بين أحضان طبيعة أمكون بإقليم تنغير، رأت فرقة “حركوس إزلي” النور، لتنضاف إلى الفرق الفلكلورية النشيطة بالمنطقة والمتخصصة في أداء فن أحيدوس، الذي يميز مناطق الجنوب الشرقي عن باقي مناطق المغرب.

على الرغم من أنها حديثة التأسيس، فإن فرقة “حركوس إزلي” استطاعت أن تفرض حضورها كواحدة من أبرز الفرق الفنية الفلكلورية بالجنوب الشرقي، خاصة بإقليم تنغير.كما تساهم في توثيق الموروث الشعبي العريق والمميز للهوية الثقافية المحلية للجنوب الشرقي.

ويطلق لفظ “أحيدوس” أو “إزلي” على الرقص الجماعي، بجميع أشكاله، في الجنوب الشرقي للمغرب. ويتكون هذا النمط الفني من الشعر أو النظم، والرقص، والإيقاع، والغناء أو الإنشاد. وتختلف تسمية نمط أحيدوس أو إزلي باختلاف المناطق، خاصة التي يقطنها الأمازيغ.

الفرقة الفنية الجديدة، التي يقودها المايسترو “حركوس”، جعلت من “إزلي” سلاحا من أجل الحفاظ على ما تبقى من التراث المحلي الغني والمتنوع خاصة في المجال الغنائي والفني. وتعتمد الفرقة في أداء هذا النمط أدوات موسيقية بسيطة جدا “البندير”؛ لكنها مميزة بلباسها التقليدي، الذي يرتديه الرجال والنساء أعضاء الفرقة.

محمد أوماد، مدير فرقة “حركوس إزلي”، قال، في تصريح لهسبريس، إن الفرقة الفنية الجديدة أسست في الأسابيع الماضية، لجمع شمل مجموعة من شعراء ومطربين معروفين بالجنوب الشرقي أتحفوا واحات أمكون ودادس وتودغة ودرعة بقصائدهم الخالدة، وأيضا من أجل تطوير هذا النمط الفني الشعبي وإيصاله إلى العالمية مثل باقي الأنماط الأخرى، وفق تعبيره.

وأكد المتحدث ذاته أن الفرقة الفلكلورية، على الرغم من أنها جديدة في الساحة، فإن أعضاءها لهم تاريخ كبير في المجال الفني، وكانوا نشيطين في المناسبات والأعراس بالمنطقة، موضحا أن “تأسيس الفرقة جاءت لجمع شمل هؤلاء الأعضاء في فرقة واحدة، وإخراج هذا الفن من النمطية القديمة التي كانت تنظر إليه فئة كبيرة بنظرة تحقيرية خاصة لممارس أحيدوس أو إزلي”، بتعبيره.

ومن بين الأهداف التي سطرتها الفرقة، حسب بعض أعضائها، هو تحسين مستوى المعيشي للفنان من خلال الدخول في شراكات مع مؤسسات عمومية وخاصة، لتطوير هذا الفن العريق الذي تتميز به مناطق الجنوب الشرقي، ومحاولة خلق مشاريع مدرة للدخل، خاصة أن الفنان يعيش دائما مشاكل مادية، على الرغم من كل ما يقدمه من جهود وأعمال في سبيل دعم القضايا الوطنية، وفق تعبيرهم.

ولم يخفِ أعضاء الفرقة، في تصريحات متطابقة لهسبريس، أن الفرق الفلكلورية بالجنوب الشرقي عموما تواجه مجموعة من الإكراهات والعوائق التي تجعل الكثير منها تستسلم وتنسحب من هذا المجال، مؤكدين أن العائق الكبير هو عدم الاعتراف الرسمي بأداء العديد من الفرق الفلكلورية خاصة “أحيدوس”، وعدم تمكنهم من بطاقة الفنان، مثل باقي الأنماط الفنية الأخرى.
وفي هذا الصدد، أكد محمد أوماد، مدير فرقة “حركوس إزلي”، إن رئيس هذه الفرقة بدأ مساره الفني منذ سنة 1980، ليس من أجل المال بل حبا لهذا الفن ورغبة في إسعاد الآخر ورغبة منه في الحفاظ على هذا الموروث المحلي، مشيرا إلى أن المعني “لم يسبق له أن توصل ببطاقة فنان أو بتكريم من أي جهة؛ ما يؤكد أن الاعتراف الرسمي لهذا النمط بعيد المنال”.

وأشار مدير الفرقة إلى أنه وعلى الرغم من الإكراهات والعوائق التي تواجه الفرق الفلكلورية بالجنوب الشرقي، فإن فرقة “حركوس إزلي” تطمح إلى أن تجعل نفسها فرقة قوية لتنافس وطنيا وعالميا، وإيصال هذا الفن إلى قلوب المغاربة والأجانب على حد سواء، وإعطاء ممارس أحيدوس أو إزلي ما يستحقه من عناية واهتمام كباقي ممارسي الأنماط الفنية الأخرى.

وشدد المتحدث ذاته على أن الفرقة لها طموحات كبيرة، وستعمل في مستقبل الأيام على تأسيس مدرسة لتعليم هذا الفن العريق وتعليم إيقاعاته وكل ما يتعلق به من شعر وطرب، لفائدة الأجيال المقبلة، والمساهمة في تطويره والحفاظ عليه.

“الوضع الحالي لفن أحيدوس أو إزلي غير مريح ولا يبعث على الاطمئنان”، يقول مدير فرقة “حركوس إزلي”، قبل أن يشير إلى أن “المتلقي حاليا يجد صعوبة للحصول على مقتطف ذات جودة على جميع المستويات، إذ إن الفرق يجب أن تعمل على تطوير أدائها لإعادة إحياء هذا النمط الفني وإعادته إلى السكة التي كان عليه سابقا”.

وأكد أوماد أن ممارسي هذا الفن أصبحوا ملزمين أكثر من أي وقت مضى بتطوير هذا الفن وإعطائه ما يسحقه من العناية، باعتبارهم سفراء هذا البلد في “إزلي” أو “أحيدوس”، مشيرا إلى أن نجاح هذا النمط رهين بأداء الفرق ومدى رغبتها في التطوير والعمل بعيدا عن البحث هم الربح المادي.

hespress.com