إغرم العلام، وكما تشهد بنياته التحتية، تجمع سكاني يضم أزيد من 14 ألف نسمة، المشترك بينهم معاناة يُعمقها غياب مشروع الصرفي الصحي، وبُعد المرافق الإدارية في زمن إدارة القرب، وانتظارات عالقة شاخت في زمن الوعود، إذ إن كل الأسئلة المحرقة للفعاليات الجمعوية منذ 2004 تقريبا تاهت عن طريقها، بحسب تعبير عدد من الفعاليات الجمعوية المحلية.

يقول ياسين عبد الصبور العبسي، الفاعل الجمعوي القاطن بإغرم العلام بدير القصيبة: “لقد ترافعنا كفعاليات جمعوية بكل الطرق الممكنة، وخضنا احتجاجات بأشكال مختلفة، حيث كانت الغاية منها إيصال رسائل واضحة إلى المسؤولين، تُفيد أن العيش في مركز شبه حضري مثل “إغرم العلام” بدون صرف صحي، خرق واضح لأهم حقوق الحياة وجريمة نكراء ضد البيئة”.

وأوضح العبسي أن “الأسر تشكو من انتشار الأمراض الجلدية ومن كثرة الحشرات السامة، خاصة في فصل الصيف، ومن الروائح الكريهة المنبعثة من السواقي التي تخترق كل الأزقة بدون استثناء. إن الأمر مشين جدا، ولم يعد يتطلب الانتظار. فالكل بات يحس بالحكرة بسبب لامبالاة المسؤولين”.

من جانبه، قال الصوفي حسن، القاطن بالمركز، إن “عدم الاكتراث لمعاناة الأطفال جرّاء انتشار الحشرات والروائح الكريهة، وتلويث البيئة المجاورة بالمياه العادمة، لا يعكسان حجم المأساة التي تعيشها مئات الأسر بالمركز فقط، وإنما يُسائلان أيضا مدى قدرة الجهات الساهرة على تدبير الشأن العام والأخذ بمقترحات المجتمع المدني، خاصة في مثل هذه الحالة، حيث بحت حناجر الهيئات الحقوقية والمدنية”.

وتابع قائلا: “احنا تقهرنا وأولادنا تقهروا. المراحيض تختنق والأطفال يمرضون، وسواقي الصرف الصحي تتسبب يوميا في خصومات بالجملة بين نساء الحي، لقد تعبنا من اجترار نفس المطلب، ورغم ذلك نُصرّ على أن أولى الأولويات بالنسبة إلينا هي الصرف الصحي، لا نريد من الجماعة شيئا غير العيش الهادئ بعيدا عن الروائح الكريهة التي تحرجنا كما تحرج زوارنا”.

وأوضح محمد أردراس، فاعل جمعوي، أن “سكان المركز البالغ عددهم أزيد من 15 ألف نسمة، يشكون من مشاكل اجتماعية وبيئية واقتصادية وإدارية، ففي الوقت الذي يدعو فيه صاحب الجلالة إلى تقريب الإدارة من المواطن، لازلنا نحن نقطع حوالي 12 كلم من أجل الحصول على وثيقة إدارية، ما يتطلب منا إنفاق أزيد من 50 درهما، ناهيك عن الإكراهات المرتبطة بالتنقل”.

وقال أردراس إن “إغرم العلام الذي لم ينل بعد بشكل رسمي صفة مركز حضري يحتضر، وعلى الجهات المسؤولة التدخل قبل فوات الأوان، لأن الشباب يعيشون في وضعية صعبة في ظل التهميش الحاصل، نتيجة غياب وحدات صناعية وبرامج تنموية كفيلة بإدماج العاطلين في سوق الشغل، ما يتطلب استثمار موقع المنطقة الذي يزخر بمؤهلات طبيعية وسياحية مهمة”.

وأضاف أن “مشكل المياه العادمة التي يتم تصريفها في سواقٍ إسمنتية على سطح الأرض، غالبا ما تجد طريقها الى الزراعات المعيشية بجوار المركز، ما يطرح سؤال مدى جودة بعض المنتجات الغذائية التي يتم عرضها في السوق”. وتابع قائلا: “في الواقع ليست هناك التفاتة قوية للجماعة لمختلف هذه المشاكل التي يعرفها مركز إغرم العلام، ما يتطلب المزيد من الجهد، سواء من طرف المجلس الجماعي أو باقي الشركاء في التنمية المحلية لرفع الضرر عن السكان، الذين يرفضون أن يبقى قدرهم مرهونا بمبررات هُم في غنى عنها”.

واستغرب حمو أومحا، من القاطنين بالمركز، من موقف السلطات التي تُلزم المواطنين بالإدلاء بعدة وثائق إدارية من أجل الحصول على رخص السكن، في الوقت الذي لا توفر لهم أدنى الشروط، مُتسائلا: “كيف يعقل أن يتم فرض نفس القوانين التي تُفرض على أحياء حضرية على مركز يعيش على الهامش أو في الخلاء، حيث لا وجود للصرف الصحي أو التبليط أو مساحات خضراء”.

ويُحمّل أومحا، الذي كان يتحدث بلغة اليأس والقلق، المسؤولية للمجلس الجماعي ولكافة المسؤولين عن التنمية المحلية، مُسجلا غضب الساكنة من استمرار الوضع على ما هو عليه.

وطالب متدخلون، من ضمنهم نسوة، في تصريحات متطابقة لهسبريس، بعدما اعترفوا بالجهد المبذول من طرف مصالح الدرك والسلطات المحلية وأقروا بصعوبة مهامّهم، بالنظر إلى خصوصية الجماعة الترابية وشساعتها، إذ تحتضن حوالي 26 دوارا، (طالبوا) بضرورة “الإسراع إلى إخراج مشروع الصرف الصحي إلى أرض الواقع، ورفع التهميش عن إغرم العلام، والترافع من أجل تصنيفه من ضمن المراكز الحضرية، مع العمل على تسطير برنامج تنموي يستجيب لحاجيات الساكنة، ويضمن لفئة الشباب حقوقها على كل المستويات، الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والترفيهية”.

وفي معرض تعليقه على أسئلة الساكنة، أوضح الحسين المسكوري، رئيس جماعة دير القصيبة الترابية، أن أول ما تُراهن عليه الجماعة رغم إكراهاتها المادية، هو الصرف الصحي بمركز إغرم العلام، وفك العزلة عن بعض دواوير الجماعة، مع ربط ما تبقى منها بالماء الشروب والكهرباء، وبناء دار للولادة وتقريب الإدارة من المواطن.

ووصف المسكوري مشروع الصرف الصحي بإغرم العلام بالإكراه الحقيقي، الذي ترافعت من أجله الجماعة منذ الولاية السابقة، حيث قامت بكل الإجراءات اللازمة لإخراجه الى حيز الوجود، إلا أن بعض المساطير الإدارية التي تغيرت مع تغير اختصاصات بعض المؤسسات العمومية، حالت دون تحققه.

وذكر الرئيس أن الدراسة الخاصة بمشروع الصرف الصحي وتحيينها، كلفت الجماعة الترابية الملايين، وعلى الرغم من ذلك، فإن المجلس الجماعي بمختلف أطيافه السياسية لم يتوقف عن الترافع عن هذا المطلب، الذي يؤرق المجلس الجماعي والسلطات الإقليمية والمحلية، وكافة الشركاء في العملية التنموية بالقدر الذي يقلق الساكنة.

وأبرز أن الجماعة أعادت تحيين دراسة المشروع استجابة لتوصيات وزارة الداخلية، وهو الآن من ضمن نقط جدول دورة مجلس الجهة، حيث سيتم برمجته في إطار شراكة بين وزارة الداخلية ومجلس جهة بني ملال خنيفرة وجماعة دير القصيبة.

وبخصوص مركز الدرك والقيادة، ثمن الرئيس، كغيره من المتدخلين، مجهودات مصالح الدرك والسلطات المحلية لاستتباب الأمن، وأكد أن الجماعة الترابية سبق وأن وفرت للدرك نصف هكتار كوعاء عقاري من أجل بناء مركز بإغرم العلام، إلا أنه لحد الساعة لم تتلق جوابا في الموضوع. كما خصصت 20 مليون سنتيم لدار الولادة، غير أن معايير الوزارة الوصية عن القطاع، أفادت أن المشروع ليس ضمن خريطتها الصحية.

وأشار المسؤول ذاته إلى أن مركز إغرم العلام عرف بعض المشاريع التنموية، من ضمنها مشروع التأهيل الذي لم يكتمل بعد، والذي من شأنه أن يوفر للمركز حوالي 6 كيلومترات معبدة ومهيأة بقنوات الصرف الصحي والكهرباء، فضلا عن ملاعب للقرب، ومشاريع أخرى تأخرت بسبب جائحة كورونا، ستفك العزلة عن دواري “تونا” و”آيت حمو عبد السلام”، فضلا عن مناطق مجاورة.

hespress.com