لقد عرفت المقتضيات المنظمة للتذييل بالصيغة التنفيذية ولا سيما ما يتعلق بالميدان الأسري، تعديلات مهمة منذ صدور مدونة الأسرة بتاريخ 05 فبراير 2004، التي تضمنت في الفقرة الثانية من المادة 128 منها مقتضيات تهم تذييل الأحكام والعقود الأجنبية المنهية للعلاقة الزوجية بالصيغة التنفيذية، في اختيار تشريعي يبقى محل نظر بخصوص إدراج مقتضيات مسطرية تهم التنفيذ الجبري ضمن نصوص موضوعية خاصة هي مدونة الأسرة، غير أن المشرع عاد سنة 2011 ليعدل مقتضيات الفصل 431 من ق.م.م بإضافة فقرة أخيرة للفصل المذكور تنص على أنه “يكون الحكم القاضي بمنح الصيغة التنفيذية في قضايا انحلال ميثاق الزوجية غير قابل للطعن ما عدا من لدن النيابة العامة”، ويبقى أهم تعديل لمنظومة التذييل في المادة الأسرية هو الذي ورد على مقتضيات الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية بموجب القانون رقم 61.19 الصادر بتاريخ 9 غشت 2019.
ويمكن التأكيد بخصوص مجموع هذه الخطوات التشريعية الثلاث (2004 و2011 و2019) المتعلقة بمنظومة التذييل بالصيغة التنفيذية، أنها لم تكن موفقة في غالبها، لاعتبار جوهري يتعلق بعدم الاستيعاب التشريعي للغاية من التذييل بالصيغة التنفيذية المقترن لزوما بالتنفيذ الجبري، في مسايرة غير محمودة للتطبيق الإداري والقضائي المعيب للأحكام القانونية المتعلقة بمسطرة التذييل والذي لا يميز بين الحالات الموجبة للتذييل من عدمه، إذ أن مجمل التعديلات التشريعية ولا سيما لسنتي 2011 و2019 إنما غايتها معالجة البطء في مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية من زاويتين أساسيتين وهما جهة البت وطرق الطعن، حتى يتمكن المواطنون المغاربة المقيمون بالخارج من مباشرة مسطرة التذييل في آجال وجيزة، في حين أن إنهاء العلاقة الزوجية الذي استثناه المشرع من القابلية للطعن سنة 2011 وسنة 2019 غير قابل بطبيعته للتذييل بالصيغة التنفيذية، وأن الاحتجاج بالسند الأجنبي المثبت للزواج أمام الجهات الإدارية والقضائية لا يتوقف على استيفاء مسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية، وإنما تثبت لها الحجية القانونية استنادا لأحكام الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود الذي يعتبرها أوراقا رسمية، فما كان يتعين صرف الجهد بشأنه إنما يهم التطبيق القضائي والإداري المعيبين، والذين كرسا لزوم التذييل بدون سند يوجبه.
ولتوضيح أكثر لمضمون التعديل الأخير لأحكام الفصل 430 من قانون المسطرة المدنية، نرى أن نقدم قراءة في مضمون هذا التعديل، على أن نعرض بتفصيل في مناسبة لاحقة إن شاء الله لمختلف الإشكاليات العملية التي يطرحها.
فبموجب القانون رقم 61.19 الصادر بتاريخ 9 غشت 2019 حول تعديل الفصل 430 من ق.م.م، الذي أضيفت إليه الفقرات التالية:
“… غير أنه بالنسبة للأحكام الصادرة عن المحاكم الأجنبية بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، يتم تذييلها بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة الابتدائية لموطن أو محل إقامة المدعى عليه أو لمكان تنفيذ الحكم أو لمحل إبرام عقد الزواج.
يستدعي رئيس المحكمة، أو من ينوب عنه، المدعى عليه عند الاقتضاء.
يبت رئيس المحكمة، أو من ينوب عنه، في الطلب داخل أجل أسبوع من إيداعه.
الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي، في هذه الحالة، يكون غير قابل لأي طعن في الجزء المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية، ما عدا من طرف النيابة العامة.
مع مراعاة أحكام الفقرة السابقة، يكون الأمر قابلا للاستئناف داخل أجل خمسة عشر (15) يوما أمام الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف.
يجب على كتابة الضبط أن توجه مقال الاستئناف، مع المستندات المرفقة، إلى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف داخل أجل ثلاثة أيام من تاريخ إيداع مقال الاستئناف.
يبت الرئيس الأول، أو من ينوب عنه، داخل أجل عشرة أيام من تاريخ توصل كتابة الضبط بالملف.
لا يقبل القرار الصادر الطعن بالتعرض”.
وقبل بسط بعض الملاحظات (أولا) وإيراد بعض المقترحات المتعلقة بمضمون هذا التعديل (ثانيا)، يجدر التأكيد على أننا نشاطر المشرع هاجس التبسيط الإجرائي، غير أن منطلق المشرع كما رأينا سابقا انطلق من رؤية خاطئة للغاية من التذييل بالصيغة التنفيذية ونطاقه الصحيح، والذي كان في اعتقادنا لا يقتضي تشريعا وإنما إفهاما للمهنيين للنطاق المضبوط لمؤسسة التذييل بالصيغة التنفيذية.
أولا: ملاحظات بخصوص التعديل التشريعي للفصل 430 من قانون المسطرة المدنية، تعديل يناقض غاياته
يمكن إيجاز هذه الملاحظات إزاء النقاط التالية:
أ: أن هذا التعديل يشكل تكريسا تشريعيا للفهم المتداول غير السديد بشأن ربط نفاذ السندات الأجنبية المنهية للعلاقة الزوجية فوق التراب المغربي، بوجوب تذييلها بالصيغة التنفيذية، في حين أن التذييل بالصيغة التنفيذية لا يستلزم في إطار التشريع المغربي إلا في حالتين فقط:
1: حالة المطالبة بتنفيذ السند الأجنبي (حكم أو عقد أو غيره) فوق التراب المغربي وفقا لطرق التنفيذ المحددة حصرا في قانون المسطرة المدنية أو في نصوص خاصة.
2: حالة وجود نص داخلي خاص كالمادة 43 من مدونة التجارة مثلا بخصوص وجوب تذييل المقررات القضائية الصادرة على التجار في الخارج سواء بالتحجير أو رفع اليد أو التسوية أو التصفية القضائية، وكذا المقررات والمحررات التي تمس النظام المالي للتاجر الأجنبي وغيرها بالصيغة التنفيذية من أجل تقييدها بالسجل التجاري، أو اتفاقية ثنائية توجب ضرورة تذييل السند الأجنبي الصادر عن إحدى الدولتين بالصيغة التنفيذية، حتى يكون من جهة قابلا للتنفيذ الجبري فوق تراب إحدى الدولتين، ومن جهة أخرى حتى يكون قابلا للتقييد بالسجلات العمومية، وهذا الأثر الثاني لا يوجد نص داخلي يوجبه فيما يخص التقييد بسجلات الحالة المدنية أو سجلات المحافظة العقارية على خلاف ما هو سائد للأسف.
أما الاحتجاج بتلك السندات أمام مختلف الجهات الإدارية والقضائية -خارج ما ذكر أعلاه- فلا يتوقف على التذييل بالصيغة التنفيذية، عملا بصريح الفصل 418 من قانون الالتزامات والعقود الذي يضفي على الأحكام الأجنبية صبغة الورقة الرسمية، فضلا عن تنافي التذييل مع الغاية المرجوة وهي مجرد إثبات وضعية عائلية كمتزوج أو مطلق مثلا قصد التقييد بسجلات الحالة المدنية أو مباشرة مسطرة الزواج أو للمطالبة بالنفقة بناء على عقد زواج مبرم بالخارج مثلا.
ويكفي للنفاذ إلى الفهم الصحيح في هذا الإطار، الانتباه فقط إلى أن مختلف النصوص القانونية التي يسوقها مؤيدو التذييل بالصيغة التنفيذية في مثل تلك الحالات، وهي الفصول 128 من مدونة الأسرة و430 و431 و432 من ق.م.م، إنما تتحدث صراحة عن التنفيذ والقابلية للتنفيذ، وليس الاحتجاج بتلك السندات الأجنبية أمام جهة إدارية أو قضائية، كما أن تلك الفصول من ق.م.م وردت في باب التنفيذ الجبري للأحكام، وليس ضمن وسائل الإثبات المحددة في ق.ل.ع، في حين أن الاستدلال بتلك السندات الأجنبية أو المطالبة بتقييدها في بعض السجلات العمومية كسجلات الحالة المدنية مثلا، لا يعتبر تنفيذا يتوقف على التذييل.
وتجدر الإشارة في هذا الصدد إلى أن مسلك المشرع المغربي في استلزام التذييل بالصيغة التنفيذية، سواء في نص داخلي أو في بعض الاتفاقيات الثنائية، من أجل التقييد بالسجلات العمومية، يبقى مسلكا غير موفق نظرا لتنافي مسطرة التذييل مع الغاية المرجوة وهي مجرد التقييد أو التسجيل، والذي يدخل ضمن الآثار الإثباتية للسند الأجنبي وليس ضمن آثاره التنفيذية المنسجمة مع مسطرة التنفيذ، لذا كان يجدر بالمشرع أن ينظم مسطرة خاصة بهذا الصدد إن استقر اختياره على إقرار مبدأ الرقابة القضائية القبلية للسندات الأجنبية، وهي “دعوى إعلان النفاذ”.
ب: أن تكريس الفهم الخاطئ لنطاق التذييل بالصيغة التنفيذية، ينتج من خلال نص الفصل موضوع التعديل من خلال المقتضيين التاليين:
1- تفصيل الحديث حول أنواع الأحكام الأجنبية المنهية للعلاقة الزوجية القابلة للتذييل بالصيغة التنفيذية من طرف رئيس المحكمة الابتدائية، وهي تلك المتعلقة بالطلاق أو بالتطليق أو بالخلع أو بالفسخ، بما يؤكد قبول هذا الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية للتذييل بالصيغة التنفيذية بغض النظر عن اشتمال الحكم على مقتضى يقبل التنفيذ الجبري كالنفقة أو الحضانة أو غيره.
2- وهو الأهم وهو اعتبار الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية غير قابل لأي طعن في جزئه القاضي بإنهاء العلاقة الزوجية ما عدا من لدن النيابة العامة، مما يفيد لزوما بأن الشق المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية في الحكم الأجنبي يخضع للتذييل ويكون موضوع نظر رئيس المحكمة ومشمولا بالأمر الصادر عنه، في حين أن هذا الشق لا يقبل بطبيعته التذييل بالصيغة التنفيذية، كما أن هذا التوجه لا يقيم تمييزا بين القوة الثبوتية والقوة التنفيذية للحكم الأجنبي، ويساهم في تعزيز الفهم بكون الأحكام الأجنبية المنهية للعلاقة الزوجية لا تنتج أي أثر ثبوتي إلا بعد تذييلها بالصيغة التنفيذية، ثم إن فهما من هذا القبيل سيؤول بداهة إلى تعطيل فعلي للفصل 418 من ق.ل.ع.
ج: أن هذا التعديل سيكرس أيضا الفهم غير المنضبط بخصوص اعتبار أن دعوى التذييل بالصيغة التنفيذية ذات أثر كاشف للحق أو المركز القانوني الذي يقرره السند الأجنبي كواقعة الزواج أو الطلاق أو الحقوق المرتبطة به، وهو ما يجعلها ذات أثر عبثي، ما دام أن هذا الأثر لا يشكل أي إضافة عملية، بالنظر لكون ثبوت الحق أو تقرر المركز القانوني يرتبط بطبيعة الحكم الأجنبي كورقة رسمية وفقا لأحكام الفصل 418 من ق.ل.ع أي بالقوة الثبوتية، في حين أن دعوى التذييل كما رأينا سابقا تعتبر دعوى منشئة لحق جديد يسميه الفقه المسطري بالحق في التنفيذ، وهو الحق الذي لا يثبت للسند الأجنبي إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية، ويقتصر أثر دعوى التذييل على التثبت من تحقق موجبات توفر شروط إقرار هذا الحق الجديد للسند الأجنبي من خلال مراقبة الشروط المقررة قانونا، ولا صلة لها بتأكيد أو كشف حق أو مركز قانوني معين أو المصادقة مثلا على إنهاء العلاقة الزوجية.
د: أن توجه هذا التعديل سيكرس أيضا الفهم الخاطئ لدى بعض المواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، بخصوص اعتبار أن إنهاء العلاقة الزوجية بواسطة حكم أجنبي لا ينتج آثاره في المغرب (الشرعية والإدارية) إلا بعد تذييله بالصيغة التنفيذية في المغرب، وما يترتب عن ذلك من سلوكيات مخالفة للشرع والقانون من قبيل الاستمرار في المعاشرة الزوجية وغيرها، في حين أن إنهاء العلاقة الزوجية كواقعة قانونية يرتبط بصدور الحكم الأجنبي ولا علاقة له مطلقا بمسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية، وهو ما أكدته العديد من قرارات محكمة النقض المغربية.
هــ: إن إخضاع الشق المنهي للعلاقة الزوجية في الأحكام الأجنبية للتذييل بالصيغة التنفيذية، دون ربط ذلك بالمطالبة بالتنفيذ وقابلية مضمون الحكم الأجنبي للتنفيذ الجبري، يخالف الغاية المرجوة من الإقرار التشريعي لمسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية، والمتمثلة أساسا في إقرار آلية مسطرية لضمان انتقال القوة التنفيذية لسند أجنبي صادر باسم سيادة دولة أجنبية إلى إقليم تحت سيادة أخرى، عبر إلباسه عبارات الصيغة التنفيذية من طرف قضاء الدولة المطلوب تنفيذه فوق ترابها، التي تمثل تأشيرة الإعمال فوق التراب الوطني، لهذا فإن عبارات الصيغة التنفيذية وكذا تسميتها إنما تقترن بالتنفيذ فقط دون سواه، وإلا سيكون من العبث وضع الصيغة التنفيذية بعباراتها الدالة على التهديد ببسط يد القوة لتنفيذ ما ورد بالحكم على عقد زواج أو حكم أجنبي يتضمن فقط إنهاء العلاقة الزوجية دون أي مقتضى آخر ينسجم مع عبارات الصيغة التنفيذية.
و: أن توجه هذا التعديل يسير في اتجاه مخالف لكل المجهودات التي بذلت على مستوى وزارة العدل وكذا اللجنة بين وزارية الخاصة بتحسين الخدمات المقدمة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، ولا سيما بخصوص تحديد النطاق المضبوط لمسطرة التذييل بالصيغة التنفيذية، وهو ما ساهم في معالجة العديد من الإشكالات العملية المتعلقة مثلا بالزواج والتوثيق والحالة المدنية المتعلقة بالمواطنين المغاربة بالخارج، والتي صدرت بشأنها دوريات مشتركة، ومن ذلك أيضا الاعتراف بالصيغة الجديدة للطلاق الاتفاقي الفرنسي وقبول تسجيلها بسجلات الحالة المدنية المغربية دون حاجة إلى تذييلها بالصيغة التنفيذية…
ثانيا: مقترحات لضمان انسجام منظومة التذييل بالصيغة التنفيذية في التشريع المغربي
لضمان ملاءمة هذا التعديل مع المنظومة القانونية المتعلقة بالتذييل بالصيغة التنفيذية، ومع الغاية المرجوة من مسطرة التذييل ذاتها، فإنه يقترح ما يلي:
أ: تعزيز الفهم على المستوى التطبيقي بما يفيد ربط وجوب التذييل بالصيغة التنفيذية بقابلية السند الأجنبي من حيث مضمونه للتنفيذ الجبري، وفق معادلة أن صدور حكم بالتذييل يساوي فتح ملف تنفيذي، ومن ثم فما لا يفتح له ملف تنفيذي لا يصلح للتذييل، ويستثنى من هذا الأمر حالة وجود نص داخلي خاص أو اتفاقية ثنائية، وفق ما سبقت الإشارة إليه أعلاه، وكان الأولى في اعتقادنا إما تنظيم دعوى خاصة بإعلان نفاذ هذا النوع من السندات التي لا يقبل مضمونها التنفيذ الجبري والإحالة عليها في الاتفاقيات الثنائية بدل الإحالة على مسطرة التذييل المرتبطة لزوما بمساطر التنفيذ الجبري، أو بالأحرى تخويل النيابة العامة صلاحية المراقبة القبلية للسندات الأجنبية.
ب: حذف التعداد الوارد في الفصل 430 المذكور بخصوص طرق انحلال العلاقة الزوجية بموجب الحكم الأجنبي، وفق التعداد الوارد أيضا في المادة 128 من مدونة الأسرة من طلاق وتطليق وخلع وفسخ، ففضلا عن عدم استيعابها حتى لبعض طرق انحلال العلاقة الزوجية الواردة في مدونة الأسرة ذاتها كالبطلان مثلا، فإن هذه الطرق تبقى من اختصاص المشرع الوطني، وليس بالضرورة أن تتبناها جميع الدول الأجنبية، إذ ليس من وظيفة المشرع الوطني أن يحدد الطرق التي يجب أن يتم بها إنهاء العلاقة الزوجية بالخارج، والتي ترتبط باختيارات تشريعية سيادية تستقل بها كل دولة على حدة، لهذا كان يتعين الاكتفاء بعبارة عامة تشمل كل صيغ إنهاء العلاقة الزوجية بالخارج بأي شكل تم.
ج: عدم الاقتصار في السندات الأجنبية المنهية للعلاقة الزوجية القابلة للتذييل بالصيغة التنفيذية، في نطاقه الصحيح المرتبط بالتنفيذ، على الأحكام الأجنبية فقط، وإنما استعمال تعبير عام يشمل كل صيغ إنهاء العلاقة الزوجية سواء بحكم قضائي أو بقرار إداري أو بمجرد اتفاق تعاقدي أو غيره، حتى لا تستثنى أي صيغة قد تتضمنها القوانين الأجنبية لاحقا، فيكون المشرع المغربي مدعوا إلى ملاحقة التشريعات العالمية وتضمين كل صيغة جديدة ضمن التعداد الوارد في مضمون النص القانوني الداخلي، وهو عمل منوط بالتطبيق القضائي الذي يبدو أنه غير متحمس لاستيعاب هذا الدور، وهو ما نلمسه بخصوص تعامل قضاء الموضوع مع الصيغة الجديدة للطلاق الاتفاقي الفرنسي المبنية على عقد عرفي.
د: حذف الفقرة المتعلقة باعتبار الأمر الصادر بمنح الصيغة التنفيذية للحكم الأجنبي غير قابل لأي طعن في الجزء المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية ما عدا من طرف النيابة العامة، لكون الجزء المتعلق بإنهاء العلاقة الزوجية لا يقبل أصلا بطبيعته التذييل بالصيغة التنفيذية، ولا يتصور عقلا ولا واقعا أن يفتح له ملف تنفيذي وأن تباشر إجراءات التنفيذ المعروفة بخصوصه، فضلا عما يثيره من اعتقاد بكون تحقق القوة الثبوتية للحكم الأجنبي في ما يخص إنهاء العلاقة الزوجية متوقف على تذييله بالصيغة التنفيذية، وأنه قبل ذلك يبقى الإنهاء غير نافذ أمام الجهات الإدارية والقضائية المختلفة لإثبات الحالة الشخصية كمطلق مثلا، وهو فهم يعززه الرأي القائل باعتبار دعوى التذييل دعوى كاشفة وأن المركز القانوني موضوع الكشف يبقى قبل التذييل مستتر والمستتر يبقى مستعص على الاستدلال والاستظهار قبل كشفه من خلال دعوى التذييل، وهو الفهم الذي يبقى في غاية الشطط.
هـ: يكون من الأنسب إسناد هذا الاختصاص على مستوى المحكمة الابتدائية للقاضي المكلف بمراقبة إجراءات التنفيذ، في أفق الإقرار التشريعي المتكامل لمؤسسة قاضي التنفيذ، أو على الأقل مرحليا عبر تخويله النيابة عن رئيس المحكمة الابتدائية.
و: ما دام أن المشرع قد اختار في إطار مدونة الأسرة أن يضمن هذه الأخيرة بعض المقتضيات المتعلقة بالتذييل بالصيغة التنفيذية، فإنه يكون من الملائم:
1- إدراج هذه التعديلات وفق المقترحات أعلاه، في صلب المادة 128 من مدونة الأسرة، بخصوص مجال لزوم التذييل وكذا السندات القابلة للتذييل مع الإحالة على ق.م.م بخصوص الجوانب الإجرائية.
2- الإبقاء على المقتضيات الإجرائية الصرفة بخصوص الآجال والجهة المختصة والقابلية للطعن بالتعرض وغيره في نص الفصل 430 من ق.م.م.
ويجدر التأكيد في نهاية هذا التحليل، على أنه إذا كان هناك من شيء يقتضي حقيقة التعديل، فهو إفهام بعض المهنيين الذين استعصى عليهم ضبط النطاق الصحيح لدعوى التذييل بالصيغة التنفيذية، خاصة وأن هذا التعديل يشكل انتكاسة وتراجعا على صعيد ما يجري به العمل الإداري حاليا، وصدمة للمواطنين المغاربة المقيمين بالخارج، الذين سيجبرون على اللجوء لمسطرة كانوا قد أعفوا منها ولقيت ترحيبا كبيرا من جانبهم.