يمثل زعيم جبهة البوليساريو إبراهيم غالي، غدا الثلاثاء، أمام القضاء الإسباني، عبر “تقنية الفيديو”، للتحقيق معه بشأن الجرائم التي تلاحقه من قبل ضحاياه، في ظل استمرار الأزمة بين الرباط ومدريد.
وتتابع الرباط الإجراءات المرتقب اتخاذها من قبل قاضي التحقيق في مدريد بعد الاستماع إلى إبراهيم غالي؛ إذ إن مصير العلاقات بين المغرب وإسبانيا معلق على التدابير التي سيتخذها القضاء الإسباني بعد تزوير الحكومة الإسبانية لهوية ووثائق زعيم البوليساريو.
وهدد المغرب بالقطيعة الدبلوماسية مع إسبانيا في حالة عدم اتخاذ أي إجراءات في حق زعيم المليشيات الانفصالية، وحذر ناصر بوريطة، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، في تصريح سابق، قائلا: “إذا كانت إسبانيا تعتقد أنه يمكن حل الأزمة عن طريق إخراج هذا الشخص (إبراهيم غالي) بنفس الإجراءات، فذلك يعني أنها تبحث عن تسميم الأجواء وعن تفاقم الأزمة أو حتى القطيعة”.
وقال المحامي والحقوقي نوفل البوعمري إن أول إجراء كان يجب أن يتخذه القضاء الإسباني، “هو إغلاق الحدود في وجه إبراهيم غالي وسحب جل جوازات السفر التي دخل بها إلى إسبانيا، سواء كانت حقيقية أم مزورة، مع تنبيه الحكومة الإسبانية في حال محاولة تهريبه خارج البلاد”.
وأضاف البوعمري أن عدم اتخاذ السلطات الإسبانية القضائية للإجراءات المشار إليها، “لم يتم للاعتبارات المتعلقة بالارتباك الذي ساد تدبير الملف قضائيا بسبب تأثره بالأزمة السياسية التي تسببت فيها الحكومة الإسبانية مع المغرب من خلال استقبالها لزعيم البوليساريو بهوية مزورة لتضمن له الإفلات من العقاب”.
وأورد المحامي ذاته، في تصريح لهسبريس، أن قرار قاضي التحقيق الاستماع إلى غالي عبر تقنية الفيديو، “لا يمكن الاعتراض عليه من الناحية الإجرائية، خاصة وأنه يتحجج بحالته الصحية، لكن على قاضي التحقيق أن يخبر الرأي العام بالأسباب الصحية التي حالت دون مثوله أمامه، خاصة وأنه قد مر حوالي شهر على علاجه، وفي حال كان مصابا بكورونا كما يتم الادعاء، فسيكون بعد هذه المدة الطويلة قد تمت معالجته. هذا إذا كان فعلا مصابا بكورونا وليس بأشياء أخرى ننتظر الكشف عنها في القادم من الأيام”.
واعتبر المتحدث أن جلسة فاتح يونيو هي “جلسة سيضع فيها القضاء الإسباني نفسه على المحك؛ محك استقلاليته ونزاهته”، مشيرا إلى أنه “قد جرت العادة في شكاوى عادية يكون الأجانب موضوعها أن يتم اتخاذ أول إجراء بإغلاق الحدود لضمان حضور المتهم أمام القضاء، وهو ما لم يتم في هذه الحالة، خاصة وأن وزيرة خارجية إسبانيا أشارت في تصريح غريب إلى كون غالي سيغادر إسبانيا فور علاجه، وكأنها هي من تتحكم في القرار القضائي وهي من تصدره، في مس خطير وصريح باستقلالية القضاء الإسباني”.
وذكر الخبير في ملف الصحراء بأن “المغرب أعلن أنه في حال خروج غالي بنفس الكيفية من إسبانيا، سيكون له موقف دبلوماسي صارم تجاه العلاقة التي تربطه بإسبانيا، خاصة في ظل حكومة ثبت أنها هشة”.
وشدد المصدر ذاته على أنه من الناحية القانونية والحقوقية، من حق ضحايا إبراهيم غالي مساءلة الحكومة الإسبانية أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، “لأنها تواطأت بداية مع مجرم حرب عند تهريبه إلى الداخل الإسباني بهوية مزورة، وتواطأت معه لمرة ثانية في حال سمحت وسهلت له عملية فراره من إسبانيا”.
وأورد البوعمري أن الوقائع تضع إسبانيا وحكومتها بالأساس موضع مساءلة من الناحية القانونية أمام الضحايا الذين سيكون لهم كامل الحق للتوجه إلى القضاء الأوروبي لإنصافهم في مواجهتها، مبرزا أن الآليات الأممية، خاصة المعنية بحماية حقوق الإنسان، ستكون مفتوحة أمام مختلف الضحايا للتوجه إليها ولإعمالها ضد الحكومة المركزية في مدريد “إذا ثبت أن وسائل الانتصاف القانونية الداخلية الإسبانية غير منصفة وغير عادلة، وسيكون بإمكانهم اللجوء إلى آلية الشكاوى الفردية أمام مجلس حقوق الإنسان في مواجهة الحكومة الإسبانية”.