فاتحْ "ماتْ"

عبد الرحمان شحشيالجمعة 30 أبريل 2021 – 22:40

حين نادى “كارل ماركس” و”فريدريك أنجلز” سنة 1848 في البيان الشيوعي ورفعا شعار: “يا عمال العالم اتحدوا”؛ كانت الحركة العمالية في أوج ذروتها في الشرق كما في الغرب، أما الحركة العمالية في دول العالم الثالث فعانت من ازدواجية خطاب الليبرالية المتوحشة ومن سياسة الكيل بمكيالين.

أما اليوم وقد نالت دول العالم الثالث استقلالها السياسي إلا أنها لا تزال ترزح تحت نير الاستعمار الجديد، فإذا كان المُستعمر قد خرج بالأمس من الباب فقد عاد اليوم من النافذة، نافذة السيطرة الاقتصادية، فأغلب الشركات النافدة في السوق الوطني تتحكم فيها فروع كبريات الشركات الأجنبية في استغلال بشع للطبقة العاملة وبأجور زهيدة وفي ظروف عمل أقل ما يقال عنها أنها غير إنسانية، أما مفتشيات شغلنا فخلدت للكسل ولا تشتغل إلا بالتعليمات وبذريعة أنها لم تتوصل بالشكايات من ضحايا أصحاب الرأسمال، بدل المبادرة الحرة والإرادية والتلقائية.

تحتفل الطبقة العمالية المغربية هذه السنة بعيدها ولكن بطعم الدموع وهي تتذكر ضحايا فاجعة طنجة؛ حيث لقي 25 شخصا بينهم 17 امرأة و08 رجال حتفهم المشئوم وهم يبحثون عن لقمة عيش كريمة و”خبز حاف” في معمل سري بمرآب تحت أرضي بفيلا في أبشع صور استغلال الإنسان لأخيه الإنسان.

تحتفل الطبقة العمالية اليوم بعيدها وهي تتذكر كل المحرومين من الطبقة البروليتارية من الحق في الاحتجاج وإسماع صوتها للجهات المسؤولة وللباطرونا التي تغولت في ظل الجائحة، جائحة كورونا، واستعملتها كذريعة لضرب مكاسب العمال والعاملات الذين واللواتي سرحتهم بالمئات، وإغلاق تعسفي للعشرات من الوحدات الصناعية، بل تطاولت إلى حد جر المناضلين النقابيين الشرفاء أمام المحاكم بتلفيق تهم واهية.

ومن المنتظر أن يصدر قرار للسلطات لمنع المسيرات والمهرجانات الخطابية في ظل الجائحة في عامها الثاني، ليدق مسمار آخر في جسم الحركة النقابية المثخن بالجراح وليصيب الطبقة العاملة بالإحباط وخيبة الأمل في رفع مطالبها للجهات المعنية، ويبقى عزاؤها الوحيد “النضال عن بعد” عبر إلصاق بياناتها على الجدار الأزرق في ” فيسبوك” وعلى مواقها الإلكترونية.

نعم، تحتفل الطبقة البروليتارية اليوم بعيدها “الفاتح ماي” 2021 والطبقة العمالية تزداد تمزقا وتشرذما بتمزق وتشرذم المشهد النقابي؛ فوراء كل نقابة حزب، ووراء كل حزب مصالح سياسية ضيقة، ضيعت المصالح المادية للعمال؛ فهل فعلا فاتح ماي مات؟

نعم، لقد مات الفاتح أمام تغول الليبرالية المتوحشة، وأمام إماطة العولمة اللثام عن وجهها القبيح، وأمام التدخل السافر للمؤسسات المانحة في القرارات السيادية للدول من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي.

hespress.com