عودة "حزب ترامب"
كاريكاتير: عماد السنوني

سعيد ابن عائشةالإثنين 3 ماي 2021 – 21:33

لم يستطع الرئيس الأمريكي الجديد جو بايدن مسح اسم سلفه من التداول في الحياة السياسية، بل إن دونالد ترامب لا يزال قادرا على خلق الجدل في الحياة السياسية الأمريكية، رغم منعه من مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “تويتر”، فمجرد تصريحاته لوسائل الإعلام تبقى كفيلة بخلق الحدث. وحتى عندما فتشت الشرطة الفدرالية مؤخرا منزل رودي جولياني، المحامي الشخصي السابق لترامب، وهو إجراء لا يتم اللجوء إليه إلا نادرا، وقف رئيس أمريكا السابق في مقدمة المدافعين عن محاميه، قائلا إن جولياني (المحامي) هو “أعظم رئيس بلدية في تاريخ نيويورك”، وهو “لم يفعل سوى أن أحب بلده ويفتشون شقته.. هذا غير عادل إطلاقا، ويكشف معايير مزدوجة جدا.. لم نر مثل هذا الأمر من قبل.. لا أعرف ما الذي يبحثون عنه أو ماذا يفعلون”.

بطريقته المعهودة، اتهم ترامب الإدارة الأمريكية بتسييس وزارة العدل في قضية محاميه الشخصي، علما أن المدعين الفدراليين يحققون منذ مدة في أنشطة ترويجية لجولياني في أوكرانيا حول احتمال تدخله لدى إدارة الرئيس السابق في 2019 باسم مسؤولين ورجال أعمال أوكرانيين. ولأن تصريحا من هذا النوع لا يمكن أن يصب في صالح الرئيس الجديد، فقد اضطر جو بايدن إلى الرد على ترامب، حيث قال: “علمت بالعملية مثل باقي الناس (عبر وسائل الإعلام)، ولم تكن لدي أي فكرة عن أنها جارية”. ويرى بايدن أن “حكومة ترامب قامت بتسييس وزارة العدل بشكل رهيب واستقال الكثير من (الموظفين) لأن هذا ليس دورهم. ليس دور الرئيس تحديد من يجب أن يُلاحق ومتى تجب ملاحقته”.

لم يخرج ترامب من الحياة السياسية للأمريكيين، ولا توجد أي مؤشرات على ذلك، سواء داخل الحزب الجمهوري، حيث تفرض الأفكار “الترامبية” نفسها في كافة النقاشات، بالتزامن مع الاستعدادات لمعركة الجمهوريين الجديدة لرد الاعتبار، من خلال محطتين، أولاهما الانتخابات النصفية لسنة 2022، وبعدها الاستحقاق الرئاسي لسنة 2024. ورغم تداول أسماء منافسة لترامب في حلم العودة إلى الرئاسة من الباب الجمهوري، فإن النقاشات لا يمكن إدارتها بمعزل عن الرئيس السابق، فحتى الرافضون لعودته يجدون أنفسهم أمام خيار أسوأ، هو احتمال قيام ترامب بتأسيس حزب جديد اسمه “الحزب القومي”، مستندا على قاعدة انتخابية من عشرات الملايين.

لم يستسلم ترامب، رغم التحقيق والاتهامات ومحاكمات الكونغرس، وأكثر من ذلك يقول مقربوه لوسائل الإعلام إنه ينوي تنظيم مسيرات جديدة، خلال شهر ماي الجاري، تحت عنوان: “اجعلوا أمريكا عظيمة مرة أخرى”، وعظمة أمريكا في هذه الحالة هي عودة ترامب.

“حزب ترامب” بغض النظر عن تسميته، وبغض النظر عن بقائه “جمهوريا” أو “قوميا”، يبقى الحزب الأكثر جرأة في التفاعل مع القضايا الوطنية، وعلى رأسها قضية الصحراء المغربية، فالرئيس الأمريكي السابق لم يغادر البيت الأبيض إلا بعدما وقع مرسوما يعترف بموجبه بمغربية الصحراء، وجدية الحكم الذاتي، كما أنه لم يغادر البيت الأبيض دون أن يلعب ورقة المصالحة مع إسرائيل. ورغم أن المغرب لم يوقع “صفقة القرن”، فإن ترامب يقف وراء اتفاق التعاون الثلاثي بين أمريكا والمغرب وإسرائيل، وهو الاتفاق الذي لا يزال ساري المفعول في عهد الرئيس جو بايدن. كما أن شبح عودة ترامب لا يزال يخيم على الجميع، ولا يمكن تجاوزه بسهولة، والوقت يمضي بسرعة كبيرة، والعالم يسير بسرعة كبيرة، وآثار ترامب ومخلفات إدارته ترهن مستقبل الشرق والغرب، لا سيما أن جزءا كبيرا منها كان مرتبطا باتفاقات عسكرية، أكبر بكثير من الحسابات المدنية.

السياسة الأمريكية الكونغرس جو بايدن حزب دونالد ترامب

hespress.com