يشتكي مواطنون بدوار تافرنت بجماعة تاكزيرت، الواقعة بإقليم بني ملال، من مختلف تجليات الإقصاء والتهميش جراء غياب شبكة الكهرباء والماء الشروب والإنترنيت ومرافق الصحة، إضافة إلى المسالك المعبدة التي من شأنها فك العزلة عن المنطقة.

هسبريس زارت المنطقة، واستمعت إلى معاناة المواطنين جراء غياب المرافق المذكورة، إضافة إلى الوضعية المتردية لطريق بها أحجار حادة، وبالكاد تمرّ منها الدواب، وكانت من قبل موضوع مطلب ملحاح للساكنة، لكن ما إن تحققت حتى وُصفت بأنها حلم مفجوع تبخر في لحظة الولادة بسبب حالتها المتردية.

يروي عبد الهادي الزاهي، أحد القاطنين بدوار تافرنت، قائلا: “لا شيء تحقق بالشكل الذي ينبغي. الطريق جاءت بعد انتظار دام سنوات ولم تف بالغرض، والثقب المائي الذي أُنجز في عهد المرحوم الحسن الثاني، وكلف الدولة أموالا باهظة بعدما تم مدّ قنواته تحت الأرض وإحداث سقاية بالقرب من الدوار، لم يروِ ظمأ الساكنة، حيث لم يعمل إطلاقا لأسباب نجهلها”.

وأضاف “ما ينغص حياتنا ويؤلمنا أكثر هو دوام الحال على هذا النحو، فالمجلس الجماعي على علم بحياتنا، وعلى دراية بأن أطفال عائلات تافرنت غير المحظوظين لا يدرسون، وأن نساء الأسر الهشة لا يلدن بالمصحات أو المستشفيات، وأننا في الألفية الثالثة نأكل ونشرب على ضوء الشموع، ونقطع حوالي 6 كيلومترات لجلب الماء الشروب على دوابّنا المنهوكة بالمسالك الوعرة”.

فيما يقول أمريدا موحا، وهو رجل ستيني يتحدر من المنطقة ذاتها: “اليوم نخاف أن تطول الوعود، في ظل هذه الوضعية الصعبة، حيث صار همّ الناس منحصرا في توفير الماء للعباد والمواشي، ضمانا للاستقرار في هذه المنطقة الزاخرة بمؤهلاتها الطبيعية والسياحية والفلاحية”.

ويضيف موحا أن “أول ما يواجهه زائر دوار تافرنت هو غياب شبكات الاتصال، فمن أجل إجراء مكالمة هاتفية يقطع القاطنون بالدوار حوالي أربعة كيلومترات لالتقاط الشبكة، مما يتسبب لهم في معاناة يومية”.

من جانبه، دعا عبد الله خلاف، القاطن بالمنطقة، السلطات المُعينة والمنتخبة إلى الإسراع بفك العزلة عن الساكنة من خلال ربط الكوانين المتبقية بدوار تافرنت بالماء الشروب والكهرباء، مشيرا إلى أن عددا من الأسر هاجرت من المنطقة واستقرت بحواشي المراكز، حيث تتوفر شروط الحياة وفرص التدريس والتطبيب.

كما طالب أولعيد ليوبي، من دوار رتماتة، بتفعيل البرامج الإنمائية، التي يتحدث عنها بعض المسؤولين، خاصة ما يتعلق بصفقة الماء الشروب والكهرباء، والقيام بالمُتعين فيما يخص بعض المشاريع التي توفقت دونما سبب، مبرزا أن المنطقة تتوفر على فرشة مائية مهمة، وأن آخر ثقب مائي تم حفره في المنطقة المتضررة لا يحتاج سوى إلى التجهيزات الخاصة بعمليات الضخ والربط.

وأثار ليوبي انتباه السلطات إلى الوضعية المتردية للطريق الرابطة بين دوار تافرنت ورتماتة، حيث أوضح أنه بسبب رداءة هذه الطريق يتمّ نقل حاجيات السكان الضرورية من العلف ومواد البناء والمواد الغذائية بأثمنة خيالية، مشيرا إلى أن أرباب وسائل النقل يرفضون أحيانا نقلهم لوعورة الطريق في بعض النقاط، بغض النظر عن رداءتها.

ودعا المتحدث ذاته الجهات المعنية إلى التدخل فورا لتحسين وضعية القاطنين في تافرنت، الذين، حسبه، لا يتوفرون على أبسط الحاجيات المعيشية من ماء وكهرباء وشبكة الإنترنت، مبرزا أن أغلب شباب المنطقة لم يكملوا دراساتهم جراء الوضعية المزرية التي يعيشونها.

وفي تعليقه على الموضوع، أوضح مستشار بالمجلس الجماعي لتاكزيرت أن مشروع ربط دوار تافرنت بالكهرباء والماء الشروب صار قاب قوسين من التحقق. وأضاف أن صفقة المشروع تمّت، وأن المقاولة النائلة له تستعد لبدء الأشغال، مشيرا إلى أنه سيتم إحداث سقايات بالدوار وربط المنازل بشبكة الكهرباء.

وبعدما أشاد بالجهود المبذولة من طرف المجلس الإقليمي والسلطات الولائية في التنمية المحلية بالمنطقة، أضاف المستشار ذاته أن الثقب المائي، الذي تم إحداثه بدوار تافرنت سيتم تشغيله مباشرة بعد ربطه بشبكة الكهرباء والتجهيزات الضرورية، مما سيرفع المعاناة عن غير المستفيدين من هذه المادة الحيوية.

وكشف مصدر مسؤول للجريدة أن المنطقة نالت حظها من التنمية، خاصة في السنوات الأخيرة، حيث استفادت من مشاريع تنموية مهمة، سواء في إطار شراكة مع المجلس الإقليمي أو المجلس الجهوي أو من برامج التنمية البشرية، مشيرا إلى أنه تم حفر عدة ثقوب وصهاريج مائية في هذا الإطار، كما تم فتح عدة مسالك وطرق، مما ساهم في تحسين وضعية السكان.

جدير بالإشارة أن الجريدة حاولت ربط الاتصال أكثر من مرة برئيس جماعة تاكزيرت لأخذ رأيه في الموضوع، سواء عبر الهاتف أو من خلال تطبيق “الواتساب”، إلا أن هاتفه ظل يرن دون إجابة.

hespress.com