خلدت فعاليات أمازيغية متنوعة الذكرى الثانية لوفاة مؤسس الحزب الديمقراطي الأمازيغي أحمد الدغرني، مسترجعة مسارات من حياة الراحل، وعمله من أجل فكرته في أفق البحث عن استكمال مسارات رسمها على امتداد سنوات طويلة.

التخليد الذي جاء بأوجه محسوبة على الحركة الأمازيغية، في منطقة إكرار ن سيدي عبد الرحمان بإقليم تيزنيت، صاحبته زيارة لقبر الراحل، ونقاشات حول واقع ومستقبل الأمازيغية في المغرب، وضرورة فتح حوار جماعي بين الأطراف المتفرقة.

وأحمد الدغرني، مؤسس الحزب الديمقراطي الأمازيغي المحظور سنة 2005، ازداد بزاوية تادارت بمنطقة آيت باعمران سنة 1947، درس بمدينة تزنيت قبل أن يلتحق بالمعهد الإسلامي لتارودانت، ثم مراكش التي حصل فيها على شهادة الباكالوريا.

وأتم الراحل دراسته الجامعية بكل من الرباط وفاس، قبل أن يتخرج محاميا بسيدي سليمان، وبعد ذلك انتقل إلى العاصمة الرباط، التي شهدت أوج معاركه من أجل إقرار الأمازيغية بالبلاد، خصوصا من خلال دفاعه الدائم عن معتقلي الحركة.

وكتب الدغرني في مواضيع متعددة، ومن أبرز مؤلفاته: “عبد المومن.. مسرحية من تاريخ الموحدين”، و”المهدي بن تومرت.. مسرحية من تاريخ الموحدين”، و”دموع الغولة” (مجموعة قصصية)، و”البديل الأمازيغي” (أطروحة سياسية أمازيغية)، و”حراك الريف”.

عبد الله بوشطارت، من منظمي الذكرى، قال إنها تأتي في سياق صعب جدا تعيشه القضية الأمازيغية ومطالبها بعد مرور 11 سنة على ترسيم اللغة الأمازيغية في الدستور، وفي فترة عصيبة تعيشها الحركة الأمازيغية على مستوى التنظيم والخطاب والامتداد.

وأضاف أن “هذا التخليد فرصة ثمينة بالنسبة للفعاليات الأمازيغية الحاضرة، أولا للنقاش حول الإرث الفكري والسياسي للمرحوم داحماد وتجاربه التنظيمية، خاصة مشروعه السياسي المسمى أطروحة البديل الأمازيغي. وثانيا لتوسيع النقاش حول واقع الحركة الأمازيغية حاليا، وكيف يمكن الخروج من مرحلة الأزمة إلى مرحلة إعادة البناء”، مشيرا إلى أن اللقاء جاء بجمعيات مهتمة وكذلك أصدقاء وعائلة الراحل.

وتابع قائلا إن الحضور شمل كذلك ممثلين عن الحركة الثقافية الأمازيغية بجامعة ابن زهر (تنظيم طلابي)، أجمعوا على أن الأمازيغية تعيش تراجعات خطيرة غير مسبوقة في ظل الحكومة الحالية، من قبيل ما تعيشه من حصار مؤسساتي في التعليم والإعلام والقضاء والثقافة وكل الفضاءات العمومية.

وعلى مستوى المقترحات، كان النقاش صريحا وواقعيا، وفيه قراءات نقدية موضوعية انصبت على مكامن الضعف والخلل داخل الحركة الأمازيغية: في آليات الاشتغال، وفي المواقف، وكذا الخطاب الفكري والسياسي والثقافي، وطريقة الطرح وبناء الفعل النضالي، وعلاقة الحركة مع المحيط السياسي والحزبي والمدني، يضيف بوشطارت.

واعتبر صاحب كتاب “الأمازيغية والحزب” أنه أمام تشعب النقاش وتعدد زوايا النظر، لم يكن الأمر سهلا ومواتيا لإعطاء مخرجات سريعة، ولكن أفضى اللقاء إلى عدة خلاصات إيجابية، أهمها ضرورة تعميق النقاش الداخلي الصريح بين جميع مكونات الحركة الأمازيغية، بما فيها الحركة الثقافية الأمازيغية، داخل الجامعة وبين خريجيها.

وخلص بوشطارت إلى أنه إذا كانت الذكرى الثانية لوفاة أمغار القضية داحماد الدغرني قد حققت هدفا ما، فإنها بصمت على بداية حوار داخلي صريح بين جميع مكونات الحركة الأمازيغية لتقييم الوضع وتشخيصه، وطرح الإجابات الممكنة للمستقبل.

hespress.com