في بعض قرى إقليم الفقيه بن صالح، لا يحتاج المرء إلى السؤال عن أحوال الأهالي لمعرفة ظروف عيشهم؛ فكما يمكن تلمس بعض الجهود المبذولة على أرض الواقع، يمكن كذلك الوقوف على الفضاءات والأمكنة التي تتراءى من خلالها صور التهميش والبؤس وآثار الزمن القاسي على الأسر الهشة، ضحايا الفقر والوعود الانتخابية الزائفة.

دوار دراعو واحد من هذه القرى، تتجرع فيه حوالي 500 أسرة مرارة عيش مؤلم رغم مئات الوعود التي تعهد مهندسو الانتخابات بتحقيقها دون أن ترى الطريق إلى التنفيذ، ما يزيد من حدة منسوب احتقان الساكنة تجاه المنتخبين، بحسب ما جاء في تصريحات متطابقة.

بوعرفة إدريس، من قاطني دوار دراعو، قال بلغة بسيطة مشحونة باليأس: “الظلم كثير في هذه البلاد؛ فرغم حجم الوعود لم يتحقق أي شيء. هناك أرامل وشباب عاطلون عن العمل، وهناك من لم يستطع حتى شراء علبة أسبرين لتسكين الحمى. فباستثناء سقاية في رأس الدوار وبضع لوحات للطاقة الشمسية على مباني أسر متوسطة الدخل، يحتاج الحي إلى الكهرباء والصرف الصحي والماء الشروب”.

وقالت العلوي فاطمة، صوت نسوي من الدوار، في تصريح لهسبريس، “لا ندري إلى متى سيبقى واقع الحال على ما هو عليه. نحن أناس نخاف من فصل الشتاء بسبب الأوحال وتسرب المياه من سطوح البراريك إلى أفرشتنا، ونهاب من فصل الصيف جراء ارتفاع درجة الحرارة وشدة جحيم الميكا والقصدير… الوضع أسوأ والحياة باتت لا تطاق”.

وزادت: “نرغب في أن نمضي ما تبقى من حياتنا في ظروف إنسانية، حْنا مقهورين، وفي وسطنا أسر تموت بدل المرة ألفا، لأن مُعيليها لا يسعفهم الحظ في عمل يومي بالموْقفْ”، وهو المكان الذي تلجأ إليه اليد العاملة طلبا لعمل يومي.

وقال باهي الكبير، وهو من الساكنة المتضررة، “شخصيا أقطن في دوار دراعو قبل التسعينات، وإلى حدود اليوم ما زلت أقاوم هذه الظروف الصعبة على أمل أن يتحقق حلمي مع الجميع في سكن لائق. إننا نريد أن نحيا كباقي المغاربة بكرامة وبأبسط شروط العيش”.

وطالب إبراهيم رامي، القاطن بالدوار المذكور، المسؤولين بالقيام بزيارة ميدانية إلى عين المكان، والعمل على تنزيل وعودهم أو على الأقل السماح للسكان ببناء منازل كفيلة بنزع كابوس الزمن الغادر من قلوبهم، وقال: “هاد الناس نْساوْنا وْحْنا مازال عايْشينْ في القهرة وها الدليل”، مشيرا بأصبعه إلى “براكات” القصدير ومجرى المياه العادمة التي تخترق الأزقة.

وأضاف المتحدث أن “دوار دراعو يعاني من خصاص شامل على صعيد كل ما له علاقة بالبنية التحتية والتجهيزات الضرورية، رغم تواجده بمنطقة جغرافية تتميز بغنى وتنوع أنشطتها الفلاحية والاقتصادية”، مشيرا إلى أن هذا الواقع هو الذي تسبب في فقدان الثقة في المنتخبين الذين يقطعون صلتهم بالسكان فور الانتهاء من فرز الأصوات الانتخابية.

وفي تعبير صارخ عن اليأس من المنتخبين، كشفت تصريحات متطابقة لهسبريس عن الغضب الشديد من عدم ربط المسؤولية بالمحاسبة، وعبرت عن الأمل في مبادرة للدولة تحد من مشاهد البؤس وضنك العيش.

وقال محمد مبديع، رئيس المجلس الجماعي للفقيه بن صالح، إن المجلس قام بمجهودات في غاية الأهمية من أجل إنهاء معاناة ساكنة “ديور الصفيح”، مشيرا إلى أن “المشروع ليس بالسهل، خاصة وأن الأمر يتعلق بحوالي 500 أسرة في دوار دراعو”.

وأضاف رئيس المجلس، في تصريح لهسبريس، أنه وباقي الأعضاء وكافة المتدخلين من شركاء وسلطة محلية، يتفهمون الوضع الحرج الذي تعيشه هذه الأسر، مشددا على أن “الإجراءات والمساطر الإدارية كانت وراء تأخر المشروع الخاص بالقاطنين بالحي المذكور”.

وطمأن محمد مبديع ساكنة دوار دراعو، قائلا إن :”انطلاقة أشغال المشروع ستكون في غضون الأيام القليلة المقبلة، وما تم التعهد بشأنه لهذه الأسر البالغ عددها حوالي 500 أسرة سيرى النور قريبا”.

hespress.com