بملفّ خاصّ يحيط بالرصيد الأمازيغي المكتوب، يحطّ الرحال بالخزانة الرقمية لموقع وزارة الثقافة أحدث أعدادِ فصليّة “المناهل”، الصادر عن وزارة الثقافة والشباب والرياضة.
وأشرف على إعداد وتنسيق هذا الملفّ اللسانيّ المغربيّ محمد المدلاوي، كما يضمّ هذا العدد المائة في قسمه الثاني مقالات في مباحث التاريخ والأدب والفلسفة.
ومن نشأة وتطور التراث الأمازيغي المخطوط بالمغرب، إلى البحث في مختارات مخطوطة بالأمازيغيّة الليبية والتونسيّة، مرورا بتحديات المخطوطات الأمازيغية الشّلحيّة المدوّنة بالحرف العربيّ، والوقوف عند تجارب الكتابة الأمازيغية بالحرف العربيّ، والإبداع الأدبيّ الحديث بالأمازيغية، والمخطوطات الأمازيغية في سوس.
ويورد الملفّ في ملحقه قائمة بالمنشورات المغربية والمخطوطات الأمازيغية المتوفّرة بخزانة مؤسسة آل سعود للدراسات الإسلامية والعلوم الإنسانية بالدار البيضاء، وبالمكتبة الوطنية للمملكة بالرباط.
وفي تقديم الملفّ يكتب اللساني محمد المدلاوي أنّ مِن غاياته “التعريف بهذا الرّصيد على أوسع نطاق، وبخزانته، ومظانّه، في صفوف قرّاء العربية”، علما أنّ المعرفة الملموسة بمجرّد الوجه التاريخي الضارب في القدم لهذا الرصيد “يكاد يكون منعدما حتّى في أعلى مستويات النّخبة العالِمة في بلد كالمغرب”، مهما كانت لغة تكوينها، وذلك “إلى ما قبل حوالي عشرين سنة فقط”.
ويذكر المدلاوي أنّ الأمازيغية، بأوجهها الجهوية المختلفة، قد راكمت رصيدا هائلا مِن مختلف أصناف الأدب والعلوم الدينيّة والوقتيّة الشعبيّة أو شِبه العالِمة التي انتقلت من الحامِل الشفهي، إلى الحامل الكتابيّ، ووجد عدد قليل جدّا منها سبيلَه إلى الطبع والنشر بالحرف اللاتيني، بتدرّج منذ أكثر مِن قرن على يد مستَمْزِغين أوروبيّين، ثم بالحرف العربيّ في العقود الأخيرة بالمغرب.
ويعود الأكاديمي إلى فترة سبعينيات القرن الماضي التي عرفت، بالمغرب خاصة: “طفرة نوعية في مراكمة المكتوب الأمازيغي في باب الأنواع الإبداعية في الأغراض الوقتية (أي غير الدينية)”، وهي فترة تميّزت بـ”تنوّع حرف كتابة الأدب المغربيّ النّاطق بالأمازيغيّة، بعد أن كانت النّصوص الأمازيغيّة مقصورة على الحرف العربيّ، على مدى ما يقارب عشرة قرون” في كامل شمال إفريقيا.
ويضيف تقديم الملفّ أنّ هذا قد كان قبل ظهور “تبنّي الحرف اللاتيني الذي كان قد طوَّره المستَمزغون، ثم بدأت حركة استعادة صيغ جديدة معدّلة من حرف تيفيناغ الضّارب في القِدَم خلال العقد والنّصف الأخير على يد المبدعين الأمازيغوفونيين المغاربة خاصة، بعد قرار المعهد الملكيّ للثّقافة الأمازيغية، فور تأسيسِه، اتّخاذَه حَرفا معياريّا لكتابة الأمازيغية”.
ويتحدّث التقديم أيضا عن اقتصار الاهتمام الدولي بالرصيد الأمازيغيّ المكتوب خاصة بالحرف العربي على أربعة فيلولوجيّين مستَمزغين في هولندا وإيطاليا، ويزيد: لَم يظهر أول التفات أكاديمي أوسع قليلا سوى سنة 2011، مع انعقاد ملتقى بجامعة باريس الثامنة لنشر نداء مشاركات حول “المخطوطات العربية-الأمازيغية”، التي طُبِعت بعد ذلك.
وفي ملفّ “لمحات عن الرصيد الأمازيغيّ المكتوب”، يجد القارئ إسهامات بحثية لكلّ من الوافي نوحي، وفيرموندو برونياتيلّي، ومحمد سعدوني وهاري شترومر، والخطير أبو القاسم-أفولاي، وأحمد المنادي، وجمال أبرنوص، وأحمد السعيدي.
كما تتضمّن الفصليّة مقالات متنوعة عن أوائل الأمازيغ في المشرق الإسلامي، وجهود علي صدقي أزايكو في تأسيس سرديّة تاريخية وثقافية جديدة، ونصوصا فلسفية وتاريخية ونقدية عن مشكل العنف في الأزمنة الحديثة عند حنة آراندت، وحول شكوك ابن الهيثم على بطليموس كنموذج على أخلاقيات الاعتراض في العلم عند النّظّار المسلمين، والغرابة والإبداع في مقصورة حازم القرطاجني، والرباطات والطوائف بوصفها إرهاصات أولى للممارسة الصوفيّة الطُرُقِيَّة بالمغرب، وإشكاليّة هجرة الكفاءات بالمنطقة المغاربيّة، ومحنة ابن رشد في إحدى مسرحيّات الشاعر علي الصقلي.
كما يتضمّن العدد الـ100 من هذه المجلة الفصلية، الصادرة عن وزارة الثقافة والشباب والرياضة، قراءات في كتاب المسلك السهل للصّغير الإفراني، وموسوعة السرد العربي، وكتاب الإسلام والغرب لجوسلين داخلية. وشارك في هذا القِسم من فصليّة “المناهل” أكاديميّون وباحثون، هم: عبد الرزاق أبو الصبر، عبد الله هداري، نبيل فازيو، محمد أبركان، محمد بن محمد الحجوي، أنس بوسلام، الحبيب استاتي زين الدين، رشيد بناني، عبد العزيز ابن عبد الجليل، سعيد أوعبو، وفؤاد بن أحمد.