عكس أشرطة “روتيني اليومي” المثيرة للجدل، أصبح العديد من نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي ينشطون في مجال “المعرفة الرقمية” الموجهة إلى الشباب المغربي، حيث يوظفون لغة عامية بسيطة تراعي المدارك الثقافية للمتتبعين الافتراضيين.
وفيما يشيد البعض بتلك الكبسولات الرقمية التي تتيح للشباب إمكانية التعرف على الأحداث التاريخية والثقافية التي تعرفها المملكة، هناك من ينتقد جودة المحتويات المتداولة من حيث الأمانة العلمية والضبط الصارم للمعارف البيداغوجية.
ويلاحظ أن العديد من “اليوتيوبرز” يعمدون إلى توظيف عناوين “مثيرة” من أجل رفع نسب المشاهدة، لا سيما ما يتعلق بالمحتويات التاريخية؛ الأمر الذي اعتبرته بعض الفعاليات البحثية بأنه “رَوْتَنَة” للمعرفة، بفعل ضعف الأدوات المنهجية لدى صانعي المحتوى الرقمي.
وفي المقابل، دخل العديد من الأساتذة الجامعيين “عالم الأنترنت”، من خلال تحويل مضامين الإصدارات الثقافية إلى أشرطة رقمية مختصرة تلخص الأفكار الكبرى للمؤلَّف؛ سعيا إلى تقريب المعرفة من القراء الأوفياء من جهة، ومواكبة التطورات التكنولوجية القائمة من جهة ثانية.
لذلك، دعت بعض الفعاليات البحثية إلى إنتاج كبسولات رقمية بمعايير مهنية وأكاديمية صارمة، حتى يكون لدى المتتبعين المغاربة إنتاجات رصينة تتضمن معطيات مدققة ومضبوطة؛ ما من شأنه الحدّ من “الفوضى المعرفية” السائدة بمنصات التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة.
وفي هذا الإطار، قال عبد القادر مانا، الباحث الأنثروبولوجي والكاتب المغربي، إن “صناعة المحتوى بمواقع التواصل الاجتماعي لا تتطلب حصول الشخص على أي شهادات علمية، أو توفره على مؤهلات معرفية وأكاديمية معينة؛ بل يكفي أن يمتلك هاتفا نقالا لتحقيق المبتغى”.
وأضاف مانا، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “أغلب صناع المحتوى لا تربطهم أي علاقة بالحقل المعرفي الذي يشتغلون ضمنه؛ ما مرده إلى السهولة المتاحة في مواقع التواصل الاجتماعي، التي كسرت احتكار الدولة للمجال السمعي البصري”.
وأوضح الباحث عينه أن “الشباب يقبلون على تلك الكبسولات الرقمية في ظل تراجع نسب القراءة، حيث تفضل فئات كثيرة مشاهدة شريط رقمي قصير على قراءة كتاب معين؛ وهو ما يفسر ارتفاع نسب الاتصال بالأنترنيت من طرف الجيل الحالي”.