أصدر الكاتب محمد جبور، ابن مدينة ميسور، كتابا حول “الزجل الميسوري”، وهو عبارة عن توثيق وجمع لهذا التراث الشفوي الذي اشتهرت به مدينة ميسور الواقعة في النفوذ الترابي لإقليم بولمان.

ويقع الكتاب في 353 صفحة، وهو منجز بمبادرة شخصية من طرف الكاتب الذي يهتم بالتراث المحلي، حيث سبق أن أصدر كتاب “ميسور الأرض والإنسان” سنة 2018 وثق فيه بالصورة معالم وتراث وثقافة هذه المنطقة في السبعينات والثمانينات من القرن العشرين، و”حكايات وأحاجي من التراث الشفوي بميسور” سنة 2019.

وبحسب الكتاب، فالزجل الميسوري شعر شفهي بالدارجة أنتج بميسور ومحيطها في موطن أولاد خاوة من مشارف أوطاط الحاج إلى تخوم قصابي ملوية، وهو شعر يتكون غالبا من بيت شعري واحد أو بيتين كحد أقصى.

ومحليا يسمى الشعر الميسوري بـ”الحُرف” أو “لڭطيع”، فيقال إن فلان “كيڭطع” بمعنى أنه شخص ينظم الشعر وينسج الكلام الموزون والمقفى.

وأوضح جبور أن “الاقتصار على نظم بيت شعري واحد أو بيتين لا يعني أن الناس لم يكونوا ينظمون القصائد”، مشيرا إلى أن الذاكرة المحلية تشهد بعكس ذلك؛ إذ يزخر الموروث الشفوي برصيد وفير من القصائد المطولة القديمة، من ضمنها قصائد الشيخ عمر وبعده الشيخ بن دحمان والشيخ السي حاد.

وذكر الباحث في مقدمة كتابه أن “فن الزجل بميسور علامة مضيئة في ثقافتنا المحلية ومظهر من مظاهر البهجة والفرح بالحياة ضداً على ثقافة الجمود والتزمت، وهو بحر شاسع وكم هائل تصعب الإحاطة به والإلمام به كله، نظراً لشساعته وامتداده وتعدد الناظمين الرواة”.

وبحسب المؤلف، ظل فن الغناء بميسور لمدة طويلة يعتمد على الدفوف لوحدها إلى درجة أن زف العروس إلى بيت عريسها كان يتم على ظهر الفرس ترافقه أصوات الغناء وإيقاع “البندير” فقط، أما “الڭصبة” و”الغيطة” فهما أدوات موسيقية دخيلة على التراث الموسيقي بميسور.

وذكر جبور أن من يُحاول جمع شعر الزجل الميسوري اليوم يلاحظ أن كل الرواة يتجهون أولاً إلى سرد قصائد متحفظة أو ذات ملامح دينية ويتجنبون ما فوق ذلك، حيث يمتنعون عن سرد قصائد الغزل والحديث عن أوصاف المحبوب، وربط ذلك بتأثير نزعة محافظة غير مألوفة أو بسبب تأويل وهابي ضيق انغرس بشدة في المجتمع الميسوري، والشيء نفسه بالنسبة للقصائد ذات المضامين السياسية المنتقدة.

وأبرز المؤلف أن موضوع الزجل بميسور لم يحظ بما يستحقه من اهتمام جمعاً ودراسة، وقال: “حينما انطلقت في جمع التراث الزجلي بميسور، لم أكن أستصغر المجهود المتطلب لإنجاز هذه العملية (…) إلا أنني لم أكن أتوقع أنها ستتحول إلى ما يشبه تحقيقاً للقصائد والأبيات يفترض تدقيقاً في المفردات والتعابير وبحثاً في سياقات المعاني”.

وكشف المهتم بجمع التراث المحلي والتنقيب في الذاكرة الجماعية بمدينة ميسور أن إنجاز هذا الكتاب بدأ فيه مطلع شهر ماي من سنة 2019 واستغرق مدة إنجاز بلغت حوالي 18 شهراً، بمعدل يومي للعمل يتراوح بين 2 إلى 4 ساعات.

ومن ضمن ما ورد في الكتاب:

سقْصي من تادلة إيل (إلى) لبْحر وزيد عليها سكان

وملوية ك تْدير تنحصر وهي الصايلة في الوديان

كاع الجبال بانُو وجبل ميسور بان لو غير الرّاس

تمّا لغزال راه ساكن يحسن عونك يا الغادي ترّاس

ميسور أيا ميسور خوج وتفاح

تم النعناع البلدي كيداوي لجْراح

اللي بغا لفلاحة يْغَبّر ويدير كل الشروط

لا يڭابلش الجمايع يَحْرَد كْسيه ياكلوهم لحيوط

hespress.com