لم تقدم إسبانيا جوابا مقنعا للمغرب حول حيثيات استقبال زعيم جبهة البوليساريو بأوراق وهوية مزورتين، وهو ما دفع الرباط إلى تجديد احتجاجها والتلويح بتعليق التعاون الأمني، خصوصا في مجال الهجرة والإرهاب.

ووجه ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، رسائل قوية إلى مدريد عبر وكالة الأنباء الإسبانية “إيفي” بخصوص مستقبل الشراكة والتعاون بين البلدين.

وقال بوريطة إن المغرب وإسبانيا تجمع بينهما بالفعل “شراكة شاملة: سياسية، اقتصادية، تجارية، إنسانية وأمنية، وهنا يأتي طرح قضية الهجرة”، مضيفا أنه لا ينبغي الاعتقاد بأنها “علاقة انتقائية: إذ كلما تعلق الأمر بالتآمر مع الجزائر والبوليساريو، يغادر المغرب شاشة الرادار الإسبانية، لكن عندما نتحدث عن الهجرة أو الإرهاب نعود لنصبح مهمين مرة أخرى”.

وجدد المسؤول الحكومي ذاته التأكيد، مرة أخرى، أن المغرب يرفض أن يكون “دركي” الاتحاد الأوروبي في ما يتعلق بقضايا الهجرة.

وكانت العديد من الأصوات دعت الحكومة المغربية إلى تعليق التعاون الأمني مع نظيرتها الإسبانية كخطوة احتجاجية على استقبال زعيم جبهة البوليساريو ورفض العدالة الإسبانية التجاوب مع الشكايات التي وضعها ضحاياه.

واعتبر عبد الفتاح الفاتيحي، خبير في العلاقات الدولية، أن تصريحات وزير الخارجية مؤشر قوي على أن المغرب قد يتخذ مواقف تصعيدية ضد الجارة الشمالية بمراجعة الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.

وأوضح الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، أن الرباط تريد اليوم علاقة واضحة مع مدريد، مبنية على الثقة وحسن الجوار، مشيرا إلى أن استقبال إبراهيم غالي قطرة أفاضت الكأس بعد سلسلة من التصريحات الإسبانية المعادية للمصالح الاستراتيجية للمملكة المغربية من قبل أحزاب إسبانية مشاركة في الائتلاف الحكومي.

وأشار الخبير ذاته كذلك إلى الموقف الإسباني السلبي بعد إعلان أمريكا اعترافها بمغربية الصحراء، موردا أن تصريحات وزيرة الخارجية الإسبانية حينها كانت بمثابة تدخل في أمور سيادية للمملكة المغربية.

وتابع المتحدث بأن تصريحات بوريطة تؤكد أن “المغرب لا يمكن أن يبقى رهينة للابتزاز الاستعماري الإسباني في شماله وجنوبه، بما في ذلك سبتة ومليلية المحتلتين”، وأنه “لن يقبل اليوم بأقل من علاقة جديدة، ودية ونوعية قوامها الوضوح والشراكة المستدامة الموثوق بها”.

ويرى المصدر ذاته أن الغضب المغربي الرسمي يحيل إلى وجود تحركات إسبانية باتت تحيك المؤامرات ضد المصالح الاستراتيجية للمغرب وتخل بحسن الجوار والشراكة القائمة، وبالتالي “لا منطق اليوم لأكل الغلة وسب الملة”.

وغادر زعيم جبهة البوليساريو، حسب مصادر انفصالية، وحدة العناية المركزة بمستشفى لوغرينو الإسباني بعد قضائه أسبوعين به، ويرتقب أن يعود على متن طائرة إلى الجزائر العاصمة، ثم إلى مخيمات تندوف.

وبعدما كانت ميليشيات الجبهة توجه انتقادات لاذعة إلى إسبانيا باعتبارها معنية بنزاع الصحراء، لوحظ تحول لافت في طبيعة العلاقات بين البوليساريو ومدريد منذ استقبال إبراهيم غالي.

وباتت أغلب المنابر الإعلامية الموالية لجبهة البوليساريو تدافع عن إسبانيا وتتفادى توجيه أي انتقاد إليها، واعتبرت تصريحات الوزير بوريطة لـ”إيفي” بمثابة “تهديد وابتزاز” لإسبانيا.

hespress.com