يصنف المغرب إلى جانب أغلب دول العالم العربي في قائمة الشعوب الأقل إقبالا على المطالعة، عكس غالبية الدول الغربية التي ظلت ومازالت تسيطر على المراتب المتقدمة في معدلات ساعات القراءة.

وأمام هذا التراجع المهول الذي سجله المغرب طيلة السنوات الماضية، ظهرت مؤخرا مجموعة من المبادرات على مواقع التواصل الاجتماعي يدعو من خلالها المشرفون مختلف الشرائح المجتمعية، وخصوصا فئة الشباب، إلى الإقبال على القراءة ومحاربة كل ما من شأنه المساهمة في العزوف عنها.

“كومي تكراي” باللهجة الحسانية، ومعناها الفصيح “قومي لتقرئي”، هي نموذج لواحدة من بين المبادرات الناجحة التي وفقت في مخاطبة حس القراءة لدى المرأة بالصحراء المغربية، وإذكاء روح التحدي بين نسوة جعلن من الكتاب رفيقا ومن القلم أنيسا.

صباح خطاري، مشرفة على المبادرة قالت في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية إن “كومي تكراي” خطوة ثقافية تهدف إلى النهوض بالمستوى المعرفي لدى المرأة عن طريق تشجيعها على الانفتاح على الكتاب وجعله عادة يومية، مع حثها على التعبير عن إبداعها الأدبي والفني في سياق موجه وصحيح، وكذا دحض الصورة النمطية عن المرأة الصحراوية بالخصوص.

وعن أصل الفكرة أوضحت خطاري أنها “كانت في البداية عبارة عن غيرة وإحساس بمشكل واضح لدى النساء الصحراويات، يتمثل في عدم وجود أروقة ومعارض للكتاب بالمستوى المطلوب؛ فضلا عن الصورة النمطية المتجذرة عن المرأة الصحراوية، كونها غير مهتمة بالثقافة والأدب، وهذا غير صحيح تماما بالنظر إلى الارتباط الوثيق الذي كان منذ الأزل بين الكتاب والمرأة بالصحراء، ولعل ما تزخر به المنطقة من أديبات وشاعرات خير دليل على ذلك”.

وتابعت المتحدثة ذاتها: “كخطوة ثانية ارتأت المبادرة في شخص رئيستها الزهرة آحمدناه أن تكون حاضرة على ‘السوشيال ميديا’ من خلال صفحة على موقع ‘فيسبوك’، كجس للنبض واستقطاب للمشاركات، وبعدها لقيت الفكرة إقبالا وانتشارا كبيرين في الأوساط الصحراوية، وصلت معه المجموعة إلى 4000 منخرطة، يتوزعن على كافة أقاليم الجنوب، غير أن مدن آسا وكلميم وطنطان السمارة العيون والداخلة تعتبر الأكثر دينامية”.

“بعد النجاح في عرض الفكرة افتراضيا كان لا بد من الاشتغال على أرض الواقع بفريق متكامل بعدة مدن في الجنوب، وكانت البداية بلقاءات مع كتاب وكاتبات محليين وإحياء الصلة مع القصص والروايات المحلية، وأيضا الاشتغال مع المنخرطات على أنشطة تشجع على القراءة والمناقشة وتحليل المعطيات، قبل أن يتم الانتقال إلى التواصل مع أدباء على صعيد المملكة بواسطة تقنية البث المباشر، في انتظار أن ننظم مستقبلا حفلات لتكريم الكتاب والقراء وورشات لمحو الأمية والتنمية الذاتية واللغات”، تورد صباح خطاري.

وبخصوص العراقيل التي تواجه “كومي تكراي” تقول خطاري إنها كثيرة ومتعددة وعلى رأسها انعدام فضاءات مفتوحة في وجه المنخرطات لتكوين مساحة خاصة بهن، فضلا عن بعض المشاكل الإدارية أثناء تنظيم اللقاءات، مستدركة: “لكننا رغم ذلك مصرات على الوصول، ومن سار على الدرب وصل”.

وختمت المتحدثة ذاتها تصريحها لهسبريس بالقول: “أؤكد للمرأة الصحراوية خاصة والمغربية عامة أنها مبدعة ولا يجب أن تطوي إبداعاتها في رفوف الخجل والنسيان، بل يجب أن تبرهن عن استحقاقها في هذا المجال بشكل عام، وأقول لها كوني أنت واتخذي شكلا خاصا بك، فالشعوب تتقدم عندما تتفنن المرأة في الأدب وتبدع في الفن”.

hespress.com