مما لا شك فيه أن الجميع عاش هذه السنة بشكل استثنائي بسبب وباء عالمي لفيروس كوفيد 19 والذي كانت له تأثيرات سلبية في مجالات عديدة شملت كل مناطق العالم دون استثناء.
لقد طرحت أزمة هذا الوباء تساؤلات عديدة حول نجاعة السياسة الصحية ببلدنا وهل فعلا لذينا سياسة صحية واضحة أم لا زلنا ننهج السياسات الفردية والموسمية دون خطًةً واضحة وناجعة؟
هذا سؤال أطرحه دائما لكون هذا القطاع هو قطاع له خصوصيات، وبحكم هذه الخصوصيات لا بد أن نعمل من أجل وضع مخطط له استمرارية قابل لتصحيح والتطوير من حيث المنهجية، لكن له بعد استراتيجي لا بد من احترامه رغم تغيير المسؤول مهما كان خطه السياسي.
أعتقد اليوم أننا مقبلون على نموذج تنموي جديد، نموذج دعا له صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، مهندس المغرب الحديث، والذي يحمل أملا كبيرا لكل المغاربة، ومن خلاله نسعى أن يكون هذا النقاش الذي طرح اليوم على الساحة حول الصحة مع أزمة كورونا قد فرض نفسه كذلك على معالم هذا النموذج، والذي لا بد أن ترافقه إرادة سياسية حقيقية لإنجاح هذا التحدي من أجل إعطاء نفس جديد لهذا القطاع في مغرب الغد.
نعم، الارادة السياسية هي ركن من أركان نجاح هذا الورش، تتمثل هذه الإرادة من جهة في انخراط الفاعل السياسي في إبداع تصورات وطرحها للنقاش، لكي تكون مساهمة جماعية حول قطاع يخصنا جميعا وخاصة أنه لا أحد منا غني عن خدمات المستشفى سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ومن جهة أخرى بين الجرأة السياسية لاتخاذ قرارات حاسمة للقطع بين حقبة الماضي والانفتاح على حقبة المستقبل، بكل عزيمة وإرادة ووضع قطاع الصحة على قمة جدول الأولويات، باعتباره ضمانة لمواجهة الأوبئة، وضمانة لتحقيق الاستقرار والحفاظ على المجتمع والاقتصاد، حيث يمكن اعتباره اليوم بين أهم ركائز استقرار الدولة والحفاظ على أنشطتها الاقتصادية المختلفة.
وهنا أتمنى من جل الهيئات السياسة الانخراط في هذا العمل إعداد تصورها ومناقشته بين هذه الهيئات، ولا بد أن أعبر هنا على افتخاري بانتمائي لحزب التجمع الوطني للأحرار والذي وضع كهيئة سياسية هذا القطاع في صلب الاهتمام، حيث هناك دائما دعوة متواصلة لرئاسة الحزب وقيادته لهيئته القطاعية “منظمة مهنيي الصحة التجمعيين”، لخلق دينامية عمل بالانفتاح على جميع المتدخلين في هذا القطاع وكذا المواطنين من خلال المبادرات الميدانية التي يقوم بها الحزب في كل جهات المغرب، من خلال هياكلها الوطنية والجهوية لبلورة رؤية شاملة وواقعية، وبذلك تعد تجربة منفردة في الحقل السياسي من حيث الاهتمام السياسي لقيادة حزبية بقطاع يعاني قلة الاهتمام من طرف الفاعلين السياسيين منذ سنين.
خلاصة هذه السنة المنفردة، هي أن قطاع الصحة أصبح قطاعا ينتظر ثورة حقيقية بتعزيز الحكامة ورد الاعتبار للعنصر البشري، وإعادة الثقة ثلاثية الأطراف بين المواطن ومهنيي الصحة والقطاع المسير، إنجاح ورش التغطية الصحية إلى جانب أمور عديدة أخرى وجب التعبئة بشكل جماعي من أجل إنجاحها.
هذا القطاع هو قطاع الجميع وبالتالي المسؤولية تعود لنا جميعا من أجل النهوض به كفاعلين سياسيين، كمهنيي الصحة وكمواطنين كذلك، وذلك لضمان مرفق صحي عند حسن ظن الأجيال الصاعدة، التي تستحق منا الاجتهاد والانخراط لتغيير مجرى المياه نحو التنمية والازدهار الذي نطمح له جميعا.