الخميس 18 مارس 2021 – 09:29
“لا فرق بين الجبلي والريفي، والصحراوي والسوسي..”، ولا داعي لذلك الجدل العقيم في دولة مثل المغرب، حيث يختلط الجميع مع الجميع؛ وبغض النظر عن كون هذه الجملة هي التي استعملها الملك محمد السادس في خطاب الذكرى 39 للمسيرة الخضراء سنة 2014، وهو الخطاب نفسه الذي قال فيه: “إن المغرب سيظل في صحرائه والصحراء في مغربها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.. فقد عاد اسم القائد العسكري طارق بن زياد ليطفو مؤخرا على واجهة الأحداث من جديد.
وكما هي العادة فقد تحول تصوير مسلسل عن هذه الشخصية، استعدادا لبثه في شهر رمضان، من طرف إحدى أكبر القنوات الخليجية، إلى مناسبة لمهاجمة المغرب من طرف بعض الجزائريين، لأن القناة التي تقوم بتصوير المسلسل بمشاركة فنانين عرب من بينهم مغاربة لم تقل إن طارق ابن زياد جزائري الأصل؛ بل إن بعض وسائل الإعلام الجزائرية تحدثت عن “أيادي خارجية تحاول طمس وتشويه وتزوير تاريخ الجزائر”، والحقيقة أن نسب هذا القائد المسلم فيه اختلاف كبير بين الباحثين، ولا مجال للتعصب فيه..ولكن بعض “الأشقاء” يحبون حشر أنفسهم في الزاوية الضيقة لسوء الفهم.
هذا من حيث الجدل الفني، أما من حيث الواقع السياسي والإستراتيجي فقد صعد اسم هذا القائد التاريخي إلى واجهة الأحداث، من جديد، بعد أن تحركت في عرض البحر الأبيض المتوسط إحدى أيقونات البحرية المغربية، ويتعلق الأمر بفرقاطة “طارق بن زياد 613″، وهي الفرقاطة التي حجزت مكانا متميزا، إلى جانب “المدمرة الأمريكية ذات الصواريخ الموجهة، يو إس إسبورتر” الفتاكة، التي عرفت بإطلاق صواريخ “طوماهوك”.. وحاملة الطائرات الأمريكية العملاقة “يو إس إسدوايت دي أيزنهاور”، التي يمكنها أن تشغل ما يناهز 1000 عامل، بالإضافة إلى المجموعة المرافقة لها من مدمرات وطائرات حربية.
العملية سالفة الذكر، التي شاركت فيها فرقاطة مغربية، استأثرت باهتمام كبير، أولا من حيث التسمية، فقد سميت المناورات “مصافحة البرق 2021″، وهي بذلك تعد ترسيخا عمليا لما تم التوقيع عليه من اتفاقيات الدفاع المشترك بين المغرب والولايات المتحدة الأمريكية.
وطبعا لا يمكن الحديث عن تحرك أمريكي بهذا الحجم دون الحديث عن توجس القوى الأوروبية من هذا الحدث، لاسيما أن المغرب اختار المشاركة بفرقاطة لها رمزيتها من حيث الاسم، فذكر اسم طارق ابن زياد وحده كفيل بتحريك مياه ورياح البحر الأبيض المتوسط، نحو إسبانيا، ونحو “جبل طارق”، هناك حيث وقف الجنود ليسمعوا خطبة قائدهم الذي سمي الجبل باسمه وهو يقول قولته الشهيرة: “أيها الناس، أين المَفَرُّ؟ البحرُ من ورائكم، والعدوُّ أمامَكم، وليس لكم واللَّهِ إلا الصدقُ والصَبْرُ. واعلموا أنكم في هذه الجزيرة أَضْيَعُ من الأيتام في مَأْدُبَةِ اللِّئام..”، فكانت تلك بداية “قصة الأندلس المنسية”.. وأي تشابه في الأحداث والأسماء، والإيحاءات، فهو ليس بالتأكيد محض صدفة.