكين والمحلات التجارية، ومؤسسات الدولة، لينالوا نصيبهم من حفنة دقيق أو حليب مُركّز.. مثل هذه القناة، لا يمكن نعْت ما أقدمت عليه من إساءة رخيصة لملك المغرب، إلا بالفجور والعُهر الإعلامي (مع احترامنا لعُهر العاهرات اللائي ذاك شغلُهن) ! فالأحرى الحفاظ على أدنى درجات شرف المهنة ونُبل رسالتها !!

إن الإعلام الذي يترك مشاكل وطنه ومواطنيه خلف ظهره، بل ومحاولته يائسا التضليل والتعتيم والكذب على الجمهور، بتوجيه الأنظار إلى هذا “المرّوك”/المغرب، العصي عليهم أن يقلدوه ويمشوا على أثره واقتفائه، لا يمكن تسميته إلا بالإعلام الفاجر والعاهِر، وهذا أخف التوصيف، ما لم يكن ذلك خيانة وإثما عظيما يستحق أن يثور في وجهه وعلى مؤسساته الجزائريون، ويقتلعونه من ثكناته، كما اقتلعوا بالأمس القريب الرئيس المقعد، الذي أدار بلادهم مع الجنرالات، لسنوات، من على كرسي متحرك، دون نُطق ودون قدرة على الحركة، بل ودون حتى التحكّم في حاجاته البيولوجية، سواء عبر المدخَل أو المَخرج، حيث لطالما سكب على كرسي الحُكم بَوْله، ونزل بُرازُه على سجادات قصر المرادية (اللهم لا شماتة)، بينما كانت هذه “الشروق” تُمجّد في الفاعل وتصوره بافتراء وزور على أنه الزعيم المُفدّى الذي لا يُشق له غبار.. !

ولا يخفى على كل ذي بصيرة، ودائما في تحليل الجانب الخطابي لهذا البرنامج التلفزيوني، وغيره من البرامج الآتية من شرق مملكة محمد السادس، ما يعكسه ذلك من ارتباك وتخبط في صفوف صانعي القرار الجزائري من العسكر، الذين باتوا لا يقوون على صد الضربات الموجعة للدبلوماسية والسياسة الخارجية للمغرب، لاسيما منذ عودة بلادنا إلى مكانها وإطارها الطبيعي الإقليمي، الاتحاد الإفريقي، بداية العام 2017.. وطريقة الفاتحين تلك التي دخل بها محمد السادس إلى مقر الاتحاد بأديس أبابا، واعتلائه المنصة الرسمية، وسط تصفيقات غالبية الزعماء الأفارقة، وأمام صدمة وانبهار ممثل نظام العسكر الجزائري، إسماعيل بنشرقي، الذي كان وقتها مفوض السلم والأمن بالاتحاد، ولم يصدق ما رآه بام عينيه وكأنه كابوس تحول إلى واقع صادم له، وهو كذلك بحيث تمت إزاحته من المنصب، بعد حين ومؤخرا فقط، بفضل تحركات الدبلوماسية المغربية.. عودة مظفرة للمغرب سبقتها وتلتها اعترافات بالجُملة وبالعشرات، بمغربية الصحراء وسحبٌ للاعتراف بالجمهورية الوهمية صنيعة النظام الجزائري.. ثم توالت الصدمات والانكسارات بفتح قنصليات عشرات الدول بأقاليم المغرب الجنوبية الصحراوية، وتتويج لكل هذه الانتصارات باعتراف تاريخي للولايات المتحدة الأمريكية بسيادة المملكة على صحرائها، وفتح قنصلية أمريكية بمدينة الداخلة..

مثل هذه الإنجازات الدبلوماسية والمكاسب السياسية على الأرض، لن تكون مدعاة إلا إلى صناعة المزيد من السُّعار والسفه والحُمق والعته والجنون لدى الجانب الآخر، الذي يصر على أن يتخذنا نظامُه العسكري عدوّا، لا لشيء، فقط للتغطية على الإجرام الذي يقترفه في حق شعبه، بالمزيد من التفقير والإقصاء والتهميش وسرقة عائدات مُقدّراته، ما حوّل بلداً يمشي مواطنوه الأربعون مليونا على بحار من البترول والغاز الطبيعي، إلى شعب يرتمي في عرض البحر، أملا في الوصول إلى البر الشمالي الأوروبي، وهربا من سياسة التفقير والتيئيس التي ينهجها الضباط السابقون في الجيش الفرنسي وأسلافهم..

ولِأن حقد النظام الجزائري على المغرب لا حدود ولا سقف له، بحيث بات مرضا مزمنا يستعصي إيجاد الدواء له، فهو متواصل، ولا يمكن توقع مظاهره أو أشكاله؛ وآخر صوره وضروبه، ما صدر يوم الاثنين 15 فبراير، حيث بعدما استقبل سفير النظام الجزائري بالمملكة المُسمى عبد الحميد عبداوي، بمقر سفارة بلاده بالرباط سفيرة السويد بالمغرب، آن هوغلوند، أصر هذا النظام المعتوه، وبكل ما أوتيت بروباغنداه من غِل وحِقد وكراهية، على نشر صورة الاستقبال الدبلوماسي، ولكن بعدما عمدت أيادي الجنرالات والأجهزة إلى التعتيم والتشويش على صورة السفير (الموضوعة في الخلفية) وهو يقوم بتسليم أوراق اعتماده لملك المغرب، وهي الصورة الجاري العمل بمثلها في العرف الدبلوماسي، حيث يؤثث السفراء بها مكاتبهم !

أخيرا، خيرا فعلت الجهات الرسمية ببلادنا بأن أعرضت، لحد الآن، عن الرد على صبيانية وخبث الجيران المرضى بالإساءة إلينا، لأنه سيكون من الخطإ والرعونة بمكان سقوط الدولة في شراك بروباغندا النظام الجزائري البليدة، والرد على إساءة أبواقها الدعائية للملك بتلك الطريقة الخرقاء الخالية من أي حس فني أو أخلاقي أو حتى إعلامي.. ولتواصل عملها المعتاد والمألوف، كمؤسسات محترمة تنجز وتحقق المكاسب لوطنها ومواطنيها، ولتدع جنود الخفاء وجنود القلم لكي يتصدوا لخصوم المملكة، حين يستأسد عليها المستأسدون وهم مجرد ضباع.. وإنّا ها هنا لمُرابطون والبادي أظلم !

hespress.com