على بعد أشهر قليلة من موعد الانتخابات التشريعية والجماعية، أظهرت دراسة ميدانية حديثة استمرار الشباب في المغرب عن العزوف عن العمل السياسي، وهو المُعطى الذي سبق أن أكدته المندوبية السامية للتخطيط في أبحاث سابقة.

الدراسة التي أنجزتها الجمعية الفجيجية للطفولة والشباب، في إطار برنامج “مشاركة مواطنة”، الممول من طرف الاتحاد الأوروبي، والمنفذ من طرف مكتب الأمم المتحدة لتدبير خدمات المشاريع UNOPS، شمل 271 شابة وشابا تتراوح أعمارهم بين 15 و29 سنة.

وأظهرت نتائج الدراسة وجود “قطيعة” بين شباب فجيج وبين الأحزاب السياسية المغربية، إذ أكد 93 في المائة من المستجوبين أنهم غير منخرطين في أي حزب سياسي، وصرح 86 في المائة منهم بأنهم لا يفكرون في الانخراط في الأحزاب السياسية مستقبلا.

وفي وقت تحاول الأحزاب السياسية أن تستقطب الشباب للانخراط في العمل السياسي، والمشاركة في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة، أظهرت الدراسة أنّ شباب فجيج لديهم تصوُّر غير إيجابي إزاء الأحزاب السياسية المغربية.

واستنادا إلى نتائج الدراسة فإنّ 87 في المائة من المشاركين يقيمون عمل الأحزاب اتجاه الشباب بفجيج بسيئ أو سيئ جدا، ويعزون أسباب عزوفهم عن العمل الحزبي إلى عدة عوامل، في مقدمتها غياب الثقة في الأحزاب، بنسبة 40 في المائة.

وكان اللافت في الدراسة أنّ 12 في المائة من المشاركين صرحوا بعدم معرفتهم بوجود الأحزاب السياسية، بينما عزا 27 في المائة منهم عدم انخراطهم في الأحزاب إلى الجهل بآليات الانخراط، وأرجع 13 في المائة منهم السبب إلى عدم اهتمامهم بالأمر.

وتعود الأسباب الرئيسية لعدم ثقة الشباب الذين شملتهم الدراسة في الأحزاب السياسية إلى كون “السياسيين يجعلون الأحزاب وسيلة لتحقيق مصالحهم الشخصية”، ويقدمون “وعودا كاذبة”، ولكون الأحزاب “أصبحت معروفة بالكذب واستغلال الشباب من أجل مصالح خاصة”.

ومن الأسباب الأخرى التي علل بها شباب فجيج المشاركون في الدراسة فقدانهم الثقة في الأحزاب السياسية أن “هدفها النصب والسرقة”، و”معظمها تعطي وعودا بالإصلاحات والتنمية، لكن بعد وصولها إلى السلطة لا تنفذ وعودها”، و”وجود أشخاص (سياسيين) متشبثين بمناصبهم وعدم إعطاء فرصة للشباب”.

وتُبين نتائج الدراسة أن عدم ثقة الشباب في الأحزاب السياسية ينعكس بشكل مباشرة على المشاركة السياسية، ذلك أن 56 في المائة من المشاركين صرحوا بأنهم غير مسجّلين في اللوائح الانتخابية؛ فيما صرّح 82 في المائة من المسجّلين بأنهم سبقت لهم المشاركة في التصويت في الانتخابات.

وفي ما يتعلق بتصوراتهم إزاء تدبير الشأن المحلي، صرح 85 في المائة من المشاركين بأنهم غير راضين عن عمل المجلس الجماعي إزاء الشباب بفجيج، وصرّح أغلبهم بأنهم يعرفون اسم رئيس المجلس الجماعي، لكن 56 في المائة منهم لا يعرفون كيف يتكون المجلس، و58 في المائة لا يعرفون اختصاصاته، و63 في المائة لا يعرفون مهام رئيس المجلس الجماعي؛ كما صرح 86 في المائة منهم بأنهم لم يسبق لهم الحضور في إحدى دورات المجلس.

وبخصوص الوضعية الاجتماعية لشباب فجيج، أظهرت الدراسة أن 31.1 في المائة من الشباب المشاركين عاطلون عن العمل، وإذا لم يُحتسب الطلبة والتلاميذ فإن 64 في المائة من الشباب الذين يتواجد خارج أقسام الدراسة هم عاطلون؛ ويتساوى في ذلك الجنسان (50 في المائة ذكور و50 في المائة إناث).

وتتعدد أسباب العطالة في أوساط شباب مدينة فجيج حسب المشاركين في الدراسة، إذ أرجعها 39 في المائة منهم إلى غياب فرص شعل داخل المدينة، واعتبر 20 في المائة منهم أن السبب راجع إلى غياب فرص شغل تناسب قدراتهم العلمية والمعرفية؛ أما السبب الثالث حسب %17.5 من العاطلين فهو عدم التوفر على شواهد ودبلومات؛ فيما صرح 15.5 في المائة بأنهم يفكرون في الهجرة خارج أرض الوطن.

من جهة ثانية، أظهرت الدراسة استمرار الصحافة الإلكترونية في الانتشار بوتيرة سريعة في مختلف مناطق المغرب، مقابل انحسار الصحافة الورقية، إذ صرّح 53 في المائة من الشباب المشاركين بأنهم يقرؤون الجرائد والمجلات، 60 في المائة منهم ذوو مستوى تعليمي جامعي.

ويقرأ 68 في المائة منهم الجرائد الإلكترونية (ما يمثل 38 في المائة من إجمالي المشاركين في الدراسة)، فيما لا تتعدى نسبة الذين يقرؤون الصحف الورقية 6 في المائة (ما يمثل 3 في المائة من إجمالي المشاركين)، بينما صرح 26 في المائة بأنهم يقرؤون الصحافة الرقمية والورقية.

hespress.com