يعرف العالم تغييرات كبيرة وغير مسبوقة على مستوى آليات الاتصال والتواصل. تتمثل هذه التغييرات في تسارع الانتقال الرقمي على كل مستويات الحياة اليومية للأفراد وللمجتمعات. يعود هذا التطور العميق والمتسارع إلى تطور تكنولوجيات النقل والاتصال بالصوت والصورة. كما يرجع، وبالأساس، إلى تطور إمكانات جمع وتخزين توزيع وتقاسم واستغلال المعلومات من كل الأصناف والأنواع والأشكال. وستبلغ هذه القدرات الإنسانية، بفضل التقدم التكنولوجي قريبا جدا، قمتها بفتح آفاق اللامحدود من الأبعاد والاحتمالات في هذا التواصل والتعامل مع المعلومة. يمكن القول بأن جائحة “كوفيد 19” سرَّعت هذا الانتقال بشكل لم يكن مخططا له.

من جهة أخرى

تعاظمت سيطرة كبريات الشركات العالمية، (غافام: Google, Amazon, Facebook, Apple and Microsoft)، بموازاة انتقال انتشار الشركات المماثلة الصينية، من المستوى المحلي إلى المستوى العالمي للانتشار والفعالية والتأثير.

لنعد قليلا إلى الوراء

لم يُنهِ أي شكل تواصلي وتعبيري جديد وجود الكتاب، ولا ضرورة الموسيقى، ولا جدوى الرقص، ولا دور الفرجة الشعبية؛ بل نسّق بينها وخلق منها صيغة إبداعية جديدة. كذلك لم يُلغِ التّلفزيونُ المَسرحَ، ولا الكِتابَ، ولا غيرهما؛ بل منحهما آفاقا أخرى للتطور وللتحقُّقِ بشكل مختلف. جاء العالم الرقمي، وقيل إنه ستقضي على التّشكِيلِ والرّوايةِ والتلفزيون والسِّينما. فما الذي حدث وسيحدث بالتأكيد؟

تطورت إنجازات العالم الرقمي وشركاته التي ابتدأت في الغالب بأحلام طلاب جامعيين، لتصبح فضاءات تجارية وخدماتية متعددة الجنسيات وعابرة للقارات. راكمت هذه الشركات المكتسبات، واتجهت صوب الاحتكار والسيطرة على سوق غير محدودة؛ وهو ما جعلها عاملا سياسيا في التنافس والحروب المعلنة والخفية بين الدول العظمى، الولايات المتحدة والأمريكية والصين وروسيا على وجه الخصوص.

تحديات قانونية وأخلاقية حركت النخب السياسية والفكرية والحقوقية عبر العالم تجاه نمو أخطبوط العالم الرقمي وشركاته الكبرى، فكانت الإجراءات محتشمة والتدابير التنظيمية غير ذات وقع كبير على هذا الأخطبوط. تمثلت أخطار هذه الأذرع الرقيمة، (من جهة أخرى المتميزة بالابتكار والتجديد وتطوير التواصل والاتصال وتمكين الجميع من المعلومات)، في احتكارها للقوة المالية والاقتصادية ولقاعدة البيانات عالميا، (كما هو الأمر بالنسبة لكل من Google, Facebook)، لا تقدر بثمن، وبتشجيعها على الاستهلاك دون مراعاة للبيئة ولانعكاسات ذلك على المتاجر الصغرى، (كما هو الأمر بالنسبة ل Amazon).

ناهيك عن الامتدادات السياسية لتوجهاتها من خلال الإعلانات، ومن خلال حجبها من عدمه للآراء والهاشتاغات والفيالق المنظمة التي تعبئها دول وجهات ومصالح معينة في الصراعات الجيوسياسية المختلفة.

أما عن البعد الثقافي لتدخلها فلا يخفى أن تحالف السمعي البصري والإلكترونيك من جهة، وغواية الأرباح العظيمة المستخلصة من التعامل مع سوق العامة العالمية وهي التي تعد بالملايير من الأفراد، فإن قانون السوق وما يريده يجعل مما هو تبسيطي وسطحي وتافه واستهلاكي ومؤقت السلعة الرئيسية للتداول التواصلي الجماهيري.

هكذا، تضررت الفنون والثقافات والفكر والمواقف والفلسفات والطروحات السياسية الرصينة والرفيعة لفائدة ما هو انفعالي وشوفيني ويميني ومتطرف، الذي يغزو المجتمعات ومنصات العالم الرقمي على الرغم من القرارات والإجراءات التي اتخذت والتي في طريقها لأن تتخذ حماية لتوازن للأجيال المقبلة.

القياصرة الجدد

الملاحظ أن أسياد العالم الرقمي، وهم على التوالي Sundar Pichai, Tim Cook, Mark Zuckerberg, Jeff Bezos and Bil Gates ، يملكون السلطة المدعمة بثروات قياسية وحضورا شديد القوة في السوق المالية وأسواق البورصة: فصاحب Amazon تعادل ثروته 112 مليار دولار بينما تعادل ثروة صاحب فيسبوك 71 مليار دولار، في الوقت الذي تقدر فيه ثروة صاحب مايكروسوفت بأكثر من 90 مليار دولار.

جائحة “كوفيد ـ 19” وتطوُّر الرّقمي

كل وسائل التواصل والاتصال المُرتبطة بطبيعَتِها بالإخبار وبالتثقيف وبالتسلية، في الوقت نفسه، تتطوَّر نحو الاندِماجِ في قُطبِية جديدة قِوامها وآلياتُها، التكنُولوجياتُ التّواصُلية الحاضرة والمُستقبلِية في بُعْدِها الشمولي المتعلق بالترابط والربط المُنتظر قريبا جدا، خاصة مع تقنية الجيل الخامس G5 للهاتف الخلوي والإنترنيت.

هذا مسار كائن ومتواصل، لكن جائحة “كوفيد ـ 19” سرَّعت الإيقاع ورفعته. سر التسريع آتٍ أساسا مما شكلته هذه الجائحة التي لا تشبه ما سبقها، هو ارتباطها بتسارع نمو وتطور الترابط ذاته في الحياة التكنولوجية التي تسم حياة البشر اليوم. يتعلق الأمر بمرحلة انتقال جذرية من مستوى للحياة اليومية الجماعية عالميا إلى مستوى مختلف يعرف ثورة عميقة في المفاهيم والمبادئ والقيم التي تنتظم العلاقات مع الذات ومع الآخر:

-الحضور الفيزيائي المُتعدد في الوقت نفسه، ضدا على المبادئ القبلية للعقل المنطقي الكلاسيكي وللبديهيات الكلاسيكية، التي كرستها نظرية المعرفة الفلسفية منذ أبي العقلانية روني ديكارت René Descartes وحتى نهاية القرن التاسع عشر،

-العلاقات المُتعددة في المكان وفي الزمان ضمن شبكات متوازية الوجود والفعالية الحقيقية على مستوى الافتراضي،

-الفعل المتعدد والمتناسل في تكثيف زمني آني مُوحَّد،

-المكانة المركزية للبصري بشكل غير مسبوق في التواصل عن بعد بكل أشكاله وأبعاده ونتائجه.

-تضاعف الإنتاج الثقافي البصري بتسارع مذهل جعل منه آلية تفرز ثقافة ولغة جديدان في ترتيب الأسبقيات بالنسبة لأسس الفيزيولوجية والنفسية والاجتماعية والسيميائية للغة.

مكانة تكنولوجية 5G في التحولات السوسيو-ثقافية والتواصلية

يتعلق الأمر بتقنية الموبايل 5G كما أشرنا إلى ذلك أعلاه والتي يدور حول نشرها وتفعيلها صراع شديد بين القطبين السياسيين الولايات المتحدة الأمريكية وجمهورية الصين.

يتعلق الأمر بالجيل الخامس من التواصل اللاسلكي للهاتف الخلوي والإنترنت بالتالي وكل ما يرتبط بشبكتها، قصد الاستجابة للنمو الكبير لقنوات التواصل في المجتمع المعاصر والمستقبلي.

سيؤدي تشغيل هذه التقنية الجديدة 5G إلى الرفع الكبير من طاقة تخزين المعلومات ومن سيولة تبادلها تحميلا وأرسالا واستقبالا بشكل غير مسبوق في السرعة والفعالية، كما أنه سيجعل إمكانية الاتصالات عبر الهاتف الخلوي غير محدودة تقريبا.
تعد هذه التقنية الجديدة التي تتسابق الدول لامتلاكها وتشغيلها بثورة اقتصادية ترفع الإنتاج الاقتصادي العالمي بما يقارب 12.000 مليار دولار حسب الخبراء، وبخلق 22 مليون وظيفة، ناهيك عن منح الاقتصاد العالمي قدرات جديدة وفتح أبواب أوسع للابتكار.

تتجاوز تقنية الجيل الخامس ترابط الناس فيما بينهم والأشياء فيما بينها، إلى ترابط الناس والأشياء بشكل دقيق وشامل معا، في نسقية غير مسبوقة تطرح بعمق ضرورة إعادة النظر بشكل واسع في مفاهيم مثل: الحقوق وحقوق التأليف والمواطنة والحرية والقانون والقيم الكونية عموما، وكذلك الحميمية الفردية والديمقراطية والاختلاف والتعايش والتسامح والتربية والاستلاب والفردانية والأخلاقيات والمجتمع والدولة أساسا.
يعيش العالم تحولا جذريا ثقافيا وحضاريا لا مثيل له إذاً، حتى الجائحات تطورت نتيجةً لهذا التشابك التواصلي الذي يُعتبر مدُّه المُستقبلي دليل على تغيُّرِ مفهوم الزمكان، الذي أسسه كشرط للمعرفة والإدراك الفيلسوف الألماني إيمانويل كانط Emmanuel Kant”، صاحب “نقد العقل الخالص”، وصاغه في ثنائية مندمجة عالم الفيزياء والرياضيات والفيلسوف الإبستيمولوجي ألبرت آينشتاين Albert Einstein.

من كونية الوعي الملتزم إلى الكونية الإلزامية

يقرن الفيلسوف إمانويل كانط Emmanuel Kant مفهوم الواجب الأخلاقي الحر بالالتزام الطوعي الوعي للإنسان؛ ذلك ما يمنح الإنسان “قيمة داخلية مطلقة”. ويقرن الفيلسوف ذاته الإلزام القهري والمفروض من خارج الفرد بقوة القانون والعقاب، بالقيمة الخارجية النفعية.

يماثل الأمر هنا الكونية التي يعيشها الفرد، (نخبة محدودة في الواقع)، وهو داخل In العالم الرقمي عن وعي، وهو وجود نوعا ما نتيجة لالتزام يعي المميزات التقنية والأبعاد النفسية والاجتماعية والثقافية والسياسية لهذا العالم عليه وعلى النسيج الاجتماعي الذي يعيش فيه، مقابل الأغلبية الساحقة من المواطنين الذين وجدوا أنفسهم كونيين دون اختيار.

نعتبر انْخِرَاط هذه الأغلبية السّاحقة في فضاءات العالم الرقمي انخراطا دون وعي بالبعد الإرادي والحر لهذا الوجود، ودون تقدير لعواقب وفوائد التواجد فيه والانغِمَاس في فضاءاته متعددة المستويات، التي تجعلهم مستهلكين مُفرِطِي الانسِياق وراء “البائعين المِلْحَاحِين” لكل شيء بما فيه الوهم والهجين والتبسيطي بل والمزيف من الإنتاجات والمعلومات والأفكار والمواقف.

نؤكد أن الكَونيّة لم تعُد اختيارا مع هذا الترابط التكنولوجي القسري، بل غدت قَدَراً للجميع عبر العالم. هكذا، أصبح التحدي بالنسبة للأفراد كما للجماعات معها كالتالي: إما أن تكون داخلها In وإلا فإنك خارجها Out بكل ما يعنيه الفرق بين الداخل والخارج في ارتباطه بأن تكون فاعلا أو مفعولا به. إنه منطق الثقافة البصرية ودراساتها التي لم تعد تقتصر على التراث الإنساني الذي أرخ لكبريات الإمبراطوريات، والسلطات الثيوقراطية القديمة، كما وثق للأديان ولرمزيها وطقوسها وتراتبيات السلط في أنساقها، نخص بالذكر هنا المسيحية أساسا، بل انتقلت اليوم مع منظريها المعاصرين، ومنهم نيكولاس ميرزويف Nicolas Mirzoeff، حيث السينما والتلفزيون والفوتوغرافيا وفنون الشارع وغيرها أصبحت من روافد وثائق للتحليل والنقد والدراسة. ستعني الكينونة بالداخل In الوعي بالترابط والإمساك بناصية الحميمة والحق والحرية للإبحار في هذا الداخل صيانة للثقافي المحلي وللجذور الإنسانية وللهوية الإنسانية في طابعها الكوني وفي تعددها وغناها. وستعني الكينونة خارج Out الانجراف مع تيار المسخ والتهجين والتسطيح والوعي المُزيَّفِ كما حددته اجتهادات الفلسفات الاشتراكية مع كارل ماركس Karl Marx وتلاه من المنظرين اليساريين أمثال Karl Kautsky، Antonio Gramsci، Georges Lucacs، Theodore Adorno، Max Horkheimer…

بين التواصل الرقمي وصناعة المحتوى

تقوم السينما، (بطبيعة منتوجها/الفيلم وما يتطلب من هدوء وتركيز في الفرجة)، بأدوار تواصلية جماهيرية عميقة التأثير وإن كانت تبدو بعيدة عن لعب هذا الدور. يعتقد الكثير من الخبراء والدارسين بأن التلفزيون يحوز البطولة في هذا السياق؛ لكننا نعتقد بأن العالم الرقمي اليوم، على وجه الخصوص، يستأثر بتأثير أقوى من خلال شبكات التواصل الاجتماعي من جهة، ومن خلال صناعة المحتوى متعددة الأشكال والأنواع، على اليوتيوب YouTube خاصة. إلا أن الانتشار الواسع لثقافة المُسطَّح والجاهِز والنَّمطي والعابِر والانفِعالي والمثير والعنيف والشهواني في الغالب الأعم، وبالهجين المُتَشبِّه بالثَّوري وبالرَّافِض وبالسَّاعي إلى التَّغيِير في القليل من الحالات، يجعل من صناعة المُحتوى بؤرة قوة ونشر لمعلومات ولأفكار ولتصورات تتلون بطبيعة سوق تكنولوجيات هذا التواصل الرقمي الجديد.

هكذا، أصبح فضاء التواصل الاجتماعي الجماهيري اليوم مركز استقطاب للشباب خاصة، يطرح نفسه كبديل لكل وسائل الإخبار والتثقيف والتربية والتسلية التقليدية ومنها الكتاب خاصة، والجريدة والمجلة، التي كان فعل الكتابة في حد ذاته يجعلها ذات بعد نقدي وتخييلي وجمالي ينمي الفكر ويهذب السلوك ويعمق التفكير على كل حال.

يختلف المكتوب جذريا عن الشفاهي. ولعل تاريخ ظهور المعرفة النقدية يشهد على ذلك منذ اليونان القديمة وما قبله، حيث انتظم التفكير العقلاني مع انتشار التعليم ومحاربة الأمية.

إذا أخذنا بعين الاعتبار، في صناعة المحتوى وغوايته الميركنتيلية، صيغة الرِّبح “القِمارِيَّة” الطَّابع والمُطابقة لنِسبة الرِّبح الوهمية المُوهِمَة باحتمالات تحققه، (بينما هي أبعد ما يكون عن الاحتمال في آليات نُظُمِ اليانصيب حيث يربح واحد من مئات الملايين من اللاعبين الانتحاريين)، فإننا سنتبين بعضا من أسباب تفوق هذه الوسائل التواصلية الجماهيرية اليوم في “السيطرة” على ساحة النقاش العمومي، وعلى قوة التأثير، أحيانا، على القرار السياسي ذاته.

تتقوى هذه الإمكانيات التي تحوزها وسائل التواصل الجماهيري أكثر في المجتمعات المفتقدة لإستراتيجيات للتعامل معها براغماتيا، وتحويل زخمها إلى طاقة حقيقية في توجيه صناعة الرأي العام واتجاهاته وتوجهاته.

مجال التواصل الجماهيري وسلطة التفاهة والتضليل

يبيع العالم الافتراضي، بمنطقه التجاري النفعي العامِّي، الغارق في تسليع التَّفاهة والتبسيطية، يبيع الوهمَ أكثر مِمَّا يبيعُ أدواتٍ بيداغوجية عملية للتكيُّفِ مع قسوة الواقع المعيش وفظاظته؛ ذلك ما يستغله المُتطرفون والإرهابيون والمنغلقون وسماسرة الثقافة والفن والسياسة ومرتزقتها، لاستقطاب ضحاياهم: شباب، بصفة خاصة، أدمنوا الإنترنيت هروبا من واقع مُعاكسٍ لرغباتهم، يتميزون بوعي محدُودٍ وشبه منعدم بالفرق بين الواقع والوهم الذي يقدمه العالم الافتراضي، ناهيك عن تربية ضعيفة فيما تلقنه من مهارات في التفكير وقيم للسلوك ووعي بالمدنية المعاصرة وتحدياتها ورهاناتها. هكذا، تكون نتيجة الإدمان على الإنترنيت مزيد من الإحباط والخيبة والفشل، والإحساس بالعزلة التي يُكرِّسُها التواجد في العالم الافتراضي أكثر لدى مدمنيه، فهو يقطع صلتهم بالآخرين الأقرب والأعز وحتى الأغرب، الذين لا استحسان اجتماعي ولا تكيف مريح للأنا دونهم بلغة علم النفس.

القيم الإنسانية في مواجهة الترابط الشامل

سنلاحظ إذا تتبعنا مسار تطور وانتشار التعاطي مع العالم الافتراضي الرقمي النجاح الكاسح الذي اكتسبه مغيرا الطرق التقليدية للتفكير وللتثقيف وللتسلية وللعلائقي بصفة عامة. سنلاحظ مكامن القوة في تواصل الحركات الإجرامية والإرهابية، خاصة مع الشباب، أن الاشتغال في فضاءات التواصل الجماهيري بمنطق التكنولوجيات السمعية البصرية سابقة الذِّكر، وما يربطها بالمكبوت والاستيهامي، المرتبط بخيبات قسوة الواقع التي هي نتيجة لضُعف في القدرة على التكيُّف أحيانا، ونتيجة لسياسات عمومية أفرزت ضحايا كُثر لقسوتها وللامبالاة تكنوقراطييها بالبعدين الثقافي والإنساني لخططهم التنموية المالية والاقتصادية والتجارية أساسا.

يفتح كل ما سبق الباب مترعا لأساليب وخطابات تعتمد أساسا: المُسطَّح والجاهِز والنَّمطي والعابِر والانفِعالي والمثير والعنيف والشهواني في الغالب الأعم، وبالهجين المُتَشبِّه بالثَّوري وبالرَّافِض وبالسَّاعي للتَّغيِير… لتستقطب الأضعف والأكثر قربا إلى الأمية والجهل، على الرغم من توفرهم على درجات ممكنة من التعلُّمِ النمطي التلقيني. كما تستقطب المُحبَطين والناقمين والتائهين والعاطلين، عن العمل وعن التفكير معا، لمزيد من تضليل الوعي والدفع بهم كحطب لمنظمات منحرفة عن قيم الإنسانية ومبادئ الاستقرار وحقوق الإنسان والحق في الاختلاف والتسامح والحرية.

هكذا، وضع التطور الرقمي وتسريع جائحة كوفيد19 المجتمع المعاصر دولا ونخبا أمام تحديات تحولات جديدة ومتناسلة الانعكاسات على الأوضاع الوطنية والدولية مختصرة في: تطور في مواجهة القيم الكونية. فهل تتحقق نبوءات أفلام سينمائية من الخيال العلمي، خاصة التي رسمت منذ الستينيات مع فيلم Star Trek، ومنذ الثمانينيات مع سلسلة أفلام Star Wars مستقبلا سوداويا لإنسانية لن يفنيها في نهاية المطاف سوى محيدها عن قيم الإنسان الأصلية والأصيلة؟

hespress.com