شاب غيّر الصورة النمطية عن منطقة البور بإقليم مراكش، وقدّم نموذجا مُشرقا للفلاحة بمجال جغرافي مناخه صحراوي جاف؛ لكن أيادي هذا الفلاح، الذي تسلح بإرادة القوة، حوّلت بعض الهكتارات إلى جنان خضراء.

بعدما صامت الأرض عن إنتاج فاكهة البطيخ الذي أهلك التربة والفرشة المائية، دارت الكثير من الأفكار في ذهن هذا الشاب، وهو يحاول تلمس نقطة ضوء في ظلام منطقة قاحلة، فـ”كانت الشجرة المباركة فأل خير عليّ”، يقول الفلاح مولاي أحمد بونوار في لقاء مع هسبريس.

وأوضح المتحدث ذاته، الذي كان يتعاطى لفلاحة الخضراوات والفواكه، أن التفكير في العودة إلى الأشجار المثمرة المناسبة للجفاف ومتغيرات التربة دفعه إلى اختيار شجرة الزيتون المقاومة لقلة التساقطات التي تعاني منها منطقة أولاد دليم.

وأضاف بونوار: “قررت العودة إلى أشجار زيتون كانت مهملة بأحد حقولنا، فحوّلتها إلى ضيعة نموذجية من 3 هكتارات، أنتجت خلال هذا الموسم الفلاحي للزيتون 76 طنا، بما يعادل 25 طنا للهكتار الواحد، بفعل تنظيم عملية السقي والتعامل العقلاني مع التربة واعتماد الطاقة الشمسية”.

وأورد المحدث نفسه: “مجهودي الخاص لتحويل هذه الأرض القاحلة إلى حقل زراعي منتج وجد ضالته لدى المصالح اللامركزية لوزارة الفلاحة بجهة مراكش، وتدخل برنامج المثمر الذي تكلف بتحليل التربة؛ ما ساعد على اختيار الأسمدة المناسبة للضيعة”.

وتابع الشاب بونوار قائلا: “أعتمد في هذه الضيعة السقي الموضعي، الذي يتم ضخه بلوحين للطاقة الشمسية، واحد ثابت والآخر يمكن تحريكه ليساير تحرك أشعة الشمس. وأفكر مستقبلا في تقسيم الحقل إلى قسمين، وإضافة مضخة أخرى لسقي الهكتارات الثلاثة نهارا فقط، لتخفيض تكلفة الإنتاج بما يناهز 10 مرات بالاعتماد على البنزين”.

ويقول عبد الله المنديلي، المدير الإقليمي للفلاحة الذي سمع عن إنتاج هذه الضيعة ولم يصدق في البداية إلى أن رأى بأم عينيه أغصان أشجار الزيتون تتدلى بثقل الثمار، إن “هذه ضيعة نموذجية ومدرسة حقلية، تستحق الإشادة والدعم”.

وتابع المسؤول الإقليمي ذاته قائلا لهسبريس: “لم نألف مثل هذا المنتوج في الضيعات التي توجد بالجهة قاطبة، حيث إن المعدل هو 4 أطنان في الهكتار الواحد، والحالات الاستثنائية بين 14 و16″، مضيفا: “أحمد بونوار نموذج للشاب المثابر، التي تحتاجه الدولة المغربية، لبناء اقتصاد متين قادر على خلق الثروة”.

تفكير هذا الفلاح الشاب يذهب بعيدا حين تراوده فكرة مشروع إحداث معصرة بهذه المنطقة، والرفع من منتوج هذه الضيعة التي تحتاج بعد جني ثمارها إلى حرثها مرتين أو أكثر لتنقية الأرض من الأعشاب الضارة وإلى شاحنة لنقل صناديق الزيتون لبيعها؛ غير أن “العين بصيرة واليد قصيرة”، بحسب بونوار.

المدير الإقليمي للفلاحة بإقليم مراكش عبّر عن استعداد إدارته لمساعدة بونوار على بناء معصرة عصرية، وفق المذكرة المنظمة لقانون الدعم، مؤكدا أن على هذا الشاب أن يفكر أكثر في أن يتماشى هذا المرفق مع شروط لـONSA.

أما بخصوص الحصول على “التراكتور” وشاحنة لنقل ثمار ضيعته إلى السوق، فهذا الشاب وضعت أمامه الدولة برنامج “انطلاقة” الذي يوفر دعما قويا للمشاريع والإرادات الشبابية؛ لكن هذا الطموح تقف أمامه صعوبة الحصول على شهادة التصرف، التي ستمكنه من الاستفادة من هذا الدعم.

وعبّر المدير الإقليمي للفلاحة بإقليم مراكش عن استعداد إدارته لدعم هذه الإرادات المؤمنة بالعمل، وبمواجهة الإكراهات والقفز فوقها للوصول إلى القمة، بدل لطم الخدود والبكاء على أطلال جبال الحوز أو دواوير البور بإقليم مراكش، مؤكدا أن الدولة تفتح أذرعها للمؤمنين بالإنتاج بدل الاستهلاك.

وأكد المسؤول ذاته أن المديرية مستعدة لنقل تجربة التعاونيات الخدماتية التي نجحت بإقليم الحوز إلى منطقة أولاد دليم؛ لـ”تمكين شبابها من تكوين فلاحي، يمكنهم من الحصول على مناصب شغل بالضيعات الفلاحية، التي تسعى إلى الرفع من منتوجها”، يختم عبد الله المنديلي.

hespress.com