غرفة برلمانية مُستفِزّة


تميم بنغموش


الجمعة 2 أبريل 2021 – 01:46

قالت جريدة “الأخبار”، نقلا عن مصادرها، إن منظام مجلس المستشارين قد تم تجميده نهائيا بعد اعتراض وزارة المالية والأمانة العامة للحكومة عليه بسبب كلفته الباهظة، وأضافت أن هذا المنظام يعتمد هيكلة جديدة للغرفة الثانية بالبرلمان فُصّلت على مقاسات موظفين بأعينهم بإضافة مديريات وأقسام ومصالح تفوق تكلفتها نصف مليار سنتيم. وحسب قول الجريدة فإن رئيس المجلس لم يدخر جهدا أو ضغطا لتمرير هذا المنظام؛ غير أن مساعيه باءت بالفشل.

كثير من مظاهر التدبير الإداري والمالي لهذه الغرفة مستفزة بسبب التوغل على الإدارة وطغيان أسلوب الوزيعة والمحاصصة والمزاجية والولاءات في إسناد المناصب والمزايا. ولا شك في أن تقديم مشروع منظام جديد يثير كثيرا من التساؤلات حول تقييم تنزيل المنظام الحالي، الذي شهد الكثير من الطبخات والخروقات والمماطلات ولم يسلم من غبن و”الترضيات”. العديد من كفاءات المجلس في مقابل محاباة غيرهم.

كلا القضية ليست شخصية..

كلا القضية ليست شخصية..

تحضرني كموظف تقاعد من هذا المجلس قبل مدة قصيرة معاناة لا شك في أن لها أسبابا كثيرة أخرى لدى غيري؛ فالمستشارون الذين يحرم رئيس مجلسهم ومكتبه موظفا (ناهزت مدة خدمته في الإدارة 38 سنة) من منحة نهاية الخدمة لبلوغ حد السن هم أنفسهم الذين أجمعوا أمرهم دون أن يرف لهم جفن للهف 4 مليارات سنتيم مساهمة الدولة في نظام معاشاتهم المرفوض شعبيا، حيث قرروا تصفيته على مزاجهم وذلك من خلال إقرار مقترح قانون يمكِنهم من استرجاع مساهماتهم – وذاك حقهم لا جدال فيه – غير أنهم أعطوا لأنفسهم أيضا حق استعادة مساهمات المجلس المتأتية من المال العام، ويبدو أن قرار المحكمة الدستورية قد زكى ذلك بكل أسف.

يشغلني اليوم تقييم قاسي في ضوء مساري المهني وفترة اشتغالي في هذا المجلس التي تخللتها مدة إلحاق لدى إدارات الدولة في إطار مسؤولية إشرافية وإعارة لبرلمان عربي صديق في إطار تعاقد شخصي امتدت لحسن الحظ إلى بلوغي سن التقاعد، ليس من حقي هنا أن أستعرض ملابسات وخلفيات وانعكاسات تلك الإعارة حتى لا أُتهم بخلط أمور شخصية بحالة أثارت ولا تزال اشمئزاز الرأي العام.

ليس لأحد هناك أن يدعي اليوم إعمال شفافية أو ديمقراطية أو ترشيد أو تواصل؛ ذلك المجلس يواجه فعلا أزمة مركبة، ففي الوقت الذي كان معولا عليه القيام بأدوار طلائعية في تطوير نظام الثنائية البرلمانية وبعد أن بدأ يتلمس سبيله فقد ضل الطريق واستنفد كثير من أصحاب القرار هناك وقتهم وبلغوا ما سعوا إليه.. وإلى أن تتحقق خرافة ربط المسؤولية بالمحاسبة فقد حان الأوان لتقييم موضوعي جاد لنظام الغرفتين ومدى جدوى هذا المجلس بكل بلاويه، خاصة أن البلاد تشرئب لترسيخ النظام الجهوي واعتماد نموذج تنموي جديد يتجاوز هذا الواقع الذي لا نعلم ما إذا كانت اللجنة الملكية قد أخذته بالحسبان أم على أعينهم غشاوة؟؟

hespress.com