تماشيا مع رسالتها الهادفة إلى الارتقاء بمستوى الأبحاث الأكاديمية المعنية بتاريخ الفن في المنطقة والعالم، أعلنت مؤسسة الشارقة للفنون أسماء الفائزين بمنحة “نقطة لقاء” للنشر، وهم: علي الصافي، مخرج وفنان تشكيلي، وغابريلا نوغينت، مؤرخة فنية، ورضا مومني، قيّم ومؤرخ فني، والمجلّة الإلكترونيّة “هاكارا”.

ووَفق بيان للشارقة للفنون فقد اختير الفائزون من بين أكثر من 100 مشارَكة تقدمت للدعوة المفتوحة التي أعلنتها المؤسسة في غشت الماضي، وسيحصلون على ما مجموعه 27 ألف دولار أميركي لدعم إنتاج المشاريع البحثية التي تندرج تحت فئتي: المقالات الطويلة وإعادة طباعة المنشورات، وتركز على تاريخ الفن والممارسات الفنية والمحتوى النظري في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وجنوب آسيا.

وفي فئة المقالات الطويلة، يبحث علي الصافي في “الحلْقات” أحد تقاليد التّعبير بشمال إفريقيا، بوصفها شكلا من الأشكال السردية التجريبية المندثرة، معتمِدا في ذلك على أعمال ثلاثة مخرجين من رائدي المغرب العربي في مرحلة ما بعد الكولونيالية، وهم: المغربيّ أحمد البوعناني، والتونسيّ أحمد بنيس، والجزائريّ عز الدين مدور، وأفلامهم التي تفكك الخطاب الرسمي للتاريخ الاستعماري، بعد أن كانت مهمشة أو خاضعة للرقابة، وبقيت ضحية إهمال الجمهور على الصعيدين المحلي والدولي، وهي، على التّوالي: «الذاكرة 14» (1971)، و«محمدية» (1974)، و«كم أحبك» (1985).

من جهته يضع مقال غابريلا نوغينت أعمال الفنانة المصرية إنجي أفلاطون ضمن إطار عالمي أوسع في ضوء علاقتها مع فناني الجداريات المكسيكية ديفيد ألفارو سيكويروس، ودييغو ريفيرا، وخوسيه كليمنتي أروزكو، ولاسيما لقاؤها عام 1956 بسيكويروس الذي لفت انتباهها إلى الواقعية الاجتماعية.

ومن خلال معاينة أرشيف من المراسلات الشخصية، يتطلع هذا البحث، حَسَبَ المصدر نفسه، إلى “تسليط الضوء على تأثير الصداقة على تبني إنجي للغة الجداريات المكسيكية وفلسفتها في تناولها للوضع السياسي في مصر من جهة، وتحديها للنظرة الذكورية لدى فناني الجداريات تجاه العالم، والمتجذّرة في الحداثة الأوروبية من جهة ثانية”.

فيما يستكشف نص رضا مومني الإرث السياسي لمدرسة تونس (1943-1979) في تعزيز تأثير الحبيب بورقيبة ومكانته في الثقافة والتاريخ التونسيين. ويتحدى المقال السرد التاريخي السائد بأن مدرسة تونس قد عملت بصورة مستقلة عن الدولة، ويناقش بأن فنانيها المؤسسين كانوا على علاقة وثيقة بأول حكومة تونسية مستقلة، حيث تمتلئ لوحاتهم ومنحوتاتهم بأهم المباني الحداثية للحكومة الجديدة، وترسم بالتالي معالم المشاهد العمرانية للأمة، وتخلق أيقنةً مميزة في خدمة أول نظام مستقل فيها.

أما في فئة إعادة طباعة المنشورات، فتعرض مجلة هاكارا الإلكترونية خارطة الحداثة الإقليمية في الهند على شكل قارئ الفنون البصرية، بحيث تجمع مقالات نقدية وقصص رحلات مصورة وندوات وصورا وكتابات سردية من أرشيف الدوريات الصادرة باللغة المراثية بين الأربعينيات والستينيات، ثم يقوم القارئ بترجمة ما بين عشرة واثني عشر نصاً تاريخياً صادراً بالمراثية إلى الإنجليزية، ويعرضها بجانب مقال تقديمي شارح.

وقد أجرى هذه الأبحاث على القارئ وقدمها كلّ من أشوتوش بوتدار، من جامعة فليم، بيون، ونوبور ديساي، من أرشيف الفن الآسيوي، نيودلهي، في محاولة لتقديم صيغ غنية وتمثيلية عن الحداثة من خلال استعراض احتمالات تقييمها مجدداً من منظور معاصر.

ومن المرتقب أن تستكمل المقالات الطويلة الثلاث، ومشروع إعادة الطباعة، خلال السنة القادمة، وأن تنشرها مؤسسة الشارقة للفنون، وتعرضها في النسخ المقبلة من معرض الكتاب الفني “نقطة لقاء”.

hespress.com