لم تصدر الرباط أي تعليق حول خلاصات الجلسة التي عقدها مجلس الأمن الدولي حول تطورات نزاع الصحراء المغربية والتي جرت يوم 21 أبريل الجاري.

وشمل الصمت حول مجريات الجلسة الأممية حلفاء المغرب كذلك بمجلس الأمن، إذ لم تعلق الولايات المتحدة الأمريكية على تفاصيل الجلسة خلافا لما جرت عليه العادة؛ وهو ما أثار الكثير من التساؤلات.

وكانت الرواية غير الرسمية الوحيدة التي راجت بخصوص خلاصات هذه الجلسة هي تلك التي كشفها مصدر دبلوماسي دولي إلى وكالة فرانس برس حول “رفض مجلس الأمن مشروع إعلان مشترك صاغته الولايات المتحدة الأمريكية يدعو إلى “تجنب التصعيد” في النزاع بالصحراء”.

وحسب النص الموجز الذي صاغته الولايات المتحدة الأمريكية باعتبارها “صاحبة القلم” بالمجلس وتم رفضه وفق ما راج، فإنه يحث على تبني سلوك “بناء” في التعامل ميدانيا مع بعثة الأمم المتحدة (مينورسو) والإسراع بتسمية مبعوث أممي جديد “من أجل إعادة إطلاق العملية السياسية المتوقفة في أسرع وقت ممكن”.

وكان المغرب ينتظر من جلسة مجلس الأمن أن تحدد بشكل واضح من المسؤول عن خرق اتفاق وقف إطلاق النار وعرقلة عمل بعثة المينورسو وتعيين مبعوث أممي جديد، وفق ما أكد وزير الخارجية المغربي قبل موعد الاجتماع.

ويبدو أن ما أغضب الرباط هو عدم تطرق واشنطن إلى اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء؛ وذلك في أول اجتماع في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة التي لم تعلن إلى حدود اليوم موقفا رسميا تجاه قرار الرئيس السابق دونالد ترامب.

وقدمت إدارة ترامب إلى المغرب وعودا لا تقف عند حد اعتراف أمريكا بمغربية الصحراء، بل بالسعي كذلك إلى إقناع شركائها بالاعتراف بمغربية الصحراء وجدية مقترح الحكم الذاتي. ويعول المغرب على هذا الاعتراف الأمريكي ليكون مرحلة حاسمة في إنهاء الصراع الإقليمي.

وفي ظل الغموض الذي يلف موقف إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن من النزاع، انتقد محمد صالح التامك، المندوب العام للمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بالمغرب، بصفته أحد الشيوخ السابقين لتحديد الهوية، صمت الولايات المتحدة إزاء تحركات “البوليساريو” والجزائر بغرض تعريض أمن منطقة الصحراء للخطر.

وتساءل التامك، في مقال رأي نشرته وكالة المغرب العربي للأنباء الرسمية، تحت عنوان “الاجتماع الأخير لمجلس الأمن وموقف الولايات المتحدة الأمريكية المخيب للآمال”: “كيف يمكنها (الولايات المتحدة) إذن أن تظل صامتة أمام التحركات التي تقوم بها البوليساريو والجزائر لتعريض الأمن في المنطقة للخطر؟، كيف يمكن أن تتخذ مثل هذا الموقف بعد اعتراف إدارة ترامب بسيادة المغرب على الصحراء؟”.

وأكد التامك أن الدور الذي اضطلعت به الولايات المتحدة الأمريكية في المفاوضات حول نزاع الصحراء خلال اجتماع مجلس الأمن هذا “لم يكن في مستوى آمالنا المنطقية والمشروعة، لا سيما أن هذا البلد الكبير اعترف مؤخرا بشجاعة كبيرة وتبصر بمغربية الصحراء”.

غموض الموقف الأمريكي

في الصدد ذاته، أورد Jewich Insider، الموقع الأمريكي المختص في تحليل السياسات، أن وجود علاقات دبلوماسية كاملة بين المغرب وإسرائيل “معلق” إلى حين كشف البيت الأبيض عن موقفه من مراجعة قرار ترامب بشأن الصحراء.

ويرى الموقع الأمريكي أنه في حال تراجع بايدن عن قرار ترامب، فهناك احتمال أن يوقف المغرب العلاقات الدبلوماسية مع إسرائيل مرة أخرى أو لا يعززها، مشيرا إلى أن هذا الملف لا يزال يقسم مجلس الشيوخ بين مؤيد للقرار ومعارض له.

وقال جيسون إيزاكسون، كبير مسؤولي الشؤون السياسية في اللجنة اليهودية الأمريكية، إن الاعتراف بمطالب المغرب هو ببساطة ما يجب على الولايات المتحدة فعله لحليف ثابت، مضيفا في تصريح للموقع الأمريكي: “المغرب حليف، وقوة للاعتدال والاستقرار والوئام بين الأديان، وشريك في مكافحة الإرهاب – والصحراء الغربية جزء من تاريخ المغرب، وإرث المملكة”.

وحذر المسؤول اليهودي الأمريكي الإدارة الأمريكية من التراجع عن قرار ترامب قائلاا: “عكس هذا القرار سيكون خطأ وإظهارا لسوء النية لصديق قديم (المغرب)”.

بدوره، نبه دوري غولد، المدير العام السابق لوزارة الخارجية الإسرائيلية، في تصريح لـ Jewich Insider، من الارتباط الإيراني بجبهة “البوليساريو”، وقال إن “جميع الإدارات الأمريكية تعارض توسع القوة والنفوذ الإيراني في الشرق الأوسط، وسواء كان ذلك في لبنان أو سوريا أو العراق أو الصحراء الغربية، فهذه نفس المشكلة”.

وكشف المنبر الأمريكي أن مجلس الشيوخ الأمريكي يسعى إلى عقد اجتماع مع الإدارة الأمريكية، لمحاولة توضيح موقف الرئيس بايدن بشأن قضية الصحراء.

ويواصل اللوبي الأمريكي الموالي لجبهة “البوليساريو”، بقيادة السيناتور جيم انهوف، الضغوط على إدارة بايدن للتراجع عن الاعتراف بمغربية الصحراء.

hespress.com