تنوي نور دويات، وهي فلسطينية تحمل الجنسية الإسرائيلية، التصويت في الانتخابات التشريعية المقبلة، لكنها ترفض المشاركة في الاقتراع الفلسطيني المقرر في مايو حتى إذا سمحت إسرائيل بإجرائه في القدس الشرقية التي تحتلها.
تعتبر إسرائيل الفلسطينيين الذين يعيشون في القدس الشرقية، التي احتلتها سنة 1967، وضمتها لاحقا في خطوة لم يعترف بها المجتمع الدولي، مقيمين لهم حق السكن وحقوق اقتصادية واجتماعية يدفعون مقابلها الضرائب للسلطات الإسرائيلية؛ وقد أعطتهم “وثيقة عبور” تمكنهم من السفر عبر المطار.
ويعيش 300 ألف فلسطيني في القدس التي يعتبر الفلسطينيون الشطر الشرقي منها عاصمة للدولة التي يتطلعون إليها.
ولا يحق للفلسطينيين في القدس الشرقية الترشح أو التصويت في الانتخابات البرلمانية إلا في حال حصلوا على الجنسية الإسرائيلية، بينما يمكنهم الترشح لعضوية المجلس البلدي فقط دون الترشح لرئاسة البلدية.
وبعد اعتراف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس “الموحدة” عاصمة للدولة العبرية، ازدادت الطلبات الفلسطينية للحصول على الجنسية الإسرائيلية، مع أن ذلك من المحرمات الدينية والاجتماعية.
وتشير أرقام وزارة الداخلية الإسرائيلية إلى أن 1064 فلسطينيا من القدس الشرقية قدموا في 2018 طلبات للحصول على الجنسية الإسرائيلية، مقابل 961 طلبا في 2019 و1633 طلبا في 2020، السنة التي تمت الموافقة فيها على 1826 طلبا.
ونور (34 عاما) من بلدة صور باهر الفلسطينية، جنوب القدس، حصلت على الجنسية الإسرائيلية قبل خمس سنوات، وشاركت في الانتخابات الثلاث المتعثرة الماضية، وعازمة على التصويت في الانتخابات الثلاثاء.
تقول هذه المعلمة في إحدى مدارس بلدة أبو غوش قرب القدس: “أنا موجودة في هذه البلد وجزء من الشعب ومن حقي أن أنتخب، كل صوت له تأثير”؛ وردا على سؤال عن توجهها في التصويت تقول: “أصوت لمن سيقدم شيئا لصالح المجتمع العربي”.
وتقدمت نور بطلب الجنسية لأسباب شخصية تتعلق بالسفر ولأنها تساعدها “على تثبيت وجودي كفلسطينية في القدس”.
ويحمل معظم الفلسطينيين في القدس الشرقية جواز سفر أردنيا مؤقتا لأن المدينة كانت تحت الحكم الأردني في الفترة التي تلت الانتداب البريطاني، وحتى حرب يونيو 1967.
وعلى صعيد الخدمات، تقول نور التي حصلت مع شقيقتيها على الجنسية الإسرائيلية إنها لم تلمس أي تغيير، بل تصفها بـ”السيئة”، وتضيف: “لمست التغيير في السفر فقط لكن التعامل واحد.. العربي يبقى عربيا من وجهة نظرهم (إسرائيل)”.
ولا يحتاج الإسرائيلي إلى تأشيرة لدخول معظم دول العالم، والعكس تماما عندما يتعلق الأمر بالفلسطينيين.
وانتخابات الثلاثاء هي الرابعة خلال عامين في إسرائيل، بعد تعثر تشكيل ائتلافات حكومية قابلة للحياة.
انتخابات فلسطينية
وفي يناير، دعا الفلسطينيون إلى انتخابات هي الأولى منذ 15 عاما. وسينظم الاقتراع التشريعي في 22 مايو، في حين ستعقد الانتخابات الرئاسية في يوليوز.
وشدد الرئيس الفلسطيني محمود عباس على ضرورة إجراء الانتخابات في القدس، لكن ذلك يبدو صعبا ويواجه تحديات قانونية تفرضها إسرائيل التي تمنع أي مظهر سيادي للسلطة الفلسطينية في المدينة.
وتستند إسرائيل في منعها النشاط الفلسطيني إلى قانون تطبيق الاتفاقية المرحلية بشأن الضفة الغربية وقطاع غزة للعام 1994.
ويعتقد المحامي المتخصص في القانون الدولي معين عودة أن إسرائيل لن تسمح بإجراء الانتخابات الفلسطينية بالقدس، وقال: “اليوم هناك حكومة يمينية لن تسمح أبدا بانتخابات في القدس من باب إثبات الوقائع على الأرض وفرض السيادة”.
ويرى عودة أنه حتى إذا سمحت إسرائيل بذلك تحت ضغط دولي فستكون صلاحيات المجلس التشريعي لاحقا محدودة و”غير حقيقية”، وقال إن “المقدسيين لا يكترثون للانتخابات لأن إجراءها لا يؤثر على وضع المدينة”.
ويعتقد عودة أن “إسرائيل حتى اليوم لم تستخدم أي شيء” فهي قادرة على “سحب الإقامة من أي شخص يفكر في الترشح للانتخابات كما فعلت مع الوزراء الذين فازوا في انتخابات 2006 وطردتهم خارج المدينة”.
ويشير عودة إلى أن السلطة الفلسطينية لم تواجه اعتقال إسرائيل لممثليها في القدس مثل وزير ومحافظ المدينة، بأي ردة فعل، ويتساءل: “هل ستدافع عن المرشحين؟”.
وتتفق المواطنة الفلسطينية وفاء القواسمي-بخاري مع عودة وتقول: “لا يوجد للسلطة الفلسطينية أي قرار في القدس”.
وتستشهد بخاري باتفاقية أوسلو للسلام (1994) التي أرجأت ملف القدس المتنازع عليه إلى الحل النهائي.
خيار المقاطعة
يشير استطلاع للرأي أجراه المركز الفلسطيني للبحوث السياسية والمسحية ونشرت نتائجه في ديسمبر 2020، إلى أن 56 في المائة من الفلسطينيين يؤيدون إجراء الانتخابات، لكن 39 في المائة يرفضون إجراءها دون القدس الشرقية.
مع ذلك، سواء أجريت الانتخابات الفلسطينية في القدس أو منعت فإن بخاري، وهي موظفة سابقة في إحدى الجامعات المحلية، عازمة على مقاطعتها، وتتساءل: “من سأنتخب؟ أناسا كذبوا علينا ووعدونا بحل للوضع في القدس ولم يفعلوا شيئا؟”، وتضيف: “أنا اليوم غير مستعدة لإعطاء صوتي لأحد، القدس فلسطينية رغم أنف الجميع”.
في 2006، سمحت إسرائيل بإجراء الانتخابات التشريعية في القدس الشرقية وفتحت فيها ستة مراكز اقتراع في أماكن متفرقة.
حينها، شاركت بخاري (54 عاما) في الانتخابات لأنه كان لديها “أمل”، وقالت: “توقعت أن يقدموا شيئا لكن إسرائيل استمرت في تهويد التعليم وهدم المنازل وسحب الهويات، والسلطة لم تدعم أحدا”.
وترفض دويات أيضا المشاركة في حال أتيحت لها الفرصة، إذ إن حقها في المشاركة في الانتخابات الفلسطينية يسقط بسبب حصولها على الجنسية الإسرائيلية، وتقول: “لا لن أشارك، لا تعني لي شيئا، ماذا سأستفيد بشكل شخصي؟ لن تفيدني”.
ويرجح عودة أن تتراجع السلطة الفلسطينية عن إجراء الانتخابات، وقد تستخدم منع إجرائها في القدس حجة لذلك، خاصة أن العلاقات بين الفصيلين الرئيسيين فتح وحماس يشوبها توتر حذر، ويضيف: “ستقول السلطة لقد فكرنا في إجراء الانتخابات لكن إسرائيل منعتها في القدس”.