في غياب مسابح تابعة للجماعات الترابية، يجد العشرات من الأطفال المُتحدّرين من القرى والأحياء الهامشية أنفسهم مجبرين على ارتياد السواقي والوديان والقنوات المائية هروبا من موجة الحرارة التي يعرفها الإقليم تزامنا مع فصل الصيف.

وكما جرت العادة، تهتز العشرات من القرى والمراكز الحضرية كل عام على وقع أحداث غرق يذهب ضحيتها أطفال وشباب في مقتبل العمر؛ ما يجعل العديد من النشطاء يسارعون في كل مرة إلى مطالبة المجالس الجماعية المنتخبة بإنجاز مسابح جماعية بنفوذ ترابها، تفاديا لمسلسل الأحداث المفجعة.

ودرءا لهذه المآسي، سارع المجلس الإقليمي للفقيه بن صالح، في سياق تفاعله مع نداءات عدد من النشطاء، في دورة عادية، إلى إبرام اتفاقية شراكة لبناء أربعة عشر مسبحا بعدد من الجماعات الترابية التابعة للإقليم؛ ما جعل الساكنة تتنفس الصعداء وتستبشر خيرا..

وخلال صيف هذا العام، تجاوز عدد الغرقى بوديان وقنوات الري بالمنطقة، خلال شهر ونيّف، عشرة غرقى؛ الأمر الذي أعاد السؤال حول مآل القرارات المتخذة للحد من شهداء الصهد ومدى قدرة الجماعات الترابية على الالتزام ببرامجها ووعودها للساكنة؟

الشرقي القادري، رئيس الفرع الإقليمي للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بالفقيه بن صالح، كشف، في تصريح لهسبريس، أن تأخر عدد من الجماعات في تنفيذ التزاماتها بشأن اتفاقية المجلس الإقليمي جعل قنوات السقي، كما هو الحال بجماعتي حد بوموسى وأولاد عياد، وجهة اضطرارية لعشرات الأطفال الهاربين من بيوتهم بسبب ارتفاع درجات الحرارة؛ ما يشكل خطرا محدقا بحياتهم في أية لحظة.

وذكّر القادري بمآسي أم الربيع، التي لا يزال جرحها لم يندمل بعد لدى العشرات من الأسر التي فقدت فلذات أكبادها؛ ما يقتضي حسبه الإسراع بتفعيل الاتفاقيات المبرمجة لإحداث مسابح “جماعية تضامنية” بتكاليف بسيطة تستجيب لحاجيات الفئات الفقيرة.

وأعتبر الحقوقي ذاته ارتفاع درجة الحرارة بالإقليم والانقطاعات المتكررة للمياه بالمنازل، فضلا عن موجة الغبار التي ميزت هذا الصيف، عوامل قاهرة فرضت على الأطفال والشباب مغادرة البيوت التي يصعب المكوث بها نحو منابع المياه، بالرغم من خطورتها.

وذكر الناشط الحقوقي أن “بعض مواقع السباحة التي يقصدها الراغبون في تلطيف أجسادهم من حرارة البيوت تعرف ازدحاما وتخرق مبدأ التباعد الاجتماعي؛ ما يُشكل خطر إضافيا على صحة الجميع في ظل هذا الوباء التي يجتاح بلادنا ككل”.

وفي تصريح لهسبريس، دعا شرف زيدوح، ناشط جمعوي من جماعة دار ولد زيدوح الترابية، المجالس الجماعية إلى تنفيذ التزاماتها بشأن اتفاقية المسابح الأربعة عشر التي كان المجلس الإقليمي للفقيه بنصالح قد صادق على إحداثها في إطار شراكة مع جماعات أولاد عياد، لكريفات، بني وكيل، بني شكدال، خلفية، أهل مربع، برادية، سيدي عيسى بن علي، سيدي حمادي، أولاد زمام، أولاد بورحمون، حد بوموسى، أولاد ناصر ودار ولد زيدوح…

وأوضح زيدوح أن كمال محفوظ، رئيس المجلس الاقليمي، كان يُلح على تنزيل هذه الاتفاقية مع مختلف الشركاء، بُغية محاربة ظاهرة وفيات الأطفال والشباب غرقا في مياه السواقي والأنهار وتمكين الجماعات المستفيدة من الشراكة من تعزيز مواردها المالية، في الوقـت الذي تخلت فيها بعض الجماعات الترابية عن التزاماتها بمبرر غياب الوعاء العقاري.

وزاد: “أن المجلس الإقليمي ذاته صادق في دورته الاستثنائية لشهر يوليوز 2020 على مشروع ملحق اتفاقية لبناء ثلاثة مسابح بجماعات بني وكيلو بني شكدال ثم أولاد بورحمون، وذلك بشراكة مع المجمع الشريف للفوسفاط”.

وأكد مهتمون بالشأن المحلي، في تصريحات متفرقة لهسبريس، “أن أغلب الأسر الفقيرة والمتوسطة تضع يدها على قلبها خوفا من أن يستمر مسلسل شهداء الصهد، في ظل استمرار الوضع على ما هو عليه، وخاصة بعد تأخر تنزيل مختلف هذه الشراكات بمبرر غياب الوعاء العقاري وفي ظل الصعوبات التي تلاقي الشباب الراغبين في ارتياد المسابح الخاصة بالنظر إلى تكلفتها الباهظة”.

وأوضح حنين صالح، رئيس المجلس الجماعي لأولاد عياد، أن قرار إحداث 14 مسبحا بالإقليم كان صائبا، (…) وإذا تم تنزيله ستكون له آثار إيجابية على الساكنة وخاصة منها فئة الشباب والأطفال الذين لا يأبهون كثيرا لمخاطر السباحة في المناطق غير الآمنة.

وأضاف الرئيس أن الاتفاقية المبرمة بين الجماعات الترابية بالإقليم والمجلس الاقليمي للفقيه بن صالح لا تزال سارية المفعول، وأن أي تأخر في تنزيلها له ارتباط بالسيولة المالية وبغياب الوعاء العقاري لدى بعض الجماعات، مُسجلا إجماع أغلب الرؤساء على أهميتها في ظل الفواجع المؤلمة التي أزّمت العديد من الأسر.

hespress.com