اختتمت، مساء الجمعة، أشغال الندوة الوطنية، حول موضوع “الديمقراطية التشاركية ومسار التنزيل الترابي.. أي حصيلة؟، التي نظمها المرصد المغربي للدراسات والأبحاث حول المجتمع المدني والديمقراطية التشاركية بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، على مدى يومين بمشاركة عدد من الأكاديميين، في إطار مشروع الشباب والمجتمع المدني دينامو الديمقراطية التشاركية.

نجاة العماري، أستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، انطلقت، خلال مداخلتها حول موضوع “الميزانية التشاركية”، من موقع الميزانية التشاركية ضمن مفهوم الديمقراطية بشكل عام والديمقراطية التشاركية بشكل خاص.

ولاحظت العماري، خلال الجلسة الثانية من الندوة التي ترأسها الأستاذ نجيب الحجيوي، أن مناقشة أهمية الميزانية التشاركية تعتمد بداية فهم وظيفتها التي تساعد على تحديد أهميتها بالنسبة لممارسة الديمقراطية التشاركية.

واعتبرت الأستاذة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بجامعة القاضي عياض بمراكش أن الميزانية التشاركية وسيلة بيداغوجية لأجرأة السياسات العمومية الترابية ذات الصلة، إذ أصبح المواطن يمتلك مداخل للمشاركة في إقرار نفقات تحقق له الرفاهية التي كان أمر تحديدها حكرا على المدبر العمومي.

وفي السياق ذاته، تناولت ليلى الرطيمات، أستاذة بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، موضوع “الديمقراطية التشاركية في تجارب الدول الأوروبية”، حيث وقفت المحاضرة على أوجه ومرتكزات إعمال الديمقراطية التشاركية (الديمقراطية التوافقية) في كل من سويسرا وألمانيا، مؤكدة على أهمية الشرط الثقافي في بناء مسار هذه الممارسة.

وخلصت الأستاذة الرطيمات إلى أن التجربة السويسرية تعتمد ممارسة فعلية بشكل واضح لآلية الديمقراطية التشاركية، حتى أصبحت توصف بدولة الاستفتاءات واللجان الاستشارية، فضلا عن أنها تنطلق في تعاملها مع حق تقديم العرائض، باعتباره حقا طبيعيا، لا يحتاج إلى وضع معايير وشروط خاصة؛ في حين ترسخ التجربة الألمانية لا مركزية ثقافية ديمقراطية، وهو ما سمح بترسيخ مفهوم المشاركة كنمط عام في التدبير.

عبد الرحمان الماضي، أستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات، انطلق، في مداخلته حول “برامج التنمية الترابية.. تقييم المنطلق، وتقويم المسار”، من إشكالية مدى تطبيق مضمون الفصل 139 بما يشمله من فاعلين ومن مسار اتخاذ القرار من إعداد وآليات وتتبع وتقييم، معتبرا الوثيقة الدستورية الأساس المرجعي في تحديد الأفق التشاركي المطلوب دستوريا، خاصة مضامين الفصل 139.

وأكد الماضي أنه كلما جرى الانتقال إلى مسار التنزيل يحصل التراجع الأفق التشاركي المحدد بمقتضى الوثيقة الدستورية، معللا ذلك بالحديث عن المراسيم التطبيقية للقوانين التنظيمية للجماعات الترابية، التي كان من المفترض أن تحدد الآليات التشاركية التي ينبغي اعتمادها، إلا أنها اكتفت بالإشارة إلى المراحل والفاعلين، دون تحديد موضع مشاركتهم.

وسجل الأستاذ بكلية العلوم القانونية والسياسية بسطات أن دليل إعداد البرامج التنموية المعد من قبل وزارة الداخلية يرسخ التوجه نحو تقزيم الأفق التشاركي، من خلال تغييب الجمعيات كفاعل أساسي في الديمقراطية التشاركية تبعا للوثيقة الدستورية؛ وحصر وظيفة هيئة المساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع في وظيفة مقاربة النوع، تغييب الجمعيات والهيئات الاستشارية على مستوى التشخيص وصياغة الأهداف، وعلى مستوى الأنشطة أيضا؛ مع ذكر الجمعيات على المستوى الإجرائي مرة واحدة فقط.

عبد العالي حوضي، طالب باحث بكلية العلوم القانونية والسياسية بجامعة الحسن الأول بسطات، أكد، في كلمة له بالمناسبة، على أهمية الندوة التي تكمن في استعراض حصيلة الديمقراطية التشاركية، بعد ما جعل لها دستور 2011 مجموعة من القنوات والمداخل كالعرائض والملتمسات، وإنشاء هيئات استشارية تتبع وتواكب وتقيم السياسات العمومية بالمغرب، متسائلا عن مدى إخراج الديمقراطية التشاركية الحقيقية من محتوى النصوص إلى أرض الواقع، باعتباره كائنا جديدا يتنفس من خلاله المجتمع المدني والمواطنون والمواطنات للمساهمة في القرار العمومي.

hespress.com