"غـالي".. مجرم الحرب الذي فضح "السبليون"

عزيز لعويـسيالإثنين 7 يونيو 2021 – 01:10

بإعطائها الضوء الأخضر لمغادرة مجرم الحرب “محمد بن بطوش” أو “ابراهيم غالي” للتراب الإسباني، ساعات قليلة بعـد مثوله “الافتراضي” أمام قاضي التحقيق الإسباني عبر تقنية “التناظر المرئي”، تقطع الحكومة الإسبانية الشك باليقين، بعد أن اختارت التموقع بشكل صريح في خندق خصوم وأعداء الوطن من المجرمين والانفصاليين والخونة والمتآمريـن والحاقدين وقطاع الطرق، بكل ما لهذا التصرف الوضيع، من استخفاف بالمواقف التي عبر عنها المغرب طيلة الأزمة، ومن انتهاك جسيم لحقوق الضحايا الذين كشفوا عن السجل الإجرامي الأسود لزعيم انفصاليي جبهة الدل والعار، ولسلطة القانون وحرمة القضاء الذي يفترض أن يكون مستقلا عن القرار السياسي الفاقد للبوصلة.

وفي ظل هذه الفضيحة المفيوزية الكبرى، تؤكد إسبانيا مرة أخــرى للمغرب ولأوروبا والعالم، أنها دولة حاضنة للجريمة بكل أشكالها ومستوياتها وراعية للمجرمين والمنحرفين وقطاع الطرق والمتآمرين والمتواطئين والعابثين والمزورين والمحتاليـن، وبتصرفها الأرعن، أساءت للشعب الإسباني الجار والصديق وما يربطه بالمغرب من روابط تاريخية وإنسانية وتجارية تتأسس على قيم الصداقة والتعاون المشترك وعلى مبدأ حسن الجوار، وأساءت للدولة الإسبانية ولأجهزتها السياسية والقضائية والأمنية، كما أساءت لكل القيم الديمقراطية والحقوقية والسياسية التي تتأسس عليها الاتحاد الأوروبي قبل عقـود خلت، وقبل هذا وذاك، ضحت بكل تهـور وغباء، بكل ما يربطها بالمغرب من شراكة استراتيجية.

تنتهي إذن المؤامرة الكبرى التي حبكها الإسبان من وراء حجاب بمعية كابرانات “آل بطوش” في إطار العداء المشترك للمغرب ولوحدته الترابية ومصالحه الاستراتيجية، وطيلة هذه الأزمة البطوشية، برزت عدة مؤشرات ومعطيات توحي أن الحكومة الإسبانية ماضية في طريق التآمر والابتزاز الرخيص، بدءا بسياسة الهروب إلى الأمام وتعويم الملف، بمحاولة إقحام الاتحاد الأوروبي في الأزمة القائمة بين الرباط ومدريد، ومحاولة الركوب على أحداث مدينة سبتة المحتلة، والادعاء بعدم تغيير الموقف الإسباني بخصوص قضية الصحراء المغربية، والموقف السلبي للقضاء الإسباني تجاه شخص متورط في قضايا مرتبطة بجرائم الحرب والقتل والإرهاب والاختطاف والاغتصاب والاعتقال والاحتجاز وغيرها، ولم تكن مسرحية “المحاكمة عن بعد”، إلا مناورة حقيـرة، لإتمام ما تبقى من فصول المؤامرة الحقيرة، بفبركـة عملية المغادرة.

ولا يمكن إلا الاعتراف بأن الحكومة الإسبانية، قد حققت وشركائها المجرمين من “آل بطوش” نصرا دبلوماسيا غير مسبوق، بعدما أبانت للعالم المتحضر، كيف تكون المؤامرات على الجيران وكيف تحاك الدسائس من وراء حجاب، وكيف تنتهك العدالة وكيف يتم اغتيال الحريات وكيف يتم الترامي على حقوق الضحايا، وكيف يتم التخلي عن القيم والمبادئ والمغامرة بالسمعة والتضحية بالصــورة والشرف، وكيف يتم الارتماء في أحضان الإجرام والانحـراف، وكيف يتم كشف العـورة وكيف يتم الانبطـاح دون خجل أو حيـاء، بحثا عن الصفقات الخبيثـة والمصالح البئيسـة.

سيسجل التاريخ لزعيم الانفصاليين، أنه بات مجرم الحرب الأكثر دلالا في التاريخ المفيوزي العالمي، وسيسجل له أيضا، أنـه أحدث ارتدادات واسعة في العلوم القانونية والسياسية والجنائية، وبعثر أوراق القضاء والعدالة وحقوق الإنسان، التي طالما تغنت بها إسبانيـا، وقبل هذا وذاك، سيحتفظ له التاريـخ بلقب المفيوزي الذي دخل التراب الإسباني في جنح الظلام وغادره فارا وهاربا ومذعورا في جنح الظـلام .. إنه “بن بطوش” أو مدلل القضاء الإسباني، الذي أسس لمفهـوم “الدولة البطوشية المفيوزية”.. إنه “غالي”.. مجرم الحرب “الفـار”.. الذي فضــح إسبانيا وكشف عنوة عن عورة من يحتضنه ويرعاه.

انتهت الفضيحة الكبرى إذن، بعد أن غادر “بن بطوش” التراب الإسباني كما دخله في جنح الظلام، فارا هاربا مذعورا، وعاد إلى الدولة الأم التي ترعاه وتحتضنه وتتحكم في حركاته وسكناته، لكن الأزمة بين الرباط ومدريد لم تنتـه ولن تنتهي أبدا، بعدما تواطأ الإسبـان مع العصابات وقطاع الطرق، وطبعوا مع من يحمل السلاح في وجه الوطن ويهدد وحدة التراب وسلامة الأراضي، وكشفوا للمغرب والعالم، أنهم آخر من يمكنه التكلم عن المسؤولية والاحتــرام وحسن الجوار والعدالة والحريات وحقوق الإنسان، وفي هذا الإطار، وعكس ما قد يعتقده البعض، فأزمة المغرب وإسبانيا، هي أعمق من المغضوب عليه “بن بطوش”، وفرار المعني بالأمر من التراب الإسباني أو مغادرته له، لم يكن إلا القطرة التي أفاضت فنجان الخلاف، وإذا كان من السابق لأوانـه التنبؤ بما ستتخذه الدبلوماسية المغربية من مواقف وقرارات، ردا على استفـزاز الإسبــان، فما هو باد للعيان، أن العلاقات بين الرباط ومدريد دخلت إلى النفق المسدود، ونترقب ردا حازما وناجعا ومتبصرا من المغرب، يتناسب وجسامة ما أقدمت عليه الحكومة الإسبانية من تصرف أو تصرفات طائشـة، لا تمت للدولة المسؤولة والعاقلة بأية صلة.

إذا ما أردنا أن نخضع واقعة “بن بطوش” لمنطق الربح والخسارة، فنرى أن المغرب أبان عن علو كعبه في فضح هذه المؤامرة الحقيرة، التي أسقطت القناع الإسباني، وكشفت عن الوجه الحقيقي للإسبان الذين ظلوا منذ عقود أوفيـاء للعداء التاريخي للمغرب ولوحدته الترابيـة، وتبين بالملموس عمـق نفاقهم السياسي الذي بات مكشوفا أكثــر من أي وقت مضى، أما “الجزائر، وبشكل أدق “النظام الجزائري”، فقد تأكد مرة أخـرى، أنه نظام مفلس خارج التغطية، أقرب للعصابات الاجرامية وقطاع الطرق، كما تأكد أن هذا النظام المنبطح الفاقد للبوصلة، تماما هو العدو الكلاسيكي للمغرب قلبا وقالبا، الذي لا يجد حرجا أو حياء في الانحناء والانبطاح والتنازل والتآمر، من أجل ضرب مصالح المغرب والمساس بوحدته الترابيـة، أما جبهة الوهم والعار، فلا شك أن العالم بدأ يقتنع أنها عصابة إجرامية يتزعمها مجرم حرب، لا يمكن قطعا الوثوق بخطابها وادعاءاتها، شأنها في ذلك شـأن النظام البلطجي الذي يرعاها ويحتضنها، ومرة أخرى نؤكد مدى صواب وتبصر السياسة الخارجية المغربية، حينما راهنت على أصدقاء وشركاء وحلفاء آخرين خارج بلدان الجوار، وعلى الأشقاء والأصدقاء في الخليج العربي وفي إفريقيا التي تعد مستقبلا واعدا للعالم، ولا يسعنا إلا أن نقول : قافلة المغرب تسير بكل مسؤولية وحزم وتبصـر، مهما كانت حدة النباح أو النهيق أو العواء، وأكبر رد من المغرب على الأعداء والحاقدين والمتربصين، مناورة “الأسد الإفريقي” الذي سيزأر في مناطق مختلفة داخل التراب المغربي بما فيها الصحراء المغربيـة…

إسبانيا ابراهيم غالي سبتة محمد بن بطوش

hespress.com